ترجمات عبرية

هآرتس – ما بين حاييم فالدر (والحريديين ) وبين الثوريين الفلسطينيين 

هآرتس – بقلم  يائير اسولن  – 7/1/2022

” يمكن تعلم الكثير من الحريديين. من المشكوك في ان يكون قد جرى في أي وقت من الاوقات حوار عام له قيمة مثل ذلك الحوار الذي جرى حول فالدر، وضد من اتهموا بتهم مماثلة “.

الفكرة الرئيسية التي ظهرت جليةً من خلال مشاركتي في جولة لجمعية “انكاونتر” الى اعماق وعي النزاع في اوساط الفلسطينيين _ بجانب _ وبالطبع،  الى جانب فهم عبثية ومأساوية الاحتلال _ هي: الى أي درجة الخطاب الاسرائيلي الليبرالي ظاهريا، والمتنور في نظر نفسه، والحر، هو خطاب متعفن ومنحط. يكفي مقابلة اشخاص معدودين من الثوريين والثوريات الفلسطينيين الذين التقينا بهم خلال الجولة من اجل فهم الفجوة العميقة بينهم، اي بين طريقة تفكيرهم، بين شجاعتهم في التشكيك بالاسس العميقة لهويتهم وفي الرواية التي ولدوا داخلها وفي الحلول القديمة وبين الخطاب الاسرائيلي القوي الواثق من نفسه المدلل الذي اصبح متخلفاً عن الركب في كل ما يتقلق بالقدرة على اعادة التفكير بواقع وجودنا في هذا الفضاء تحديداً و وواقع وجودنا بشكل عام .

هذا الفهم، اي الشعور بالانحطاط العميق للخطاب الاسرائيلي وكونه بدرجة كبيرة حبيساً داخل اسوار قوة نفسه، هذا الشعور يصرخ ايضاً عندما ننظر الى ما يجري في المجتمع الحريدي في الاسابيع الاخيرة منذ نشر التحقيق عن حاييم فالدر، و بصورة اوضح منذ انتحاره في الاسبوع الماضي. تكفي الاشارة في هذا السياق الى ازالة كتبه من اماكن البيع مثل محلات ” اوشر عد “، والتنديد العام الواسع به، وبالطبع كل ما يجري في المجتع الحريدي منذ انتحاره، والنضال ضد محاولات القيادة ومراكز القوى لطمس القصة، من اجل فهم الى أي درجة هو كبير ذلك الدرس الذي يمكن للاسرائيليين _ والذين في الغالب بنظرون الى الحريديين من فوق بكل ما يتعلق بالاحتجاج المدني وحرية التعبير وغيرها _ تعلمه من الحريديين. من المشكوك فيه فيما اذا كان في أي وقت من الاوقات قد جرت في اسرائيل حملة عامة، هامة وحازمة كهذه ضد من اسمع ضدهم شهادات صادمة كهذه. كلنا نعرف الحالات، ونعرف ان هؤلاء الناس ما زالوا يواصلون كونهم نشطاء في الفضاء الثقافي الاسرائيلي.

يجب التأكيد: ان الالهام الكبير الموجود في النضال الحريدي، بالضبط مثل ثورية الفلسطينيين الذين التقيت بهم هذا الاسبوع ليست مرتبطة بقياداتهم. احد المبادئ الحاسمة بالنسبة لمن يريدون النظر الى العمليات العميقة التي تحدث، سواء لدى الفلسطينيين في اسرائيل وفي الضفة او لدى الحريديين هو وجود فجوة عميقة بين الاشخاص انفسهم _ الحريديين والفلسطينيين _ وبين القيادات او من يمثلونهم سياسياً . من يصرون على التفكير بهذه المجتمعات عن طريق منشور القيادات، يصرون على اغماض اعينهم ازاء الواقع. ان العمليات العميقة لتفكك النظام القديم تجري ايضاً هنا وبصورة اشد .

هذا النص ليس عن الحريديين ولا عن الفلسطينيين. هذا النص هو عنا. عن المجتمع الاسرائيلي، وعن الاسرائيليين وعن الخطاب الاسرائيلي، وعن التمسك الاعمى، اليائس لعدد كبير جداً لاشخاص جديين بالرواية القديمة الاخذة في الانحلال، والتي اصبح واضحاً لكل من عيناه في رأسه، انه لن يأتي منها الخلاص. بنفس الطريقة وبدرجة كبيره فان هذا النص هو ايضا عن فكرة ” كيف” ان كونك الجانب القوي في القصة من شانه ان يتحول الى النقص او العيب الاكبر ، ويصبح الوزن الذي يجذب الى الاسفل .

مأساة الاقوياء _ مثلما في ديالكتيك “جدلية” السيد والعبد _ هي خطر انفصالي، فقدان الصلة و القدرة على الاحساس بالواقع كما هو، والحفاظ على حيوية التفكير بالنسبة للواقع المتغير جوهرياً. هذا لا يعني التنازل عن القوة بالضرورة او ان تسلم نفسك لاي ريح _ هذا دعاء تلاعبي لمن ادنوا على الراحة الغبية للقوة القديمة ومنشغلين فقط بالحفاظ عليها. هذا يعني استثمار الكثير في ايجاد اليات حرة من الحوار، والنضال من اجل الحاجة للتشكيك والاعتراض ايضا على الاسس، المرة تلو الاخرى وبالاساس الاعتراف بالحقيقة الحاسمة : خطاب متعفن، محاط بالاسوار والمتقوقع على نفسه وبتعزيز تمسكه بالماضي، نهايته، رغم القوة التي يبدو انها موجودة الان، سوف يجلب الهزيمة 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى