ترجمات عبرية

هآرتس: محاولات تقديم القرابين في المسجد الأقصى تصبّ الوقود على النار المشتعلة

هآرتس 2023-04-07، بقلم: نير حسونمحاولات تقديم القرابين في المسجد الأقصى تصبّ الوقود على النار المشتعلة

أوقف أفراد من الشرطة، الاثنين الماضي، المركبة الخاصة برفائيل موريس، رئيس حركة «نعود إلى الحرم القدسي»، وهو من النشطاء البارزين في حركة «الهيكل»، وقام بتصوير الاعتقال. قال له الشرطي: «أُعلمك بأنك موقوف بشبهة الإخلال بالنظام العام». فسأله موريس: «أي نظام؟» فأجابه الشرطي: التخوُّف مما تنوي القيام به مستقبلاً. كان الشرطي محقاً. ما قام به موريس وأصدقاؤه هو فعلاً إخلال بالنظام العام، والسؤال الذي لا يزال من دون إجابة هو: هل كانت الشرطة تستطيع التصرف بصورة مختلفة، لمنع هذا التدهور؟

حتى الثلاثاء، الساعة 23:30 ليلاً، كان رمضان هذا العام هو الأكثر هدوءاً في المدينة منذ أعوام. مرّت الأيام التسعة الأولى من دون أي حدث يُذكر تقريباً، باستثناء مقتل محمد العصيبي، من سكان بلدة حورة، في المسجد الأقصى، خلال الأسبوع الماضي. سجّل عدد المصلين المسلمين في المسجد الأقصى أرقاماً قياسية، وتجمّع الآلاف في محيط باب العامود في كل ليلة، من دون مواجهات. بذلت الشرطة جهوداً كبيرة كي تبثّ للمجتمع الفلسطيني رسالة، مفادها أن أجواء رمضان مهمة بالنسبة إليها، وسمحت إسرائيل لعشرات آلاف المصلين من الضفة الغربية بالوصول إلى المسجد.

بدأ التشويش على هذه الأجواء المباركة خلال الأيام الأخيرة، بسبب الجهود المتزايدة التي يقوم بها نشطاء «الهيكل» لذبح حمل وتقديم قربان في ساحات المسجد الأقصى. بالنسبة إلى «النشطاء» اليهود، هذه هي الفريضة الأهم، وفي كل عام هناك مجموعة صغيرة، لكنها مصممة، تحاول الوصول مع حمل إلى ساحات المسجد بهدف التضحية به. هؤلاء النشطاء اليهود قاموا بكل ما يمكنهم القيام به لاستفزاز الفلسطينيين ودفعهم إلى الرد. نشروا إعلانات باللغة العربية، تتوجه إلى سكان الحي الإسلامي بطلب تأجيرهم مخبأ للحمل، ونشروا الإعلانات التي تعرض أموالاً على كل مَن يدخل بحمل ينوي التضحية به، ويُعتقل بسبب ذلك.

هذه الجهود ليست جديدة، بل تجري في كل عام. وفي كل مرة يتم اعتقال «النشطاء» والحمل قبل وصولهم إلى المسجد. وبالإضافة إلى موريس، الذي اعتُقل، الإثنين الماضي، تم اعتقال ناشطيْن آخرين، وأصدر قائد الجبهة الداخلية أمر إبعاد بحق ناشط آخر. صباح أول من أمس، تم القبض على نشطاء آخرين مع حمل عند مدخل حائط البُراق. وفي المجمل، منذ بداية الأسبوع، تم اعتقال 9 نشطاء بشبهة نيتهم تقديم قرابين.

وعلى الرغم من جهود الشرطة، فإن المسلمين ما زالوا يرون أن الخطر حقيقي، وكل مرة يستخدم الناطقون الرسميون باسم «حماس» والفصائل الأُخرى هذا الخطر كشعار لتجنيد الناس. أول من أمس، في ساعات الظهيرة، دعوا إلى التوجه إلى المسجد والدفاع عنه لمنع إدخال القرابين. وفي المساء، تجمّع آلاف المصلين في المسجد، ككل مساء في شهر رمضان. مع نهاية الصلاة، بقي المئات منهم، أغلبيتهم من الشباب، وكان بينهم أيضاً نساء وكبار السن، وأغلقوا المسجد القبلي على أنفسهم. وشددت الشرطة على أن التجمّع داخل المسجد لم يكن بريئاً، وعرضوا فيديوهات تُظهِر تجميع الحجارة والألعاب النارية، تحضيراً لوصول الشرطة.

حوالي الساعة 23:00، قررت الشرطة اقتحام المسجد وإخلاءه بالقوة. ففي نظر الشرطة، الاقتحام مطلوب من أجل فرض النظام في الحرم القدسي، والسماح بإقامة صلاة الفجر، ودخول اليهود والسياح في ساعات الصباح. وتدّعي الشرطة أن الشبان كانوا سيشوّشون على هذا الروتين، وستكون الأمور أصعب من دون القيام بالاقتحام. وفي المقابل، يدّعي الفلسطينيون أنه لم يكن ليحدث أي شيء، لو سمحوا للشبان بالبقاء في المسجد حتى الصباح. وفي جميع الأحوال، فإن قرار الشرطة اقتحام المسجد والدخول إليه أدى إلى سلسلة أحداث خطِرة ليلة عيد الفصح.

اقتحم أفراد الشرطة المسجد، وأطلقوا القنابل، وضربوا بالهراوات. تم اعتقال 350 شخصاً ونقلهم في حافلات إلى قاعدة «حرس الحدود» خارج القدس، ومن هناك، تم إخلاء سبيلهم، بعد إصدار أمر إبعاد عن المسجد الأقصى. هذا بالإضافة إلى 19 إصابة، بحسب الهلال الأحمر. إلا إن النتيجة الأكبر لِما قامت به الشرطة كانت سلسلة فيديوهات على موقع «تيك توك»، صوّرها المصلّون، وتُظهر القنابل الصوتية وهي تنفجر داخل المسجد، والهلع الذي ساد المكان، وأفراد شرطة يضربون المصلين بالهراوات، بالإضافة إلى شبابيك محطمة وصراخ. هذه المشاهد دفعت «حماس» إلى السماح بإطلاق صواريخ، والتهديد ببدء موجة من «العنف» في القدس الشرقية والضفة الغربية.

عاد الهدوء إلى القدس في ساعات الصباح. ومنذ ذلك الوقت، بدأ «النشطاء» اليهود بالوصول مع الحملان إلى البلدة القديمة، حيث تم اعتقالهم. ساعات المساء أيضاً ستكون متوترة، تحضيراً لـ»دخول» اليهود. ساحات أُخرى يمكن أن تشتعل من جديد، هي غزة والأحياء الفلسطينية في القدس والضفة الغربية.

د. عيران تسدكياهو، الذي يبحث في المكون الديني في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، نشر، الأسبوع الماضي، مقالاً موسعاً عن ديناميكية «العنف» بشأن الحرم القدسي. وبحسبه، «هناك فشل عميق في فهم الواقع، يؤدي إلى فشل في السلوك.» وفي نظر تسدكياهو، فإن الطرفين – المجتمع الفلسطيني واليمين الإسرائيلي – يشعران بأن مكانتهما في «الحرم» في خطر، والشرطة تسقط في المصيدة نفسها، المرة تلو الأُخرى.

يقول تسدكياهو، إن «الطرفين، ومنذ مئة عام، لم ينجح أحدهما في فهم الآخر». ويضيف: «كلاهما على قناعة بأن الطرف الآخر يُضمر له السوء، ولا ينجحان في فهم علاقتهما المعقدة بهذا المكان. عندما يكون المنظور دينياً، يجب التعامل معه من منطلق زمني واسع، لا يجب النظر إليه انطلاقاً من 10 أو 20 عاماً إلى الأمام، عليك أن تنظر إلى ما بعد أجيال. في أيديولوجيا «حماس»، يتحدثون عن صراع أبدي على المكان، ولذلك، يجب على جيلنا القيام بدوره للحفاظ عليه».

ومن الجانب الآخر، على مدار أعوام طويلة، يدّعي الفلسطينيون أن منظمات «الهيكل» هي الذراع الطويلة لحكومة إسرائيل. وتعليقاً على ذلك، يقول تسدكياهو: هذه النبوءة تتحقق؛ بن غفير بات الوزير المسؤول عن الأمن في الحرم القدسي، لذلك، من الصعب التفريق بين الطرفين».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى