ترجمات عبرية

هآرتس–مسلسل مدرسة روابي للبنات يضع مرآة أمام المجتمع الاردني

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 23/8/2021

” مسلسل “مدرسة روابي للبنات” يمثل مرآة تعكس ما يحدث في المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع الاردني بشكل خاص. في أحد مشاهد المسلسل المؤثرة جدا تعالج المخرجة الشوملي بسكين حادة ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع العربي “.

مريم لم تعرف الى أي شرك دخلت. في بيان في الواتس اب، ثلاث بنات من صفها قمن باستدعائها للقدوم الى مكان توقف باص الطلاب القديم. اثناء بحثها عن بنات صفها اندفعن نحوها بقوة من الخلف وقمن بدفعها وضربها بشدة وركلها ورميها على حجر مسنن يوجد على الشارع. مريم (التي تمثلها اندريا طايع) فقدت الوعي ونزفت دماء كثيرة من رأسها. ولحسن حظها شاهدت فتاة اخرى الحادثة الفظيعة وقامت باستدعاء سيارة اسعاف وانقذت حياتها. 

هذا المشهد هو ذروة الفصل الاول في مسلسل نتفلكس الجديد “مدرسة روابي للبنات”، الذي اصبح مسلسل له شعبية كبيرة في الاردن وفي الدول العربية. يجب القول على الفور بأن هذا ليس مسلسل نموذجي، الذي هو من اخراج تيما الشوملي، التي كتبت ايضا المسلسل مع شيرين كمال، وهو يحتاج الى القليل من عملية الصقل، وهناك اخطاء صارخة واحيانا سخيفة في السيناريو، التمثيل غير مقنع ويعود بالاساس الى نقص خبرة الممثلات المهنية.

ولكن اهمية المسلسل الذي نجح في الحفاظ على التوتر وحب الاستطلاع تكمن في أنه يضع مرآة مصقولة امام المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع الاردني بشكل خاص. ويبدو أنه كان يمكن لهذا المسلسل القصير أن يتم اخراجه في أي دولة في العالم. عنف الطلاب ليس أمر يقتصر على المدارس العربية. عمليات الانتقام والمقاطعة والتنكيل والاستهزاء والاهانة، ملكات صفوف سيئات ووصيفات، كل ذلك اصبح ظاهرة منتشرة الى درجة أن الامر تقريبا لا يحتاج الى افلام. الوضع هو مرعب أكثر.

يبدو أنه فقط حقيقة أن الفيلم يتحدث بالعربية وموقعه ولافتات الشوارع والبناء المعماري، توضح أن الامر يتعلق بدولة عربية. في أي مكان لا يظهر علم الاردن أو صورة الملك. وفقط من يعرف عمان والمدرج الروماني والفنادق والجسر الذي يربط بين الاحياء فيها وبين حي عبدون الفاخر، يمكنه معرفة الدولة التي يتم الحديث عنها. 

هناك خاصية هامة اخرى تساعد على تشخيص المكان: الردود الغاضبة من المسلسل، الى درجة مطالبة نتفليكس بشطبه، وصلت بالاساس من الاردن. الشبكات الاجتماعية بدأت بمحاكمته من اليوم الاول. الانقسام كان شديد بين من قالوا إن “المسلسل لا يمثل القيم العربية والاردنية” وبين من قالوا إن المسلسل ضعيف جدا ولا يمثل بصورة قوية بما فيه الكفاية المشكلات التي تعاني منها الفتيات في المجتمع العربي.

“بنات روابي”، كما يقول نشيد المدرسة الخاصة التي تتعلم فيها بنات النخبة السياسية والاقتصادية في الاردن، “يطمحن في الوصول الى الذروة”. هن متميزات ولهن انجازات ويرتدين افضل الموضة الغربية ويقمن بالاستجمام بصورة جيدة وكأنهن في كلية امريكية. ولكن في اعماقهن تشتعل حرب مزدوجة. الاولى بين ثلاثي بنات الشواطيء– ليان (التي تمثل دورها نور طاهر)، هي ملكة الصف، التي بفضل المكانة الرفيعة لوالدها هي تستخف بتعليمات المدرسة وتهدد المديرة رانيا (جوانا عريدة) الحمراء، التي والدها الثري اعتاد على ضربها عندما يكون ثمل. ورقية (سلسبيل ادرياني) المحجبة – وبين البنات الأخريات اللواتي يتعرضن للتهديد منهن. الثانية هي بين “الملكات” وعائلاتهن، التي يسيطر فيها الآباء والاخوة، الذين يقومون باملاء “القيم الصحيحة”. الثراء الفاحش للاهل الذين يقودون السيارات الفاخرة ويعيشون في فيلات فخمة مقابل بؤس الخادمة سمية، التي يتم سحقها من قبل هؤلاء الفتيات، يعكس بشكل جيد الذريعة التي اشعلت في السنة الاخيرة مظاهرات الاحتجاج في الاردن ضد الفساد والبطالة والفجوة بين الـواحد في الالف الذين يسيطرون على معظم رؤوس الاموال ويمكنهم تمويل التعليم الخاص والباهظ لاولادهم وبين المواطنين الآخرين. 

الشوملي لم تترك أي آفة في المجتمع لم تقم بمعالجتها بصورة مكثفة جدا. وكمن تخاف أن لا يكفيها المجال لتوجيه كل سهامها، هي تعري سلطة الذكور المطلقة، وفي نفس الوقت نفاق الأمهات اللواتي يخفن من كلام الناس السيء اكثر من الندوب النفسية التي تصيب بناتهن. هي لم توفر سمومها عندما اوضحت بأنه حتى الجيل الشاب، العصري والمتقدم، من الرجال لا يختلف عن جيل الاجداد الأبوي. في أحد المشاهد المثيرة جدا في المسلسل تعالج الشوملي بسكين حادة ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع العربي. رحلة المدرسة تجلب بنات روابي الى موقع استجمام فاخر في الاردن، وهو مكان يخطط لتنفيذ الانتقام الشديد فيه من الذين قاموا بالتنكيل بمريم. احدى البنات “المنتقمات” وهي الطالبة نوف (راكين سعد)، المنعزلة في زاوية بركة السباحة تتم مفاجأتها من قبل رجل بالغ، الذي بدأ يمد يديه نحوها. نوف، التي اظهرت حتى تلك اللحظة “صوت مستقل، شابة تعرف الاصرار على ما تريد”، تحولت بمرة واحدة الى طفلة خائفة وعاجزة وتطلب منه الابتعاد عنها. ولكن الرجل لم يتوقف، وهي صرخت بشكل هستيري، الامر الذي جلب لمساعدتها ليس سوى “احدى الملكات” التي كانت حتى ذلك الحين هدف للانتقام. بالضبط هي التي صرخت على المتحرش وحاولت تهدئة نوف.

ولكن الشوملي لم تتوقف هنا. عندما سمعت نائبة المديرة، الآنسة عبير المحجبة، تفاصيل الحادثة فكل ما كان لديها لتقوله هو: “هو غير مذنب. ماذا كنتن تتوقعن عندما ترتدين بهذا الشكل؟”. ايضا “شرف العائلة” يتألق بكامل التنمر. ولكن ضرورة الحفاظ على التشويق تقتضي التوقف هنا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى