ترجمات عبرية

هآرتس – مبدأ الرقابة والديمقراطية سيختنق

هآرتس – بقلم  ايتي ماك – 30/12/2021

” التصدير الامني الاسرائيلي لبورما لم يكن ليتوقف لولا أنه رافقت تقديم الالتماس للمحكمة العليا حملة في الشبكات الاجتماعية “.

مشروع القانون لمنع التحريض في الشبكات الاجتماعية تمت المصادقة عليه في يوم الاثنين الماضي في اللجنة الوزارية للتشريع بالاجماع. وحسب مشروع القانون هذا، الذي قدمه وزير العدل جدعون ساعر بناء على طلب من النيابة العامة، فان قاضي المحكمة المركزية يكون مخول بازالة من الشبكات الاجتماعية أو من أي منصة رقمية اخرى، مضمون يشكل نشره مخالفة جنائية وتوجد فيه امكانية حقيقية للمس بأمن الفرد أو سلامة الجمهور أو أمن الدولة، بما في ذلك على اساس مادة بينات سرية تم عرضها على القاضي.

تذكروا اسماء الوزراء الذين صوتوا مع، من حزب أمل جديد صوت كل من جدعون ساعر ويوعز هندل ومتان كهانا. ومن حزب يوجد مستقبل، كارين الهرار وميراف كوهين. بنينا تمنو – شطة (ازرق ابيض)، نحمان شاي (العمل)، تمار دندبرغ (ميرتس) وحمد عمار (اسرائيل بيتنا). بعضهم يعارضون حل الدولة الواحدة، لكن بتأييدهم لمشروع القانون فانهم يساعدون على تقريب اللحظة التي ستكون فيها ديكتاتورية اسرائيلية على جانبي الخط الاخضر. 

تحت غطاء الحاجة الى التعامل مع التحريض على العنف أو الارهاب أو التحرشات الجنسية في الشبكات الاجتماعية، قرر هؤلاء الوزراء منح وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وجهاز الامن العام والموساد والجيش الثروة التي لم يكونوا ليتجرأوا على الحلم فيها في عهد حكومات نتنياهو. اذا تم تمرير القانون في الكنيست فانهم سيتمكنون من حجب بسهولة معلومات عن الجرائم التي هم متورطون فيها في المناطق وفي موضوع تجارة السلاح بواسطة كلمات الشيفرة المعدة لفتح قلب تقريبا كل قاضي في اسرائيل، “أمن الدولة”. 

في مشروع القرار الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية لا توجد قائمة بالمخالفات الجنائية التي يمكن أن تبرر اصدار مثل هذا الامر. المشكلة هي أن قانون العقوبات الاسرائيلي وقوانين اخرى مثل أمر الشرطة، تتضمن عدد غير قليل من الجرائم التي عفا عليها الزمن من عهد الانتداب البريطاني، والتي لا تناسب النظام الديمقراطي. في محاضرة القيتها قبل بضع سنوات في كلية الحقوق في جامعة تل ابيب عن تجارة السلاح في اسرائيل، سألني احد الطلاب: هل في النضال ضد علاقات اسرائيل مع الانظمة الديكتاتورية أنا لا ارتكب جريمة تحريض على العداء تجاه دول صديقة. 

الوزراء يحاولون بيع الجمهور بأنه لا يوجد ما هو مقلق، وأنه يمكن الوثوق بالنيابة العامة والمحاكم، التي ستغربل باخلاص طلبات الرقابة. هذا الامر يتناقض مع كون الدولة طلبت وحصلت على منع النشر عن أي قرار للحكومة في الالتماسات في موضوع تصدير السلاح واجهزة الرقابة. في احد الالتماسات، نائب الرئيسة المتقاعدة، القاضي حنان ملتسر، اصدر أمر بمنع نشر أمر منع النشر فورا بعد تقديم التماس ودون أن تطلب الدولة (بعد ذلك الدولة كشفت عن ذلك في عدة ردود ومنشورات علنية امام الجمهور). الامر تضمن ايضا لائحة الالتماس ومرفقاتها، رغم أن هذه كانت مواد علنية وصريحة، وشملت تقارير وقرارات للامم المتحدة ووزارة الخارجية الامريكية والبيت الابيض وتقارير لمنظمة “امنستي” الدولية.

التصدير الامني الاسرائيلي الى بورما لم يكن ليتوقف لولا أنه في نفس الوقت مع تقديم التماس للمحكمة العليا اطلقت حملة في الشبكات الاجتماعية. بعد تسلم قرار المحكمة السري، في 27 ايلول 2017، بدلا من الدخول في حالة اكتئاب خرجنا في المساء، نحو عشرة اشخاص، الى ميدان باريس في القدس. كل واحد منا تحدث في الميكروفون الذي كان مربوط بمكبر صوت صغير. بالاساس قمنا بازالة هذا الاحباط عن القلب. هذا الحدث تم بثه في الفيس بوك ومكننا من مواصلة دحرجة كرة الثلج للاحتجاج العام الى أن وصل الى قرار وزارة الخارجية ووزارة الدفاع في بداية 2018 وقف كل تصدير امني لبورما. لو كان مشروع قانون الفيس بوك في حينه ساريا لكانت وزارة الخارجية ووزارة الدفاع يمكنهما ليس فقط اخفاء قرار الحكم، بل ايضا محاولة فرض الرقابة ووقف انتشار الاحتجاج في الشبكات الاجتماعية. 

في كل الملفات بعد ملف بورما، النيابة العامة ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع اعتبرت حالة بورما حدث صادم من ناحيتها، وطالبت بفرض الرقابة، ليس فقط على قرارات الحكم، بل ايضا على النقاشات في المحكمة. على سبيل المثال، الدولة طلبت فرض أمر منع نشر على النقاشات في التماسات ضد تزويد السلاح لمليشيات نازيين جدد في اوكرانيا، وقوات الشرطة في الفلبين التي قتلت الجمهور، بذريعة أن النقاش القانون العلني سيؤدي الى كشف اعلامي ليس للدولة سيطرة كاملة عليه. نحن عدنا وطرحنا بأنه في دولة ديمقراطية فان وزارة الدفاع لا يجب عليها أن تتحكم بالاعلام، لكن ادعاءنا رفض من قبل جميع القضاة. رغم منع النشر على الاجراءات القانونية فانه بفضل الشبكات الاجتماعية نجحنا في نشر معلومات واسعة عن تورط اسرائيل في جرائم في ارجاء العالم. 

كان هناك قضاة اصدروا ايضا أمر منع نشر كاسح، مثل القاضي ملتسر، مباشرة بعد تقديم الالتماس. ولكن بفضل نشر مسبق في الشبكات الاجتماعية للائحة الالتماس، تضمن بينات عن صفقات السلاح، قلص القضاة الاوامر بسبب الصعوبة في تقييد النشر بأثر رجعي لشيء معين نشر في السابق. مشروع القانون كان يمكن من ازالة لوائح الالتماس من الشبكات الاجتماعية. 

الامر لا يحتاج الى جهد كبير لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع من اجل فرض السرية على الاجراءات القانونية. هي كانت بحاجة فقط الى ذكر كلمة الشيفرة “أمن الدولة”. في جميع الملفات قدموا تصريحات مختصرة ومتشابهة لشخصيات رفيعة في هاتين الوزارتين، التي كان مكتوب فيها فقط “ما جاء في الطلب بشأن الخوف من أن يؤدي عقد جلسة استماع علنية في هذا الالتماس الى الاضرار بأمن الدولة أو علاقاتها الخارجية، معروف لي بحكم منصبي وهو صحيح حسب علمي”.

بواسطة كلمات الشيفرة هذه الدولة ايضا طلبت قبل شهرين أن تحول الى سرية جلسة لمناقشة التماس طالب بفتح تحقيق جنائي ضد اسرائيليين باعوا سلاح استخدم في جرائم ضد الانسانية في جنوب السودان. ورغم أن المعلومات الموجودة فيه نشرت في تقرير علني في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

بشكل خاص، تثير دهشتي وزيرة حماية البيئة، تمار زيندبرغ، التي تؤيد مشروع قانون ساعر، وفجأة تتوقع أن يثق الجمهور بتقدير النيابة العامة والمحاكم. ما ينساه الجمهور لا تنساه الشبكات الاجتماعية التي هي مسرورة الآن بفرض الرقابة عليها. 

كعضوة كنيست في المعارضة، زندبرغ غردت في تويتر، ضمن امور اخرى، بانتقاد لوزارة الدفاع ووزارة الخارجية والنيابة العامة، التي تطالب بأمر لمنع النشر في موضوع تجارة السلاح، وايضا على المحاكم التي تصادق بصورة كاسحة على الطلبات. على سبيل المثال، في تغريدة بشأن التجارة بالسلاح مع جنوب السودان في 14 كانون الاول 2018، عضوة الكنيست زندبرغ كتبت: “متى ستوقف حكومة اسرائيل اخفاء رخص التصدير والمطالبة بأوامر منع نشر على كل النقاش في هذا الموضوع؟ من المضحك ومما يثير القشعريرة بأن السلاح الاسرائيلي يستخدم لقتل شعب في العالم، ونحن نسمع عن ذلك من منظمات وحكومات اجنبية”. 

في موضوع تجارة السلاح مع بورما عضو الكنيست زندبرغ غردت (26/9/2017): “القضاة دينسغر وبارون ومينتس اصدروا أمر منع نشر على قرار الحكم في التماس ضد تصدير السلاح لبورما، الذي كان يمكن أن ينشر في الغد. السرية المبالغ فيها وغير المبررة هي المشكلة الاساسية لفرع تصدير السلاح. برعايتها السلاح الاسرائيلي يلعب دور في الديكتاتوريات القاتلة في العالم، وفقط يجب التأكيد بأن هذه ليست مسألة من مسائل أمن الدولة. الحديث يدور عن رخص تصدير لشركات خاصة تجارية، التي تملأ بأرباحها جيوب جنرالات سابقين تحولوا الى تجار سلاح”.

هذا لن ينتهي فقط بالرقابة على صفقات السلاح ومنظومات المتابعة الاسرائيلية. السنوات الاخيرة اثبتت أنه ايضا مفهوم “أمن الفرد” كما يبدو لن يستخدم لغرض الدفاع عن نشطاء يساريين ملاحقين ومهددين بصورة طبيعية في الشبكات الاجتماعية. على سبيل المثال، النائب العام السابق، شاي نيتسان، قال في 18 شباط 2019 بأن التهديدات بالقتل ضد ناشط حقوق الانسان ورجل اليسار غاي هيرشفيلد ليست تحريض على العنف، وهي قابلة لعدة تفسيرات. “الظل” نشر في صفحته في الفيس بوك منشور سمى فيه هيرشفيلد “زعيم مجموعة يساريين فوضويين ويساعدون الارهاب”، وكتب بأنه جزء من “فصيل من جنس اليساريين الذين يهددون بخراب دولة اسرائيل”.

ردا على منشور كتب متصفحون: “في دولة سليمة كانوا سيربطونهم، ويستخدمونهم كدرع بشري ضد الزجاجات الحارقة والحجارة. “المخربون يجب أن يتم قتلهم” و”لماذا لا تطلق النار عليهم ويتم وضع سكين في أيديهم؟” و”أمه ستموت اليوم” و”أنا سأقوم بزيارته في بيته… سنرى هل سيواصل رغبته في تصوير الجنود”، و”مرة واحدة يجب أن نكسر لهذه القمامة عظامها ونقوم بمحو ابتسامتها”، و”يجب الحضور مع الخوذات والقيام بالعمل والاختفاء”. قسم التحقيق والمعلومات في الشرطة اعلن بأنه لن يفعل من اجل ازالة المنشور والدعوات للقتل.

من المرجح أن “أمن الفرد” سيفسر من قبل النيابة والمحاكم بالتحديد كأمن للجندي أو الشرطي الذي يقوم بالتنكيل والاعتداء على سكان فلسطينيين ونشطاء حقوق انسان اسرائيليين في المناطق المحتلة، أو للشرطي الذي يهاجم شاب من المهاجرين الاثيوبيين. القانون سيمكن من فرض الرقابة على صور وافلام فيديو محرجة ومجرمة لهم في الشبكات الاجتماعية بذريعة أن مواصلة نشرها هناك يمكن أن تؤدي الى الحاق ضرر جسدي بهم. 

مفهوم “أمن الجمهور” يمكن أن يستخدم لغرض ازالة اخبار في الشبكات الاجتماعية، التي تدعو للمشاركة في مظاهرات حول مواضيع مختلف عليها، ولغرض ازالة دعوات لمقاطعة المستوطنات أو مقاطعة دولة اسرائيل، بذريعة أنها تعرض للخطر الجمهور الاسرائيلي، ويمكنها أن تؤدي الى الحاق ضرر جسدي بمستوطنين ومدنيين اسرائيليين يسافرون الى الخارج.

المشكلة هي أن الاذن والعين لابطال الديمقراطية في الائتلاف وفي الحكومة مغلقة. من ناحيتهم من غير المهم أن رابطة الانترنت نشرت بأن مشروع القانون يفتح ثغرة لفرض رقابة سلطوية غير قائمة في أي دولة اخرى في العالم الديمقراطي. ولأن رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، صرخ بأن الامر يتعلق بكم الافواه وأن الديمقراطية الاسرائيلية في خطر، فقد انتقلوا الى وضع الطيران الاوتوماتيكي ولن يتوقفوا الى أن تتم اجازة القانون في الكنيست بالقراءات الثلاثة. هم سيظهرون لنتنياهو بأن هذه ليست حكومة ضعيفة. الوزير ساعر اقترح على نتنياهو شرب المياه الباردة. وحكومة بينيت – لبيد تقترح على الديمقراطية الاسرائيلية أن تختنق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى