ترجمات عبرية

هآرتس: مقتل محمد التميمي عن عمر يناهز عامين ونصف بالنسبة للجيش الإسرائيلي هو خطأ في العنوان

هآرتس ٦-٦-٢٠٢٣، بقلم جدعون ليفي: مقتل محمد التميمي عن عمر يناهز عامين ونصف بالنسبة للجيش الإسرائيلي هو خطأ في العنوان

ما الذي سيقولونه لوالده بعد دقائق من تلقي النبأ الفظيع بأن ابنه مات متأثراً بجروحه؟ ما الذي يقولونه لوالد تم إطلاق النار على ابنه ومات أمام ناظريه على يد قناص من الجيش الإسرائيلي؟ ما الذي يقال لوالد شاهد إطلاق النار على سيارته وأسرع إلى إغلاق باب السيارة، ثم شاهد ابنه مستلقياً على جانبه في مقعد السيارة الخلفي وهو ينزف من رأسه الذي حفر فيه ثقباً جراء رصاصة بعد لحظة على وضعه في السيارة في الطريق إلى حفل عيد ميلاد؟ ما الذي نقوله لوالد في حالة صدمة ومصاب برصاصة أصابته في كتفه ويتألم وهو يقرأ آيات من القرآن وكأنه يستمر في الدعاء من أجل حياة ابنه، رغم أنه عرف الآن بأن احتمال بقائه على قيد الحياة بات ضعيفاً جداً وأن أحد أولاده قد مات؟

 في ظهيرة أمس، عندما جئنا إلى قرية النبي صالح، التقينا في البداية شهود عيان على حادثة إطلاق النار التي جرت مساء الخميس في القرية. قبل الساعة الثانية ظهراً بقليل، اتصلنا مع بيت والد الطفل الذي أصيب في الحادثة، وطلبنا الالتقاء معه. أبناء العائلة نصحونا بالقول: تعالوا بسرعة. “لا نعرف ما سيحدث”. بعد مرور فترة قصيرة، دخلنا إلى بيت جد الطفل محمد. خيم الصمت في الصالون الصغير، خرقته صرخة ألم. عرفنا على الفور بأن محمد قد مات.

محمد التميمي مات أمس بعد الظهر في غرفة العناية المركزة في قسم “سفرا” في مستشفى “تل هشومير”. كان عمره سنتين ونصف السنة. أمه والجدة كانتا بجانبه. تمكن الأب من زيارته أول أمس لبضع ساعات، ولكنه لم يستطع البقاء بسبب إصابته. 80 في المئة من دماغ محمد الصغير تضرر بسبب الرصاصة القاتلة التي انفجرت في رأسه وأحدثت فيه الفظائع. كان طفلاً شعره أشقر مثل معظم الأولاد في هذه القرية المميزة. هو مثلهم، ولد في هذه القرية – السجن، التي يجثم برج مراقبة محصن على مدخلها. أطلق القناص النار على رأس محمد من هذا البرج.

نشر الجيش الإسرائيلي أمس نتائج التحقيق الذي أجراه، وجاء فيه: “هذا تشخيص خاطئ”. القناصة أطلقوا النار بواسطة منظار إطلاق النار، لكنهم أخطأوا العنوان. ألم تتمكن مناظيرهم المتطورة من رؤية أنهم يطلقون النار على رأس طفل؟ ألم يروا الأب قبل لحظة من ذلك وهو يحمل محمد ويضعه على المقعد الخلفي في السيارة ويجلس على مقعد السائق؟ وأنه تم إطلاق النار عليه قبل ركوبه في السيارة؟ هل الخطأ في التشخيص يشمل أيضاً الخطأ في تقدير جيل العدو؟ هل عرف الجندي أو لم يعرف على من سيطلق النار؟ إذا كان لا يعرف فلماذا أطلق النار، وإذا كان يعرف فلماذا أطلق النار أيضاً؟

هيثم، الأب المصدوم، قال أمس بأنه لم يسمع أي صوت لإطلاق النار قبل إدخال محمد إلى سيارته الخاصة من نوع “سكودا”. وبذلك، هو يناقض رواية المتحدث بلسان الجيش؛ بأن كان هناك إطلاق نار قبل موت الطفل. ابن عمه، سامح التميمي، المهندس في الحاسوب من سان فرانسيسكو، والذي أتى لزيارة القرية، طرح أمس إمكانية أن من قتل محمد هو شخص مختل عقلياً. وإلا، أي جندي سوي يمكنه إطلاق النار على رأس طفل؟ تساءل العم القادم من أمريكا. سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس للنشر بأنه كان “إطلاق نار بالخطأ”. كيف يعرفون ذلك؟ هل كانوا هناك؟ هل شاهدوا ساحة الحادثة؟ يكفي أن المتحدث بلسان الجيش قد وجههم لقول ذلك.

 لكن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال أيضاً بأنه كان إطلاق نار قبل الحادثة، ولكنهم أهالي القرية لم يسمعوا شيئاً من هذا. في نهاية المطاف، لا توجد احتمالية لإخراج الأب الطفل الرضيع إلى السيارة لو كان هناك إطلاق نار في القرية. الأب والابن كانا في الطريق إلى القرية القريبة، دير نظام، لحضور الاحتفال بعيد ميلاد خالة الطفل. الأب هيثم الذي يعمل في فرن للكعك، أحضر كعكة لشقيقة زوجته من محل الحلويات الذي يعمل فيه. وبعد ذلك ذهب إلى البيت لأخذ أولاده. لحسن الحظ أن الابن الآخر أسامة، 8 سنوات، الذي لم يعرف أمس ما الذي حدث لأخيه، بقي في البيت.

أمس في الثانية والنصف ظهراً، جلس الأب الثاكل هيثم فيما شقيقه بمسح دموعه، وجلس والده العجوز أمامه بصمت. ظهر كأنه مقطوع عن الواقع الذي لم يعد يقوى عليه. تمتمة صلاة وبكاء مكبوت ونظرات تحدق في فضاء الغرفة. رويداً رويداً، بدأ المعزون يتدفقون. ورويداً رويداً، أدرك بأن ابنه محمد لن يحتفل بعد ذلك بعيد ميلاده الثالث. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى