ترجمات عبرية

هآرتس: متى يصمت الممثل اليهودي خلال النشيد الوطني؟

هآرتس 24-11-2022، بقلم جدعون ليفي: متى يصمت الممثل اليهودي خلال النشيد الوطني؟

مرت الكاميرا رويداً رويداً من لاعب إلى آخر، أظهرت قسمات وجوههم تحمل التعابير القاسية ذاتها، حازمة وقوية؛ لم تتعرق أي عضلة في وجوههم، شفاههم مكبلة. عشرة شباب يرتدون الأحمر وآخر يرتدي الأزرق، وقفوا كتفاً بكتف ودعموا بعضهم في ساعتهم الصعبة.

تصعب معرفة ما الذي خطر ببالهم في تلك اللحظة. وما يصعب أكثر معرفة كيف ولد ذلك: متى خططوا ذلك، هل وافق الجميع على ذلك مسبقاً، من بادر إلى ذلك، من عرف، من حاول الإقناع، ألم يتردد واحد منهم؟ عزف النشيد الوطني في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بلادهم، وبقيت شفاههم مغلقة. صمتوا كرجل واحد. ودوى صمتهم في أرجاء العالم. لحظة تأسيسية ولدت في الإستاد داخل الدوحة. صمت دوى أكثر من أي ضجة.

من غير الواضح ما سيكون مصيرهم عند عودتهم، هذا إذا عادوا، إلى بلادهم. ربما لن يحصلوا على تمثيل بلادهم مرة أخرى. الخطر الذي أخذوه على عاتقهم كبير، وحصلوا على تقدير في أرجاء العالم. الإسرائيليون تأثروا أيضاً، فهم يعرفون كيف يقدرون الشجاعة، لكن فقط لمن يعارضون النظام في الدول الأخرى. ما حدث في الدوحة لن يحدث في أي يوم في منتخب إسرائيل اليهودي، ليس فقط لأن إسرائيل لن تصل إلى كأس العالم.

اللاعبون العرب في منتخب إسرائيل لا ينشدون النشيد الوطني، بسبب بعض الكلمات التي لا تناسبهم فيه. ولكن السبب أعمق من ذلك؛ فهم أيضاً يعارضون النظام، نظام تفوق اليهود الذي يقول “نفس يهودي هائمة” في دولة يوجد فيها شعبان. الخطر الذي يأخذونه على عاتقهم بعدم إنشاد النشيد الوطني خطر محدود. لا أحد طردهم من المنتخب حتى الآن، ولا شيء نتحدث فيه عن الاعتقال. ولا يجب الإكثار من التحدث عن الفروق بين النظام في إيران والنظام المتبع في إسرائيل. في الساحة الخلفية لإسرائيل يحدث استبداد شمولي مثل الاستبداد الإيراني. في واجهتها، التي يعيش فيها أيضاً لاعبو المنتخب العرب، هناك نظام حر، حتى لو لم تكن فيه مساواة.

عندما لم ينشد بيبرس ناتخو النشيد الوطني، لم يخطر ببال أحد من أصدقائه اليهود في المنتخب أن يظهر تضامنه معه وينضم لنضاله. عندما اقتبس مؤنس دبور من القرآن الكريم في عملية “حارس الأسوار” وقال “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ”، تم إبعاده عن المنتخب مؤقتاً إلى أن استقال نهائياً. لا أحد هب للدفاع عنه. لم يولد بعد أي لاعب في المنتخب اليهودي سيتماهى مع الأقلية المضطهدة. اللاعبون اليهود في المنتخب ومعظم العاملين فيه، ومشجعوه، يتنافسون بينهم أيهم سيظهر وطنية أكثر ضد من يعارضون النظام عندنا.

المنشقون في إيران أبطال، وعندنا خونة. من ايال باركوفيتش وحتى عيران زهافي يظهر التهديد بأنه لا يمكن من لا ينشد النشيد الوطني أن يكون رئيساً للفريق. لو كان لنا عدد أكبر بقليل من اللاعبين اليهود الجيدين لفضلت الأغلبية منتخباً يهودياً تماماً كما هو جدير بالدولة اليهودية.

الذين قدروا موقف هؤلاء في الدوحة عليهم تقدير ناتخو ودبور. من تأثروا من اللاعبين الإيرانيين عليهم أن يكونوا نزيهين مع أنفسهم ويعترفوا بأنه لا يوجد في إسرائيل اليهودية أي احتجاج شجاع ولا يوجد تضامن. آيات الله ليسوا في إيران فقط. والنظام الوحشي القمعي التهجيري قاتل المتظاهرين غير المسلحين والأبرياء، ليسوا في طهران وحدها. فلسنا بحاجة إلى آيات الله الإيرانيين كي نثور. يكفي العيش قرب ديكتاتورية عسكرية من أجل الاحتجاج بشجاعة.

عرفنا في الدوحة قوة الشجاعة، لكن المشكلة في إسرائيل أخطر من عدم الشجاعة. معظم لاعبي كرة القدم اليهود، ومعظم الإسرائيليين أيضاً بشكل عام، لا يدركون الموجود هنا من أجل الاحتجاج عليه. الحياة جميلة، وإسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة. هل يوجد هنا أحد يقتل المتظاهرين؟ هل وقعتم على رؤوسكم؟ على العرب أن يقولوا لنا شكراً لأننا نسمح لهم باللعب. يكفي أن يحتج الإيرانيون، أما نحن فسنصفق لهم بفخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى