ترجمات عبرية

هآرتس: مع المنطقة العازلة لا يعاد بناء دولة

هآرتس 8/10/2025، تسفي برئيلمع المنطقة العازلة لا يعاد بناء دولة

عندما سيعود المخطوفون وتتبين تفاصيل “الصفقة” التي يبحث فيها وفدا حماس وإسرائيل في مصر، فان السؤال الذي يغلي عليه الدم والذي ينبغي أن يطرح سيكون “لماذا لم يفعلوا هذا من قبل؟” قبل شهرين، نصف سنة وحتى سنة، حين كان بعض من المخطوفين ممن سيعودون في التوابيت لا يزالون على قيد الحياة. ووفقا للتقارير فان المباحثات تتركز على اقل من دزينة سجناء مؤبدين فلسطينيين “ثقيلين” – قتلوا عشرات اليهود، بعثوا بمخربين وفجروا عبوات – وعلى ترسيم مجال الانسحاب الإسرائيلي. هذه هي مرحلة ” البيع بالمفرق” في المفاوضات، والتي يريد فيها كل طرف ان يحقق شيئا ما آخر، ويظهر بانه لا يتنازل، يستعرض العضلات بعد ان سبق أن كان حسم في مباراة انزال الايدي. إذ لحظنا هي لم تكن بين إسرائيل وحماس بل بين نتنياهو وترامب – الذي قرر، بتأخير مجنون الوقوف الى جانب الجمهور الإسرائيلي.

نتنياهو، كما ينبغي الاعتراف ادار صراعا بطوليا امام خصم عنيد ومصمم. كانت لحظات خيل فيها بان هذا الخصم يوشك على الفوز وكان ينجح في حشر نتنياهو في زاوية الحبال في الحلبة، والتي يصعب النجاة منها. لكن في كل مرة أبدى رئيس الوزراء قدراته الهائلة، ذكاءه وكفاءاته التي اكتسبت على مدى سنوات من التدريب وجولات المعارك، وبحركات رقص مذهلة نجح في التملص من العناق الخانق للخصم.

اسم هذا الخصم ليس حماس ولا حتى ترامب. اسمه هو “الجمهور الإسرائيلي”. لقد نجح نتنياهو في أن يلقي به الى الأرضية في كل مرة بدا فيها ينهض على قدميه. الان ايضا، وربما بالذات الان حين يخيل أن كل شيء منتهِ والجمهور يوشك على الفوز، ليحقق تطلعه للحصول على مخطوفيه، لينهي الحرب ويبدأ بإعادة تأهيل نفسه بعد سنتين من الخراب – مطلوب حذر متحفز ويقظة متوترة خشية أن تتحطم الصفقة لان نتنياهو سيحاول أن يبتز “صورة نصر” صغيرة أخرى ويرفض تحرير مروان البرغوثي، حسن سلامة، احمد سعدات، أربعة أو خمسة “رموز فلسطينيين” آخرين محكومين معا بعقوبات سجن بمئات السنين.

وممَ الخوف؟ أن يبعث هؤلاء السجناء الى الحياة حماس فيجتاحوا مرة أخرى بلدات إسرائيل؟ فـ “طوفان الأقصى” لم ينتظر تحريرهم كي يقتحم الاسيجة ويحتل بلدات الغلاف، وحسب نتنياهو، فان حماس سحقت منذ الان وصفيت بضع مرات. أم لعل مضاجعه تقض خوفا من أن يرفع هؤلاء السجناء، وبخاصة البرغوثي مع تحريره علم الثورة الوطنية الفلسطينية فيقيموا الدولة الفلسطينية التي نالت اعتراف العالم كله؟

غير أن هذا الخوف يشهد اكثر من أي شيء آخر على ان مكوثهم بالذات في السجن عظم أهمية ومكانة هؤلاء السجناء لدرجة اننا اذا تخلينا عنهم “سيقتطع” الإنجاز الهائل الذي حققناه في تصفية إسماعيل هنية، محمد ضيف ويحيى السوار.

كاذبة ومضللة بقدر لا يقل هي المساومة على عمق الانسحاب وعلى عرض الشريط الفاصل، ذاك الشريط من الأرض المحروقة التي يفترض بها أن تحمل بلدات غلاف غزة من اجتياح جديد. فالسؤال ذي الصلة ليس اذا كان الشريط الفاصل سيحمي إسرائيل، بل هل كان مثل هذا الشريط الفاصل كان ينجح في حماية إسرائيل في 7 أكتوبر، حين كان الجيش، الشباك و “المستوى السياسي” كما يصفه نتنياهو، ينامون تغطيهم بطانية المفهوم المغلوط الدافئة، محميين بشريط فصل من العمى. فجيش متحفز وقيادة واعية لا تنشغل برؤى مسيحانية وبرعاية إجرامية لمنظمة إرهاب لا يحتاجون لحزام أمني بل لعيون ترى بوضوح.

دزينة سجناء فلسطينيين مهما كانوا “ثقيلين” وشريط فاصل واسع وفاخر ليسوا إنجازات ولا انتصارات، والتخلي عنهم ليس “ثمنا” تدفعه إسرائيل على تحرير المخطوفين. فالثمن الرهيب سبق لإسرائيل ان دفعته، وهو سيكون مضاعفا اذا لم تحصل على المقابل – 48 مخطوفيها، الذين فقط مع عودتهم يمكنها أن تبدأ بترميم نفسها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى