ترجمات عبرية

هآرتس: ماذا حققت زيارة بايدن سوى أهداف بن سلمان؟

بقلم: ألون بنكاس، هآرتس 17/7/2022

بدأ انتقاد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية قبل فترة طويلة من الإقلاع من واشنطن. في حين ظهرت معادلة التكلفة – الفائدة السياسية غير متوازنة تماماً، فالتكلفة السياسية وتكلفة السمعة واضحة، في حين أن الفائدة السياسية مشكوك فيها.

في وقت تنقسم فيه الولايات المتحدة حول موضوع الإجهاض، ويقضي سناتور ديمقراطي مارق هو جو منتشن، على جميع المبادرات وإنجازات بايدن، يسافر الرئيس من أجل افتتاح ألعاب المكابية في إسرائيل والالتقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وهذا ليس استخداماً ذكياً ودقيقاً لقوة الرئاسة الأمريكية.

ها أنتم تشاهدون أن بايدن سيمنح تحسين صورة وشرعية واحترام شخص أقسم بأنه سيحوله إلى منبوذ ومجذوم. وأن يحترم في زيارة رئاسية دولة وصفها الرئيس براك أوباما، الذي كان بايدن نائبه، بأنها دولة “تأكل بالمجان”.

“لا أسافر للالتقاء بمحمد بن سلمان”، كتب بايدن في “واشنطن بوست” الأحد الماضي، لكنه مع ذلك التقى بن سلمان بشكل منفرد، بل وصافحه. لم يسمح لمراسلي “واشنطن بوست”، وهي الصحيفة التي كتب فيها جمال خاشقجي قبل قتله في 2018، بدخولهم إلى المؤتمر الصحافي.

مع ذلك، ادعى ويدعي رجال ومؤيدو الرئيس بأن الزيارة مبررة وجديرة بالدفاع عنها لأن الرئيس الأمريكي لا يمكنه التعامل بالمقاطعة والإقصاء، بل بالمصالح والأمن القومي. هدفه هو إدارة وتوسيع التحالفات، ليس النفط ولا المصافحة. إدارته المثالية لأزمة أوكرانيا ووقوفه الحازم أمام عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تشير إلى حنكة سياسية يجدر تطبيقها أيضاً في الشرق الأوسط، حتى لو تضمن ذلك تنازلات مؤلمة. إذا كانت هناك حاجة إلى إبقاء السعودية حليفة فيجب فعل كل ما يجب فعله.

تبدو هذه التفسيرات منطقية. ومشكوك فيه إذا كان بايدن قد حقق أي شيء من كل ذلك أثناء زيارته في السعودية، باستثناء تطوير العلامة التجارية “محمد بن سلمان”. التفسير الأول للرحلة هو نفط السعودية. بعد بضع ساعات على مغادرة بايدن، أعلنت السعودية بأنها ستزيد إنتاج النفط إلى 13 مليون برميل يومياً. طوبى لمن يصدق التقارير والبيانات السعودية. بدأت وسائل الأعلام الأمريكية بتوقعات سعيدة عن خفض سعر البرميل الاثنين المقبل عند فتح التداول في الأسواق.

في موضوع النفط، من الجدير إعادة ترتيب الأمور قليلاً. في الأسابيع التي سبقت غزو روسيا لأوكرانيا وعلى الفور بعد فرض العقوبات الغربية الشديدة على تصدير الطاقة من روسيا، كان واضحاً للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن ثمة حاجة لتعويض فقدان النفط والغاز الروسي. بالإجمال، تصدير النفط الروسي إلى أوروبا في 2021 بلغ 3.2 مليون برميل يومياً، وسوية مع الغاز الروسي فإن اعتماد دول رئيسية في أوروبا مثل ألمانيا، كان كبيراً.

ولأن إيران التي لها قدرة على إنتاج 2.5 مليون برميل يومياً تخضع للعقوبات، ولأن فنزويلا، الدولة التي لديها احتياطي النفط الأكبر في العالم، تخضع أيضاً للعقوبات، فقد ولدت أسطورة “بايدن سيغفر لمحمد بن سلمان، وسيقبّل الخاتم الملكي، وستوافق السعودية على الفور على زيادة الإنتاج بصورة تعوض النفط الروسي بدرجة كبيرة النقص”. عندما أعلن البيت الأبيض عن زيارة بايدن المخطط لها، تم تغليفها في البداية بهذا التفسير. وهذه فكرة منطقية كما يبدو، حيث إن الكثير من الأشخاص في واشنطن والدول الأوروبية قاموا بترديدها، إضافة إلى أمرين: الأول، أن ليس للسعودية قدرة كبيرة على إنتاج فائض على المدى القصير، والثاني أنها غير معنية بإنتاج كميات أكبر من النفط وخفض الأسعار.

قبل أسبوعين تقريباً، تغيرت رواية زيارة بايدن، وبدأت الولايات المتحدة تدعي بأن الرئيس يأتي للدفع قدماً بدمج إسرائيل في المنطقة وزيادة التعاون التكنولوجي – العسكري بين إسرائيل ودول الخليج ورعاية أمريكية لنوع من الشراكة وآلية تنسيق إقليمية دفاعية ضد الاستخدام الواسع لإيران للطائرات المسيرة.

بخصوص النفط، كان يمكن أن تكون المشكلة واضحة للأمريكيين بفضل معطى دال واحد، وهو أن السعودية منذ نيسان وهي تشتري 250 ألف برميل نفط روسي “ثقيل” يومياً. الحديث يدور عما يسمى “نفطا غنيا بالكبريت” (اتش.اس.اف.أو)، الأرخص من أسعار النفط في الأسواق العالمية.

السعودية اشترت هذا النفط لأغراض داخلية من أجل التصدير والربح من النفط النوعي الذي بلغ سعره 130 دولاراً للبرميل. أراد السعوديون استغلال النقص والربح. وهنا من المهم الإشارة إلى أن الأمر لا يتعلق بأزمة طاقة حقيقية، بل أزمة أسعار مؤقتة، لأنه لا يوجد في الحقيقة نقص نفط في العالم.

العالم يستهلك نحو 100 مليون برميل نفط يومياً، حسب معطيات الربعين الأولين للعام 2022. دول “أوبيك بلس”، أي الدول التسع في أوبيك ودول مرافقة لاتفاق الحصص ومنها روسيا، تنتج نحو 38.3 مليون برميل يومياً: السعودية تنتج 10.3 – 10.7 مليون برميل يومياً، والامارات 3.2 مليون برميل يومياً. ذروة إنتاج السعودية 11 مليون برميل يومياً، جزء منها من آبار وحقول جفّت.

موضوع نفط السعودية وقدرتها على “إنتاج فائض”، أي إنتاج نفط يتجاوز الكمية القائمة للإنتاج ويتجاوز الحصص الملزمة لمنظمة “أوبيك”، أصبح ساحة تتضمن معطيات متناقضة، وطموحات وتحليلات سياسية منحازة ومختلطة. في الغرب وفي معاهد الأبحاث وشركات الاستشارة المختصة في الاحتياطي والاكتشاف وتطوير الحقول وتسويق الطاقة، طرحوا شكوكاً بخصوص دقة تقارير السعودية حول احتياطي النفط فيها.

التقديرات الأكثر تفاؤلاً هي أنه يمكن أن تنتج السعودية نحو 550 ألف برميل يومياً، أكثر من إنتاجها الحالي، وهذا فقط قبل كانون الأول. هناك خبراء طاقة في الإدارة الأمريكية يقولون بأن نقص دقة السعودية معاكس؛ فالسعودية قد تنتج مليون برميل إضافي يومياً حتى كانون الثاني، بالأساس في المنطقة المحايدة التي تتقاسمها السعودية مع الكويت وفي حقلين آخرين في البحر، لكنهم فضلوا عدم فعل ذلك للكسب أكثر الآن، حيث الأسعار مرتفعة؛ لجعل الرئيس الأمريكي يزور بلادهم و”تقبيل الخاتم الملكي”.

بعد مرور وقت، قد تظهر الزيارة للسعودية بشكل مختلف، كخطوة واضحة وحيوية للواقع السياسي، التي فائدتها أكبر من تكلفتها. هذا أمر مشكوك فيه ولكنه محتمل. يبدو الأمر وكأنه سياسة خارجية مؤقتة وعرضية في هذه الأثناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى