ترجمات عبرية

هآرتس: منظمة “رغافيم” تملي السياسات تجاه مناطق “ج” في الحكومة الإسرائيلية

هآرتس 2023-04-20، بقلم: هاجر شيزاف: منظمة “رغافيم” تملي السياسات تجاه مناطق “ج” في الحكومة الإسرائيلية

كان ذاك صباحاً بارداً، حيث وقف شاب يرتدي قبعة فوق تلة تطل على قريتي شقبا ورنتيس، وكان يحمل خارطة منقطة في يده. النقاط في الخارطة قريبة جدا من بعضها، وكانت بألوان مختلفة. الدليل واضح: تمثل كل نقطة مبنى فلسطينياً بُني بدون ترخيص. تمثل الألوان سنوات البناء، ولكن بالنسبة للشخص الذي كان يمسك الخارطة، مركّز “يهودا” و”السامرة” في جمعية “رغافيم”، مينش شموئيلي، فإن هذه ليست مجرد خارطة بناء، بل أيضا خارطة طرق. في نهاية هذه الطرق يوجد تجسد لحلم الجمعية اليمينية خاصته، التي وجدت لها، الآن، موطئ قدم في حكومة إسرائيل.

يبدو أنه لا يجب بذل جهد كبير من أجل أن تصطدم في أروقة الكنيست وبين مكاتب الوزراء بمن تربى في هذه الجمعية التي تدير حرباً ضروساً ضد البناء الفلسطيني في “المناطق”. كبير ممثليها هو بتسلئيل سموتريتش، المسؤول أيضا عن الإدارة المدنية في وزارة الدفاع. وهو حلقة وصل قوية في هذه الحالة. اسم آخر هو يهودا إلياهو، أحد مؤسسي جمعية “رغافيم”، وأيضا الشخص الموثوق به. ولكن هكذا لم تنته قائمة الاحتلال لممثلي “رغافيم”. يخيم زيك، المدير السابق لنشاطات الجمعية، هو الآن رئيس مكتب وزير النقب والجليل، اسحق فيسرلاوف. وساريا ديمسكي، الذي يشغل منصب رئيس مكتب سموتريتش، كان حتى الفترة الأخيرة عضو لجنة في هذه الجمعية.

عندما تكون هذه هي الحال فيبدو أن كل ما يحدث في هذه الجمعية يتعلق أيضا بجدول أعمال الحكومة. خذ مثلا وثيقة “خط المحراث”، وهي خطة لوقف سيطرة الفلسطينيين على المناطق المفتوحة في “يهودا” و”السامرة”، والتي وزعت على السياسيين قبل الانتخابات وترسم استراتيجية “رغافيم” فيما يتعلق بالضفة الغربية. تشمل هذه الوثيقة عدة توصيات للحكومة الجديدة، جزء منها أيضا وجد طريقه إلى الاتفاق الائتلافي مع الصهيونية الدينية. مثلا، قرار حكومي بفتح “المعركة على المناطق المفتوحة” (تعبير جديد مغسول لمناطق ج)، وتسريع عملية المصادقة على خطط البناء في المستوطنات، وإجراء إحصاء سكاني للعرب في الضفة.

إذا كان هناك نقص في الإثباتات لاختراق “رغافيم” للخطط الحكومية، عندها فإن الاتفاقات الائتلافية تشمل أيضا اعلاما أخرى رفعتها الجمعية على طول السنين. على سبيل المثال، التماس قدمته في السابق “رغافيم” من اجل إلغاء قانون يمنع بيع الأراضي لليهود في الضفة ترجم إلى وعد بأن يتم تنفيذ تعديلات بهذا الشأن في التشريع العسكري.

لكن “رغافيم” لا تنظر فقط إلى الأمام، إلى ما سيكون بالإمكان فعله، بل هي أيضا تتفاخر بما سبق وعملته في السنوات الأخيرة، وهو بمثابة الدليل الأفضل للطريقة التي بها يتم تنفيذ الخط الذي تتبعه. قائمة جزئية من بين هذه الأعمال تشمل هدم مدرسة فلسطينية أقيمت داخل منطقة تدريب، وتحويل إخلاء الخان الأحمر إلى قضية مركزية لليمين، وهدم “مبان فاخرة ضخمة أقيمت في منطقة استراتيجية في شرق “غوش عتصيون”، وتغيير إجراءات إنفاذ القانون من قبل الإدارة المدنية فيما يتعلق بهدم بيوت فلسطينية”. تفاخر آخر لهذه الجمعية وجد تعبيره في الكراسة التي نشرتها على قراء “مصدر أول” وفيها الاحتفال بقرار المحكمة السماح بإخلاء مسافر يطا، رغم أن الجمعية لم تكن طرفاً في الالتماس في هذا الشأن.

هناك نص آخر نشر في السنة الأخيرة هو كتاب ألفه مدير عام “رغافيم”، مئير دويتش، بعنوان “بدوستان”، من إصدار المطبعة اليمينية “سيلع مئير”، الذي يشكل الإنتاج الرئيسي للانشغال الكثيف لهذه الجمعية بالنقب. هذا ليس انشغالا جديدا تماما. ففي فترة الحكومة السابقة عملت “رغافيم” على وضع العقبات أمام تأهيل قرى للبدو، بالأساس ليس في “المناطق” التي يوجدون فيها الآن.

لكن أساس النشاطات هو الضفة الغربية. من هنا فإن حقيقة أن سموتريتش مسؤول، الآن، ضمن أمور أخرى، عن وحدة الرقابة في الإدارة المدنية أمر جوهري، وأن الإدارة التي يقف إلياهو على رأسها هي المسؤولة عن شرعنة البؤر الاستيطانية وعن مشروع نقل صلاحيات الإدارة من الجيش إلى الوزارات الحكومية؛ وهي خطوة اعتبرت في العالم ضماً فعلياً للضفة. 12 تعديلاً وعدت بها الإدارة في الاتفاقات الائتلافية، لكن حتى الآن صودق فقط على 4 منها. ليس من المؤكد أن هذا الرقم هو نهائي.

بيت ممنوع، بيت مسموح

قبل الدخول إلى أراضي قرية شقبا في سيارة دفع رباعي، يهتم شموئيلي بتغطية قبعته بقبعة اكبر. في شقبا شرح أنه بنيت عشرات المباني غير القانونية. هذه بالطبع منطقة “ج” فيها إسرائيل مسؤولة عن المصادقة على بناء الفلسطينيين (الأمر الذي لا يحدث تقريبا). وهو يشير إلى بيت فاخر. “هذا المبنى لا يظهر في الصور الجوية من 2022″، أشار. بعد ذلك عبر عن موقفه تجاه ملعب جديد لكرة القدم أُقيم هناك، “هذا سيتسبب برغبة المزيد من الأشخاص في السكن إلى جانبه. “أنت تقول. ماذا في ذلك، هل ينقصهم مكان في مناطق (ب) و(أ)؟”.

هذا السؤال الدارج على لسان شموئيلي هو لب القصة. الافتراض بأن مناطق “ج” في الضفة الغربية ليست فلسطينية على الإطلاق، بل هي احتياط أراض لإسرائيل، وهي مناطق مخصصة للبؤر الاستيطانية والمستوطنات، أو “مناطق مفتوحة”، كما يقول التعريف الأخير لجمعية “رغافيم”. ليس عبثا أن غرست الجمعية في السنوات الأخيرة مفهوم “الصراع على مناطق (ج)”. الفكرة التي تقف من وراء هذا المفهوم، الذي اصبح دارجاً على ألسنة رجال الإدارة المدنية والحكومة، هو أن الفلسطينيين يطمحون إلى إقامة دولة بالفعل مع تواصل جغرافي بين جنين ونابلس ورام الله وأريحا عبر البناء وفلاحة الأراضي الزراعية وشق الطرق في مناطق “ج”، وأنه يجب محاربة ذلك. “يوجد في مناطق (أ) و(ب) مناطق غير مستغلة ويوجد لهم ما يكفي من الأراضي لـ 200 سنة أخرى”، قال المدير العام دويتش في رده على سؤال أين يمكن للفلسطينيين أن يبنوا، مع تجاهل الاكتظاظ الشديد في المناطق التي يدور الحديث عنها، وأيضا كون مناطق “ج” فلسطينية.

لكن شقبا ورنتيس مثال من بين عدة أمثلة على الحرب الضروس التي تدريها “رغافيم” ضد مبادرات البناء الفلسطينية. بين القريتين، شرح شموئيلي، توجد منطقة التدريب 203. ورغم أنها غير مستخدمة لأنها منطقة تدريب يحظر البناء فيها. المرحلة الأولى، يصف ما يراه مؤامرة فلسطينية لربط القرى، هي فتح طريق يربط بين القرى وإقامة بنى تحتية للكهرباء والمياه والمدارس وسط المنطقة أو إقامة حدائق ألعاب.

من اجل متابعة النشاطات الفلسطينية تنفذ الجمعية عملية متابعة في عدة مجالات. “رغافيم” يوجد لديها حوامات تمكنها من متابعة بناء الفلسطينيين بشكل متواصل حتى في الأماكن التي يصعب الوصول إليها. إضافة إلى ذلك، تشتري هذه الجمعية صورا جوية بين حين وآخر، ومن اجل تحليلها يوجد لديها عدد من الباحثين المختصين. وهناك بالطبع أيضا متابعة على الأرض. قال شموئيلي، إنه يتجول في أرجاء الضفة في سيارته ويتابع بنفسه التطورات التي تم إبلاغ الإدارة المدنية عنها في السابق، أو أنه يتابع المناطق التي تمت الإشارة إليها على اعتبار أنها مناطق بحاجة إلى متابعة. إذا اكتشف بناء “مشبوهاً” فإنه يقترب بسيارته كي يشاهد إذا كان يمكن رؤية آثار لتمويل اجنبي.

شموئيلي (28 سنة) هو من سكان قرية سلوان، شرقي القدس. في الجولة التي قام بها لصالح الصحيفة قبل شهرين تقريبا رافقته أيضا المتحدثة باسم الجمعية، تمار سكروئيل، وهي من سكان “كريات اربع”. تشير الجمعية برضا، حيث تجري 10 – 20 جولة في الشهر للمراسلين والسياسيين. البناء ليس الأمر الوحيد الذي تتابعه الجمعية. محطة أخرى في الزيارة هي مشاهدة إقامة مزرعة للألواح الشمسية قرب قرية دير أبو مشعل. هناك شرح شموئيلي بأن “الحديث يدور عن جهود لإقامة دولة فلسطينية”.

درة تاج أخرى في الحملة هي موقع فيه مزارعون فلسطينيون ارتبطوا بشكل مرتجل مع البنى التحتية لمياه “مكوروت”، وهذا ارتباط تم قطعه بعد أن أبلغ ممثلو “رغافيم” عنه. قبل نهاية الجولة، اطلق شموئيلي حوامة من اجل أن نرى إحراقاً للقمامة في قلب منطقة يصعب الوصول إليها بالسيارة.

حوامات “رغافيم” ليست وحيدة. في السنوات الأخيرة تشغل المجالس الإقليمية للمستوطنات “أقساماً أرضية”، تقوم هي أيضا بالرقابة والإبلاغ عن بناء ونشاطات فلسطينية. هذه الأقسام، التي تعمل بالتعاون مع “رغافيم”، تقول الجمعية، إنها ساعدت في إقامتها حصلت على دفعة قوية في فترة الحكومة السابقة التي خصصت لهم نحو 20 مليون شيكل. مؤخرا، نشرت وزارة الاستيطان نشرة جديدة كتب فيها أنها ستخصص 40 مليون شيكل من اجل دعم هذه الأقسام.

إبلاغ الإدارة المدنية هدفه واحد وهو إحباط البناء الفلسطيني في مهده. هذا يعمل. “يوجد لـ(رغافيم) تأثير آخذ في التزايد”، قال مصدر رفيع في الإدارة المدنية للصحيفة، “هذه عملية يمكن فيها أن نرى كيف أن تأثير منظمات أوروبية أو سفراء حل محله مع الوقت تأثير (رغافيم) التي تهتم بعرض الأمور بشكل أحادي الجانب. هذا جسم هو في الحقيقة يشرف على الإدارة المدنية”.

جميع أعضاء الإدارة المدنية الذين تحدثوا مع الصحيفة أكدوا على أن تأثير “رغافيم” ازداد مقابل انخفاض تأثير منظمات اليسار مثل حركة “السلام الآن” أو “يوجد حكم”. أيضا ثمة انخفاض في تأثير الدبلوماسيين الذين يعملون في القضية الفلسطينية وفي المساعدات الإنسانية في مناطق “ج”. هذا الأمر مرتبط بالطبع بصعود قوة اليمين الاستيطاني في السياسة. وكان هذا حتى قبل الانتخابات الأخيرة.
حسب أقوال المصدر ذاته في الإدارة المدنية فإنه عندما يتوجه رجال (رغافيم) “هذا يثير ردا، ليس دائما بالرغبة بل بالقوة، بأنه عندما يوجد لديك طلب فيجب عليك أن تتعامل معه. يتمثل التأثير الفعلي في أن وسائل عمل فلسطينية ستصادر أو سيصدر أمر هدم للمبنى. الشخص الذي عمل في السابق في مكتب المستشار القانوني للجيش الإسرائيلي قال، إنه إذا كانت الشكاوى قبل “رغافيم” بخصوص البناء الفلسطيني قليلة وتأتي من أشخاص مختلفين فهي الآن شكاوى منهجية. فالمنظومة تشعر بأن هناك يدا توجهها.

مصدر عمل في الإدارة قال، إن احد مسارات التأثير على عملها هو بوساطة لجان في الكنيست. “هناك عرضوا أموراً مخالفة لموقف الإدارة بشكل متحيز جدا”. يتذكر. “في الكنيست قيل بصورة صارخة من قبل موتي يوغف (عضو الكنيست السابق من “البيت اليهودي”) بأن (رغافيم) هي ضابط العمليات للجنة الخارجية والأمن”. وحسب قوله فإنه في أعقاب الضغط على الكنيست فقد تم إرساله لجلب بيانات من المصدر. هذا أمر يستنزف الوقت. “عندما يصدرون تقريراً يجب عليك التعامل معه، وتتلقى استجوابا من سياسي أو عسكري لماذا مكتوب هذا وذاك. هذا بالتأكيد جذب الاهتمام إلى مكان آخر وتحول إلى خطاب”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى