هآرتس: مستوطنون يهاجمون فلسطينيين في قطف الزيتون والجيش يقف جانبا

هآرتس 21/10/2025، متان غولان: مستوطنون يهاجمون فلسطينيين في قطف الزيتون والجيش يقف جانبا
شخص ملثم، رياضي البنية، كان يركض بين اشجار الزيتون في ترمس عيا وهو في حالة هياج مثل المجنون. الاهداب تتدلى من سترته وهو يمسك بعصا كبيرة. كان يركض نحو امرأة وقام بضربها بالعصا. هي انهارت وسقطت على الارض. مجموعة كبيرة من المستوطنين الملثمين كانت تركض على سفح التلة. احد الفلسطينيين الذي كان يسافر في سيارته وصادف وجوده هناك، نزل منها وهرب للنجاة بنفسه. السيارة اشتعلت وتصاعد منها الدخان الاسود. هذا فقط جزء من التوثيقات القاسية التي وصلت أول أمس من قرية ترمس عيا القريبة من رام الله. في هذه السنة أمل سكان القرية أن يستطيعوا قطف الزيتون بأمان، كما فعلوا لاجيال. ولكن كل ذلك كان في السابق. ايضا في هذه المرة خاب املهم وادركوا ان واقع السنوات الاخيرة مرة اخرى يكرر نفسه.
على الاقل 41 عملية اعتداء على الفلسطينيين على يد المستوطنين تم توثيقها حتى الآن في الضفة الغربية منذ بداية موسم قطف الزيتون الذي بدأ في بداية الشهر الحالي. في جمعية “يوجد حكم”، التي تجمع الشهادات، قالوا ان الامر يتعلق بقائمة جزئية. الاعتداءات تجري في مرات كثيرة امام انظار جنود الجيش الاسرائيلي الذين يتجاهلون ما يحدث.
الوقوف مكتوفي الايدي من قبل الجنود يعارض التعليمات المكتوبة والموقع عليها من قبل رئيس الادارة المدنية العميد هشام ابراهيم، التي نشرت في بداية شهر ايلول. حسب هذه التعليمات فان قوات الجيش يجب عليها “السماح بالوصول الى صاحب قطعة الارض، وضمن ذلك الشخص الذي يصل من قبله (اسرائيلي أو فلسطيني)، للدفاع عنهم من الاعتداءات والعمل ضد الجهات الاجرامية التي تريد منع ذلك”. وكتب ايضا انه يجب السماح لاصحاب الاراضي بالوصول الى اراضيهم طالما انه لم يتم التوقيع على أمر منطقة عسكرية مغلقة، وأنه في حالة حدوث احتكاك والخوف من حدوث عنف او اضرار بالامن، يجب العمل على منع دخول الجهة الغازية – المعتدية وليس صاحب الارض”. ايضا ابراهيم كتب انه “عندما يكون جندي من الجيش الاسرائيلي شاهد على ارتكاب جريمة من قبل اسرائيلي فان عليه القيام بنشاطات فورية لمعالجة منفذ الجريمة ومنعها، بما في ذلك اعتقال المشتبه فيه ونقله الى شرطة اسرائيل… الجندي غير مخول بالوقوف مكتوف الايدي في هذه الحالة، ويجب عليه التدخل لمنع الجريمة وضمان معالجة المجرم”.
اضافة الى هذه التعليمات فانه في شهر تموز الماضي منع الجيش الاسرائيلي وضع قناع في الاماكن العامة في الضفة الغربية. ورغم ذلك فانه في عدة مرات في الفترة الاخيرة تم توثيق ملثمين اسرائيليين وهم يهاجمون الفلسطينيين، في الوقت الذي كان فيه الى جانبهم مستوطنون مكشوفي الوجوه. الجنود الذين كانوا هناك لم يتدخلوا في الامر. في 10 تشرين الاول مثلا، جاء قاطفو زيتون فلسطينيين الى الحقول التي توجد بين بيتا واوصرين في منطقة نابلس، بمرافقة نشطاء آخرين. ماهر، وهو صاحب اراضي من بيتا، قال للصحيفة: “المستوطنون جاءوا وبدأوا في سرقة السلالم والفرش الذي نضعه على الارض لجمع الزيتون. قلت للجندي عن ذلك، لكنه لم يفعل أي شيء. في هذا الوقت احرق المستوطنون سيارة”. وحسب قوله فانه ما لا يقل عن 15 مستوطن، بعضهم ملثمين، قاموا بمطاردته وهو وآخرين ورشقوهم بالحجارة. بعد ذلك قال ماهر بان الجنود اطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين. “الجيش ببساطة يقوم بحماية المستوطنين، ولم يفعل أي شيء لهم”، قال ماهر واضاف. “في نفس اليوم اعلن الجيش حظر التجول ولم يستطع أي احد الاقتراب من حقله. الزيتون مهم للاعالة، وضعنا سيء جدا”.
ايضا ناشطة حقوق الانسان ع. كانت في المكان. وحسب قولها فان قوات الجيش الاسرائيلي حددت المناطق التي سمح بقطف الزيتون فيها. المزارعون امتثلوا للتعليمات. ولكن المستوطنين الذين نزلوا الى الحقول بدأوا في الاحتكاك معهم ورشقوهم بالحجارة. من توثيقات في هذه المرحلة ظهر جنود الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود وهم يحاولون الفصل بين القاطفين وبين مجموعة كبيرة من المستوطنين. في توثيق آخر شوهد كيف ان المستوطنين يقفون براحة وراء الجنود، وهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع على قاطفي الزيتون.
في هذه المرحلة، قالت ع.، طلب الجنود من قاطفي الزيتون المغادرة. هم قالوا لهم: “انتم ترون انه قد بدأت فوضى. ولم يعد بالامكان مواصلة القطف. نحن قلنا: لسنا نحن من نعمل الفوضى. وخلال ذلك شاهدنا المستوطنين وهم يقومون باحراق سيارة”. حسب اقوالها القوات سارعت الى نقطة الحريق، ولكن ايضا في حينه لم يعتقلوا المستوطنين. “فجأة وصل 30 مستوطن ملثم وهم يحملون الحجارة، قالت ع.، هربنا ركضا وبقيت لوحدي. فجأة وصل مستوطن ملثم وهو يحمل حجر، انا هربت في سفح الجبل المنحدر وتدحرجت الى اسفل وكسرت اضلاعي ومرفقي واصيب معصمي. المستوطن اقترب مني واراد رشقي بالحجر، ولم يكن امامي مكان لاهرب اليه. وقد عرفت انه بعد لحظة يمكن ان اموت. عندها بدأت بالتحدث معه لانقاذ نفسي. هل انت يهودية؟ سألني ربما عشرين مرة. انا لن امس بك، انت يهودية، قال لي”.
بعد ذلك، قالت ع.، المستوطن منع اصدقاءه من المس بها الى ان جاءت قوة للجيش الاسرائيلي، قام زملاؤها باستدعائها، وانقذتها. في رد الجيش على هذه الحادثة التي تطورت الى رشق الحجارة المتبادل، لم يتم قول أي شيء بان الحادثة بدأت بمهاجمة المستوطنين لقاطفي الزيتون. في الرد جاء ان “قوات الجيش التي وصلت الى المكان عملت على تفريق الاحتكاك. وقد استخدمت وسائل تفريق المظاهرات واطلقت النار في الهواء لابعادهم، وتم اطلاق النار نحو محرض فلسطيني وتم تشخيص اصابة. وتم الاعلان عن المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة لتفريق الاحتكاك. استمرار معالجة الحادثة نقلت الى شرطة اسرائيل. نحن نعرف عن الادعاء بانه اثناء الاحتكاك اصيب عدد من المواطنين الاسرائيليين والفلسطينيين باصابات مختلفة”.
المفهوم السائد في الجيش الاسرائيلي، “احتكاك”، يدل على تناسب بين الطرفين. ولكن حسب تعليمات الجيش فان اصحاب الحقول يعتبرون اصحاب حق في الوصول، في حين ان من يحاولون منعهم من التواجد في اراضيهم يعتبر هو المعتدي. هكذا كان الامر ايضا في دير عمار في الاسبوع الماضي. في حينه جاء نشطاء “صوت الهي لحقوق الانسان” واعضاء جمعية “نقف معا” لمساعدة المزارعين الفلسطينيين في قطف الزيتون. بأثر رجعي قال الجيش في رده بانه عمل على “تفريق الاحتكاك” وانه “تم الاعلان عن منطقة عسكرية مغلقة”. ولكن الصور تظهر كيف ان المستوطنين يرشقون قاطفي الزيتون بالحجارة في محاولة لجعلهم يهربون. قوات الامن التي كانت في المنطقة وثقت وهي تتحرك بتكاسل نحو المهاجمين في الوقت الذي واصل فيه هؤلاء رشق الحجارة. هذا رغم التعليمات المكتوبة التي تنص على ان “الجندي غير مخول بالوقوف مكتوف الايدي”، وان عليه حماية قاطفي الزيتون ويحتجز المهاجمين الى حين قدوم الشرطة”.
النشطاء قالوا ان قوات الشرطة ايضا التي تواجدت هناك لم تعمل ضد المعتدين. في توثيقات اخرى تتم مشاهدة المستوطنين الذين رشقوا الحجارة وهم يتجولون بجانب الجنود الذين يحيطون بقاطفي الزيتون. واحدهم قال وهو بجانب الجنود بأن النشطاء يساعدون “العدو”.
اضافة الى ذلك يظهر في الصورة جندي وهو يطرد فلسطيني مسن في الوقت الذي فيه يوجد مستوطن ملثم مع القوة التي تفصل بين قاطفي الزيتون والاشجار.
في رد الجيش كتب: “في الحالات التي كان فيها ازعاج لموسم قطف الزيتون، اعطيت تعليمات لقوات الجيش باتخاذ الخطوات المطلوبة من اجل السماح باستمرار القطف بدون ازعاج. الجيش الاسرائيلي يتعاون مع شرطة اسرائيل من اجل تطبيق القانون، بدءا بالاسرائيليين الذين يشاركون في مثل هذه الاحداث. الجيش الاسرائيلي يدين بشدة العنف من كل نوع، الذي يحرف انتباه القادة والجنود عن الانشغال بمهمتهم – الحماية ومكافحة الارهاب”.