ترجمات عبرية

هآرتس: مدى صلابة الجيش الإسرائيلي أمام حكومة يسيطر عليها اليمين المتطرف

هآرتس 2023-05-31، بقلم: عاموس هرئيل: مدى صلابة الجيش الإسرائيلي أمام حكومة يسيطر عليها اليمين المتطرف

يعكس نقل المدرسة الدينية من تحت انقاض مستوطنة حومش الى أراضي دولة قربها خطوةً فضائحية لحكومة نتنياهو، التي أثارت في السابق ضدها الانتقاد الشديد في الساحة الدولية. ولكن الأهم هو أن الامر يتعلق بعملية غير قانونية تورطت فيها القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي. في السابق كانت هناك حالات أرسلت فيها هيئة الأركان العامة الحكومة إلى مستشارها القانوني كي يحسم قانونية خطواتها في “المناطق”. هذا ليس ما حدث، هذه المرة، فثمة صورة تثير القلق حول قدرة صمود الجيش أمام الحكومة، وهي لا تتوقف حتى عندما تكون الإشارة الضوئية حمراء.

بعد المصادقة على قانون الغاء الانفصال في الكنيست أصدر قائد المنطقة الوسطى، يهودا فوكس، بصفته المسؤول عن المنطقة، أمرا يلغي حظر إقامة مستوطنات في “المناطق” التي اخليت في شمال الضفة الغربية في العام 2005. ولكن في الوقت ذاته اصدر فوكس أمرا آخر سمح بأن يبقى منع الزيارة لبؤرة حومش ساري المفعول. الهدف من هذه الخطوة هو إعطاء الدولة والمستوطنين فترة لترتيب المكانة القانونية للمدرسة الدينية في المكان الجديد، على أراضي الدولة التي يرغب فيها المستوطنون. لذلك فان الأمر كان بحاجة الى المصادقة عبر طلب قدمته الادارة المدنية. المستشار القانوني في فرقة الضفة الغربية قال إنه بدون استكمال هذا الاجراء الذي يستغرق بضعة أشهر فإن المستوطنة ستبقى غير قانونية حتى لو كان الامر يتعلق بأراضي الدولة.

لكن صبر المستوطنين نفد. ففي الأسبوع الماضي استخدموا ضغطاً كبيراً على الجيش من أجل السماح بنقل المدرسة الدينية على الفور. صمم قائد المنطقة على أن الامر يتعلق بخطوة غير قانونية. “اذا ارادوا تطبيق هذا رغم ذلك فيجب أن أتسلم أمراً صريحاً من المستوى السياسي”، قال. استمرت النقاشات المحمومة في نهاية الاسبوع وبعدها. صدر الامر فجر أول من أمس، من مكتب وزير الدفاع، يوآف غالنت، لمكتب رئيس الاركان، هرتسي هليفي: يجب تمكين المستوطنين من اخلاء المباني غير الثابتة من المكان الحالي في حومش. تبين في الليل أن هذه المباني غير الثابتة تم نقلها الى اراضي الدولة بدون اذن قانوني. قام المستوطنون بتدشين الموقع الجديد وارسل الجيش الإسرائيلي في اعقابهم وحدة مشاة قامت بحمايتهم أيضا في المكان السابق غير القانوني.

لا ينعكس هذا التطور بصورة إيجابية على الجيش. صحيح أن الضباط طلبوا أمرا صريحا، لكنهم لم يشركوا في الأمر المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا. وطالبوا بأن تكون هي آخر شخص يبت في مسألة قانونية هذه الخطوة. في نهاية المطاف حتى لو أنه تحفظ إلا أن الجيش ساعد في خطوة غير قانونية. كان بإمكان الجيش القول “كفى”. ولكنه لم يقل ذلك.

هذا لا يبدو دليلاً على الصلابة المطلوبة، وبالتأكيد في هذه الفترة الحساسة في كل ما يتعلق بسيادة القانون. ومثلما كتب المقدم (احتياط) عومر دانيك، أول من أمس، وهو من سلاح الجو، فان ادعاء رئيس الأركان، هرتسي هليفي، في محادثاته مع الطيارين الذين انضموا للاحتجاج على الانقلاب النظامي، هو أنه في حالة الخلاف فانهم يمكن أن يثقوا بسلوكه حسب القانون. لم تقدم الاحداث في حومش أي دليل على ذلك.

عمل هليفي بشكل مثير للانطباع على جانبي الخلاف حول الانقلاب النظامي. فقد تجنب التصادم مباشرة مع منظمي الاحتجاج رغم أن بعضهم هددوا بعدم الخدمة في الاحتياط. وقام برن كل الاجراس من أجل التحذير من تداعيات الاحتجاج على الجيش الإسرائيلي. اجبر تحذيره هذا غالنت على الانضمام علنا للتحذير، وأجبر رئيس الحكومة نتنياهو على تجميد التشريع.

هذه إنجازات لا يمكن تجاهلها، وأحد نتائجها هو أنه منذ ذلك الحين فان هيئة الاركان العامة تسير على البيض أمام الحكومة. والمناطق التي يعمل فيها الجيش اصلا بين حين وآخر كامتداد خاضع للمستوى السياسي (عمليا للمستوطنين أيضا)، ليست هي الساحة التي تسارع فيها القيادة العليا لمحاربة السياسيين.

سموتريتش يستعرض القوة

تؤكد قضية حومش مرة اخرى على علاقات القوة الحقيقية في الحكومة، التي يسيطر عليها الحريديون واليمين المتطرف. الشخصان القويان في هذا الحدث هما رئيس المجلس الإقليمي شومرون، يوسي دغان، الذي يدفع من اجل القيام بهذه الخطوة، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يعطيه المظلة الحكومية. ربما يقضي سموتريتش يوما واحدا فقط في الاسبوع في مكتبه الثاني، كوزير في وزارة الدفاع، لكن هذا هو المكان الذي يغرق فيه حقاً (اذا حكمنا حسب أداء السوق مؤخراً فهذا هو المكان الوحيد الذي يمكنه فيه أن يعرض على ناخبيه الإنجازات).

الاقتباس الذي نشره ينيف كوفوفيتش، الأسبوع الماضي، في “هآرتس”، الذي يقول بأن سموتريتش يطمح الى توطين نحو نصف مليون يهودي إضافي في الضفة الغربية، يعكس رؤيته وطموحاته. ومن غير المفاجئ أن الوزير نظم في السابق جولات ميدانية في بؤرة حومش وبؤرة افيتار وفي مناطق من البناء غير القانوني الفلسطيني. ونقل المدرسة الدينية هو استعراض قوة لسموتريتش، والبناء غير قانوني على أراضي الدولة يوجد في المكان الأخير على سلم اولويات الإدارة المدنية. لذلك، يصعب التصديق بأن المدرسة الدينية سيتم اخلاؤها في أي يوم من موقعها الجديد، بالضبط مثلما حدث مع بؤر استيطانية غير قانونية اخرى.

قام المستوطنون بوضع الحقائق على الأرض. وربما أن السرعة التي عملوا فيها عكست تشككهم حول الولاية المتوقعة للحكومة الحالية.

مثلما في قضية الانقلاب فان نتنياهو حول نفسه بشكل متعمد الى رهينة لشركائه في الحكومة. وبهذا فقد خرق تعهدا صريحا للادارة الأميركية، وحصل، أول من أمس، على التوبيخ من وزارة الخارجية الأميركية. واذا لم تحدث في القريب انعطافة مفاجئة في ساحة اخرى فسنرى أن دعوة رئيس الحكومة الى البيت الابيض فقط سيتم تأجيلها.

قام نتنياهو بتكبيل نفسه بشكل كبير، حيث سيضطر الى السير قدما مع دغان وسموتريتش. وفي الطريق أضر بالجيش وأثبت بأنه في المنافسة بين غالنت وسموتريتش فان الأخير هو صاحب البيت الحقيقي فيما يتعلق بالاستيطان. كل هذه اثمان باهظة تقوم الحكومة بدفعها، وأضرارها كثيرة. ولكن هذه كانت نتيجة معروفة مسبقا لحكومة تم تشكيلها تحت ضغوط كبيرة، حيث يحلق فوق رأس نتنياهو خطر المحاكمة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى