هآرتس: مسؤولة كبيرة في الاونروا: آلية المساعدات الإنسانية في القطاع ستنهار بدوننا

هآرتس 5/11/2024، نير حسون: مسؤولة كبيرة في الاونروا: آلية المساعدات الإنسانية في القطاع ستنهار بدوننا
“لا يوجد لدى اسرائيل أي بديل لنشاطات الاونروا في القطاع، ووقف عملها يمكن أن يؤدي الى الانهيار الكامل لآلية نقل المساعدات الانسانية الى مليوني شخص من سكان القطاع”، هذا ما حذرت منه مديرة الاعلام في الاونروا جولييت توما في مقابلة مع “هآرتس”. وزارة الخارجية اعلنت أمس عن نية الغاء الاتفاق بين دولة اسرائيل والامم المتحدة من العام 1967، الذي يعتبر الاساس القانون لعمل الاونروا في قطاع غزة وفي القدس وفي الضفة الغربية. في البيان كتب أنه فقط 13 في المئة من المساعدات التي يتم ادخالها الى القطاع تنقل عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة، لكنهم في الوكالة قالوا إن وزارة الخارجية لا تعرف آلية كيفية نقل المساعدات، وأن الاونروا فقط هي التي تستطيع توزيع المساعدات في ارجاء القطاع.
الاونروا تشغل العدد الاكبر من العاملين في قطاع غزة، الذي وصل الى 13 ألف موظف قبل الحرب، معظمهم معلمون، والآن يبلغ عددهم 5 آلاف – بعضهم حسب الوكالة عملهم ضروري لمنع كارثة انسانية في القطاع. منظمات مساعدات اخرى تعتمد على قدرة الوكالة على نقل المساعدات التي تشتريها، وعلى التنسيق بين الاجسام المختلفة التي تعمل في القطاع. “يوجد لدينا اطباء وممرضات وممرضين وسائقين وطواقم تقنية وما شابه، هذه تشبه الحكومة المصغرة. فكيف سيتم استبدال ذلك، بالذات اثناء حرب وحشية؟”، تساءلت توما.
منذ بداية الحرب وفرت الاونروا الغذاء لـ 1.9 مليون مواطن في القطاع، وفي عياداتها سجل حوالي 6 ملايين زيارة. في منشآت الاونروا يعيش منذ بداية الحرب مئات آلاف اللاجئين – هي توفر مأوى لعدد اكبر من الغزيين اكثر من أي منظمة اخرى في القطاع. ولأنها وكالة تابعة للامم المتحدة فان منشآت اللاجئين التابعة للاونروا تحظى بحماية الامم المتحدة، التي بفضلها يجب على اسرائيل الامتناع عن المس بها – هذه الحماية مثل ادارة هذه المنشآت سيتم فقدانها عند اغلاق الوكالة. الموظفون في الوكالة هم الذين قاموا بتطعيم بالفعل 600 ألف طفل في القطاع ضد شلل الاطفال، والوكالة هي المنظمة الوحيدة التي تنقل الوقود للنشاطات الانسانية في القطاع.
قبل الحرب شغلت الاونروا منظومة التعليم الاكبر في القطاع، التي تعلم فيها حوالي نصف اطفال القطاع. ولكن هذه هي السنة الدراسية الثانية على التوالي التي لا يتم فيها التعليم في القطاع، وتقريبا فقط 50 ألف طالب يأتون الى مراكز التعليم التي تشغلها اليونسيف. “اذا حدث وقف لاطلاق النار فماذا سيكون مصير هؤلاء الاطفال؟ من سيوفر التعليم لهم؟ هل السلطة الفلسطينية التي لا تنجح في دفع روتب المعلمين لديها؟ ببساطة لا يمكن استبدال الاونروا”، قالت توما. الاونروا ايضا تشغل بعض المدارس في شرقي القدس والضفة الغربية التي يتعلم فيها حوالي 50 ألف طالب.
في الوقت الذي يقولون فيه في اسرائيل بأن مدارس الاونروا تقوم بالتحريض أوضحت توما بأن الكتب التعليمية في مدارس الوكالة تشبه الكتب التي يتم تعليمها في مدارس السلطة الفلسطينية. “فقط نحن لدينا يجب تطبيق مباديء الامم المتحدة، لذلك فان مدارسنا هي الوحيدة التي تعلم حقوق الانسان وقرارات الامم المتحدة فيما يتعلق بالسلام في منطقة الشرق الاوسط. وهناك اسطورة اخرى يجب تفنيدها وهي أننا نعمل بصورة وثيقة مع حماس. منظومتنا هوجمت من قبل حماس بسبب المواد التي نعلمها”، قالت توما.
حسب اقوال توما فان الجمهور الاسرائيلي سقط ضحية حملة نشر معلومات كاذبة عن هذه المنظمة كجزء من محاولة متعمدة لتصويرها بأنها غير شرعية. في الاونروا يقولون إن اسرائيل نقلت في الاشهر الاولى للحرب ادلة على أن 18 موظف في هذه المنظمة كانت لهم علاقة بالمذبحة في 7 اكتوبر أو بحماس أو بتنظيمات مسلحة اخرى. ولكن نحن نذكر بأنه يعمل في هذه الوكالة آلاف العاملين. في اشهر الصيف ارسلت اسرائيل قائمة تشمل 100 اسم آخر للعاملين في الوكالة والمرتبطين بحماس، ولكنهم في الاونروا يقولون بأنه لم يتم عرض أي ادلة عليهم بخصوص هذه العلاقات.
“أنا اريد القول للجمهور في اسرائيل بأنه في نهاية المطاف يعيش في غزة بشر”، قالت توما. “على رأس سلم الاولويات يجب أن تكون ثلاثة امور – وقف اطلاق النار وتحرير جميع المخطوفين واعادة التموين للقطاع كما كان الامر قبل الحرب. هذه هي الامور المهمة وليس مقاطعة الاونروا. هناك افتراض بأنه اذا تم اغلاق الاونروا فعندها سنلغي اللجوء الفلسطيني. ولكن هذه رؤية ساذجة لا يوجد للاونروا أي تفويض لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مهمتها فقط هي توفير الخدمات لهم. اذا قمنا بوقف الخدمات الصحية والتعليمية لهم فلن تحل أي مشكلة. الحل يجب أن يكون من خلال المفاوضات السياسية”.
بعد ثلاثة اشهر يتوقع أن يدخل الى حيز التنفيذ قوانين تمت المصادقة عليها في الاسبوع الماضي. الاول هو وقف عمل الاونروا في غزة وفي الضفة الغربية وفي القدس. 92 عضو في الكنيست أيدوا القانون الذي يحظر عمل الاونروا في اسرائيل و10 اعضاء عارضوا ذلك. وحسب هذا القانون “الاونروا لن تشغل أي ممثلية ولن توفر أي خدمة ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في المناطق السيادية لدولة اسرائيل. المعنى هو أنه سيتم وقف عمل الوكالة في شرقي القدس، الذي تعمل فيه في مخيم شعفاط وتوفر للسكان هناك خدمة النظافة والتعليم والصحة وغيرها.
القانون الذي تمت المصادقة عليه يمكن أن يصعب ايضا على البنوك الاسرائيلية العمل مع الاونروا. موظفون كبار في الوكالة قالوا إنهم يخشون من أن القانون الذي تمت المصادقة عليه سيؤدي الى انهيار المنظومة الادارية للوكالة في الضفة وفي القطاع، بسبب الصعوبة في دفع الرواتب والدفع للمزودين الذي يتم من خلال بنك لئومي.
الكنيست صادقت في حينه على قانون آخر ضد الاونروا، الذي بحسبه يجب على أي سلطة في الدولة، بما في ذلك جهات واشخاص آخرين يشغلون وظائف عامة حسب القانون، عدم اجراء أي اتصال مع الاونروا أو أي جهة من قبلها. لذلك، قسم منسق اعمال الحكومة في المناطق سيضطر الى وقف عمله مع الاونروا. ايضا القانون ينص على أنه سيتم الغاء التسهيلات الضريبية والحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها الوكالة. 87 عضو كنيست صوتوا مع القانون و9 ضده.
في المجتمع الدولي يعتقدون أنه بعد الانتخابات في الولايات المتحدة سيستخدم ضغط سياسي على اسرائيل من اجل الامتناع عن اغلاق الوكالة. الحكومة البريطانية اعلنت في السابق بأن هذا القانون سيؤدي الى تشديد العقوبات ضد اسرائيل. رغم أن اغلبية ساحقة من اعضاء الكنيست صوتوا مع هذه القوانين إلا أن وزير الحكومة ووزير الخارجية لم يشاركا في التصويت في الكنيست. مصادر دبلوماسية في القدس تعتقد أنهما فعلا ذلك كي يستطيعان الادعاء أمام دول اخرى بأن القرار تم اتخاذه بضغط من اعضاء الكنيست وليس بدفع من الحكومة.