ترجمات عبرية

هآرتس: ما الذي حدث في الخيمة 56 ؟

هآرتس 1/8/2022، بقلم: تسفي برئيل 

خيام من القماش والصفيح، أسقفها مشدودة بالطوب، وكلب يتيم جاث على الطريق الترابي، دجاج حر يبحث عن حبوب، نساء يسرن في “الشوارع” بدون هدف، حشد من الأولاد يملأون المخيم ويندفعون من كل اتجاه. فجأة تسمع صرخة: “لا، يا أبو سعيد”. هذه الصرخة خرجت من شق في جدار الخيمة. اندلع ذعر المرأة لأن ابنها سعيد اقترب من الخيمة وكاد يضبطهما متلبسين. خرج أبو سعيد غضباً وأمسك بابنه يجره بقوة، وصرخ: “ما الذي تفعله؟ أنت تلعب؟ اذهب للعب، اذهب، اذهب”. تقف زوجته المحرجة في الخيمة محبطة ويائسة.

هذا المشهد يستهل فيلم “الخيمة 56″، الذي مدته 19 دقيقة تقريباً. أنتج قبل أربع سنوات، وهو من إخراج سيف الشيخ نجيب، استناداً لسيناريو سندس برهوم، بطولة علاء الزعبي (أبو سعيد) وصفاء سلطان (أم سعيد) وممثلون سوريون آخرون. تم عرض الفيلم في مهرجان الفيلم القصير في مصر في 2018، حتى إنه فاز بجائزة أفضل فيلم قصير. الفيلم الأصلي والاستثنائي هذا يفحص طبيعة الحياة في مخيم للاجئين من وجهة نظر نسوية، ويحطم خلال ذلك الكثير من المسلمات الاجتماعية. في الخيام المكتظة والمليئة بالأولاد والأطفال، فإن وجود حياة عائلية سليمة، بالأحرى علاقات جنسية، أصبح أمراً غير محتمل. الأزواج لا يجدون لأنفسهم زاوية حميمية هادئة، بحيث يمكنهم ممارسة الحب فيها والهمس بكلام الحب وخلق أجواء رومانسية داخل هذا الازدحام والضجة، بين الأغنام والأولاد وأكياس الحبوب والطحين، وفي بعض الأحيان يجبرون على الاتصال في الحظيرة، أو تحت سقيفة مرتجلة متصلة بالخيمة. وفي أي لحظة قد يستيقظ أحد الأولاد ويزعجهم.

مجموعة النساء، اللواتي يجتمعن وهن يجلسن على كراسي بلاستيكية قديمة، تحاول إيجاد حل للمشكلة التي تقلق سكان المخيم. ولكن النساء في هذه المرة، وليس الرجال، هن اللواتي يعبرن بصوتهن عما في قلوبهن. “هل تعرفين إلى ماذا اشتاق منذ اليوم الذي جئنا فيه إلى هنا؟ أستطيع الرقص أمامه ولو مرة واحدة، وأغريه وأضيء الشموع وأزين الخيمة وأدلل زوجي. لا، لا يمكن فعل ذلك هنا”، قالت إحدى النساء. “يا ليت الله يريحنا من الولادة والأطفال”، قالت بغضب امرأة أخرى وهي تطرد ابنتها الصغيرة من “نادي النساء” المرتجل هذا. لكن الحاجة أم الاختراع، والنساء يقررن الطلب من مدير المخيم خيمة فارغة يستخدمها المتزوجون كملجأ للحب لليلة واحدة.

أقيمت الخيمة بعد نقاشات. وأخذت النساء يرتبن فيما الدور بينهن، والحياة تظهر أكثر وردية بقليل. ولكن في الليلة التي كان فيها دور أبو سعيد وزوجته لقضاء ليلتهما في الخيمة حدثت عاصفة فظيعة. عاصفة دمرت الخيمة وطيرت جدران القماش وأوقعت عمدان الخيمة أرضاً. غير أن الحلم لم ينته بعد؛ شمر الرجال عن سواعدهم وأقاموا مبنى جديداً. وبدأت النساء بتزيينه مرة أخرى، وحتى الأولاد يساهمون بدورهم. ثمة مأساة تحدث مرة أخرى؛ الجو الرومانسي الذي خلقته أم سعيد قبل ليلتها هي وأبو سعيد شمل أيضاً شموعاً مشتعلة – ففعلت فعلها حين اقتربت من البطانية. لم يبق ولا حتى قشة أسنان من الخيمة. ولكن يمكن تنفس الصعداء.

صحيح أن الفيلم انتهى نهاية سعيدة، لكن بدأت مشكلات من قاموا بإنتاجه الآن. مؤخراً، تم عرض الفيلم على “يوتيوب” والشبكات الاجتماعية، فووجه على الفور بانتقاد شديد. قيل إنه “فيلم إغراء جنسي”، يمس بالنساء ويعرضهن كنساء مليئات بالشبق الجنسي ويدمر قيم المجتمع. وجهت الشتائم خصوصاً ضد المس بنساء محافظة درعا في جنوب سوريا، حيث الممثلون والممثلات يتحدثون بلهجة المنطقة، وحتى إن الممثل الرئيسي، علاء الزعبي، هو ابن العائلة الكبيرة في مدينة درعا. بالنسبة للنقاد، ثمة مس مزدوج. وهناك من قالوا بأن الفيلم يخدم نظام الأسد، حيث بدأت ثورة الربيع العربي السوري من درعا، والمس بكرامة المحافظة جزء من تصفية حسابات النظام مع سكانها. وقال المتوارعون أيضاً بأن الفيلم ركز على زاوية هامشية في حياة اللاجئين في المخيم ولم يحاول وصف المشكلات “الحقيقية” – الفقر والمعاناة – وهو بهذا استخف بمصاعب اللاجئين وعرضهم كمن حولوا خيامهم إلى بيوت دعارة. سارع الزعبي إلى نشر اعتذار مطول أوضح فيه بأنه لم يقصد المس بالنساء، وأن الفيلم استهدف عرض الزاوية النسوية، ومنح النساء مكانة وقوة ودحض النظرية القائلة بوجود “احتياجات”، للرجال فقط، وأن مكان النساء هو المطبخ وتربية الأولاد، وأنه لا توجد لهن أي شهوات أو رغبات خاصة بهن. حتى إن الزعبي وعد بإزالة الفيلم عن “اليوتيوب”، لكن مشاهدة الفيلم ممكنة حتى اللحظة. وأرفق الفيلم بترجمة إنجليزية.

الم يساعده لاعتذار. فزعامة حمولة الزعبي قررت التبرؤ منه، وفي بيان مطول ومفصل أعلنت بأن الممثل لم يعد من أبناء الحمولة. “لا يمكن المس بأي امرأة. وندين أي عمل سيء ضدها مهما كان صغيراً”، كتب في البيان الذي قرر فيه كاتبوه أيضاً ما الذي يعتبر إساءة للنساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى