ترجمات عبرية

هآرتس: مسيرة الأعلام: لن نتراجع!

هآرتس 2022-06-04، بقلم: عومر بارليف

في مقال أسرة هيئة التحرير الذي نشر في “هآرتس” في صباح يوم مسيرة الأعلام في القدس، 29 أيار، كتب أنني لم أفعل “كل ما هو مطلوب من أجل منع اشتعال إقليمي زائد”.
أنا مسرور لأن القرار الحكيم والمتزن الذي اتخذته، وهو إجراء مسيرة الأعلام بصيغتها التقليدية وفي مسارها الثابت منذ أكثر من ثلاثين سنة، لم يؤدِ إلى “اشتعال إقليمي زائد”، وأن التقدير المبالغ فيه للمقال لم يتحقق.
لكن السؤال الحقيقي هو هل هدف المصادقة على المسيرة كان “ممارسة مستفزة لتفوق اليهود في الحي الإسلامي في شرق القدس”، مثلما كتب في السطور الأولى في المقال، أو أن الهدف كان الحفاظ على تراث استمر لعشرات السنين، حتى لو كان من يطبقونه في السنوات الأخيرة لا يوجدون في معسكري السياسي.
تذكير لمن نسي: في السنة الماضية تراجعت حكومة نتنياهو في اللحظة الأخيرة ولم تقم بإجراء مسيرة الأعلام في الإطار الثابت لها. هل هذا منع الاشتعال؟ لا. والنتيجة كانت إطلاق الصواريخ نحو القدس واندلاع عملية “حارس الأسوار”، وهي الأحداث التي مكنت حماس من الادعاء بأنه توجد علاقة مباشرة وإشكالية جدا بين المنظمة وبين القدس. تخيلوا ماذا كان سيحدث لو أننا خفنا في هذه السنة من تهديدات حماس وتراجعنا. حماس كانت ستستمر في محاولة قضم سياسة إسرائيل وتسمح لنفسها، عن طريق الاعتقاد بأننا سنتراجع أيضا هنا، بوضع المزيد من الطلبات المستفزة والخطيرة. أنا أسأل الكثير من المحتجين ضد هذا الادعاء، كيف كان يجب على الدولة التصرف لو أنه في أعقاب هذا التراجع استمرت حماس في التهديد.
على سبيل المثال، إذا لم يتم تغيير اسم شارع الجنرال حاييم بارليف (الذي يوجد في شرق المدينة) إلى اسم قائد عسكري مسلم فإنه سيندلع اشتعال إقليمي.
في نهاية المطاف لا توجد نهاية للخضوع. وفي السنة التي أتولى فيها منصب وزير الأمن الداخلي فقد تعلمت أنه مثلما لا توجد حدود للجريمة، أيضاً الابتزاز والتهديد من جهة التنظيمات الإرهابية لا يوجد لهما حدود، إلا إذا قمنا بوضع حدود واضحة أمامهم. لأن الذي لا يواجه هذه الظواهر في بدايتها فيجب عليه عدم الدهشة إذا أصبحت المواجهات في مرحلة متأخرة أصعب بكثير وأحياناً حتى غير محتملة.
في مقال آخر في العدد نفسه سمتني نوعا لنداو “الإسرائيلي المعتدل الذي لا يوجد له خيار”.
لكن الحقيقة هي أنه يوجد لي ولإسرائيليين كثيرين خيار. فقط الخيار في الفترة الحالية، للأسف، ليس ما أنا وبدرجة كبيرة لنداو، نطمح إليه، وهو “دولتان لشعبين. العيش معاً بسلام والآن”.
الخيار القائم هو خيار سيئ يتمثل بضم يهودا والسامرة بشكل رسمي أو غير رسمي، خيار استمرار البناء الكثيف في المستوطنات وبناء البؤر غير القانونية في المناطق، المس بالديمقراطية في إسرائيل وما شابه.
إضافة إلى ذلك الاختيار بين احتمالات سيئة، مثلما اقتبستني لنداو، هو على الأغلب يكون من ضرورات الواقع.
اقتحام المسجد الأقصى من أجل إخراج مئات المشاغبين والسماح بذلك لعشرات آلاف المسلمين بالصلاة دون إزعاج، أو عدم اقتحام المسجد وإبقاء مئات المحرضين داخله والأبواب مغلقة أمام عشرات آلاف المصلين، هذا خيار بين خيارين سيئين.
الواقع المعقد يضع على الأغلب أمام القائد الاختيار بين خيارين سيئين. ولكن في حالة مسيرة الأعلام فان الخيار كان أسهل بكثير، وهو مواصلة تطبيق تراث مضى عليه الكثير من السنوات رغم الخطر المنخفض الذي كان يكتنفه، وعدم وضع مسألة الشرعية أمام الاختبار، أو المس بالشرعية وقضم السيادة رغم أن تجربة الماضي من عهد نتنياهو أظهرت أنه لم يكن في هذا أي ضمانة لمنع “اشتعال إقليمي زائد”، بل العكس.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى