ترجمات عبرية

هآرتس: ليس لدي دولة أخرى؟

هآرتس 30-4-2023، بقلم جدعون ليفي: ليس لدي دولة أخرى؟

الصرخة الوطنية الحالية هي “لا توجد لي دولة أخرى”. وكأن للفرنسيين مثل هذه الدولة أو للسويديين والألمان وشعب الغونغو والهنود أيضاً. الإسرائيليون فقط هم المساكين، هم فقط، لا توجد لهم دولة أخرى. والقلب يتفطر. أي شعب مسكين هذا الذي لا توجد له دولة أخرى. وأي حق يعطيه له هذا الأمر كي يتصرف كما يشاء. ولأنه “لا توجد له دولة أخرى”، فهو شعب سيئ الحظ. الفلسطينيون لا توجد لهم حتى دولة واحدة. فكيف يتباكى الإسرائيليون لأنه لا توجد لهم دولة احتياط. كم هو فظيع هذا الأمر!

اختيرت الأغنية الجميلة لاهود منور الأسبوع الماضي في استطلاع أجرته هيئة “كان ج” و”إسرائيل اليوم” كأفضل أغنية لدى الإسرائيليين في الذكرى الـ 75 لإقامة دولتهم. هذا الرثاء يتم حمله في كل مظاهرة، حتى إنه يرفرف فوق رأس أبراج المكاتب للعديد من شركات البناء الكبرى – مساهمتها الشجاعة في النضال ضد الانقلاب النظام. اهود منور، الرائع والموهوب والذي لا ينسى، كتب ببراءة رثاء متأخراً على موت شقيقه يهودا. وهو رثاء تم تبنيه على الفور وأصبح أغنية احتجاج ضد حرب لبنان الأولى. ومنذ ذلك الحين، أصبحت أغنية الاحتجاج في كل العصور. تقول الأغنية “لن أصمت لأن بلادي/ غيرت وجهها/ لن أتنازل لها، سأذكرها/ وسأغني هنا في أذنها/ إلى أن تفتح عيونها… بجسد متألم وبقلب متعطش/ هنا بيتي”. هذه القصيدة وبحق مؤثرة جداً، لكن استخدامها لتخدم دعاية متباكية إسرائيلية أمر لا يحتمل.

ليس لإسرائيل دولة أخرى، وأيضاً لجميع شعوب العالم، لكن لا أحد هناك يشتكي من ذلك. وهناك شعوب غير قليلة، ليس لها حتى دولة واحدة. صحيح أن نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة في الولايات المتحدة، استخدمت أغنية منور مرتين، مرة في الرد على إلغاء حق الإجهاض في بلادها، ومرة أخرى بعد مهاجمة زوجها بالمطرقة، ولكن أيضاً لا توجد للأمريكيين دولة أخرى، وهم بشكل عام لا يشتكون من ذلك. تكفيهم بلادهم.

ليس هكذا الأمر بالنسبة للإسرائيليين، لأنهم على قناعة بأن بلادهم تتعرض إلى خطر تدمير قريب، ويبدو أنهم الوحيدون على وجه الكرة الأرضية الذين يشعرون بذلك. دولة إقليمية لها جيش تشعر دائماً بخطر التدمير، هي على قناعة بأن لأغنية منور أهمية خاصة بالنسبة لهم، حيث من حق إسرائيل دائماً أن تكون مختلفة وخاصة، ليس مثل الشعوب الأخرى، منذ أن تم تعيينها لتكون نوراً للأغيار.

لكن ثمة بلاد أخرى لمليون إسرائيلي، وعددهم يستمر في الارتفاع. إسرائيل ترفض أن تقدم أي بيانات رسمية، لكن في الحقيقة يوجد لمئات آلاف الإسرائيليين جنسية مزدوجة وأحياناً ثلاثية. وفي السنوات الأخيرة، لم تكن هنا موضة أقوى من الحصول على جواز سفر آخر. في 2020 قدم 50 ألف إسرائيلي، حسب التقديرات، طلبات للحصول على الجنسية البرتغالية. ومنذ إقامتها، غادرها نحو 750 إسرائيلياً ولم يعودوا إليها. لهم دولة أخرى. في 2017 كان يعيش في الخارج، حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، نحو نصف مليون إسرائيلي. بكلمات أخرى، قسم غير قليل منا توجد له، وربما قسم أكبر مما يوجد لأبناء الشعوب الأخرى، دولة أخرى.

لكن المشكلة في هذه الشكوى هي التباكي على لا شيء، هذا نوع مفضل بشكل خاص على الإسرائيليين؛ اليهود لم يعانوا بما فيه الكفاية، والآن لا توجد لهم دولة أخرى. الشعب الذي قام باحتلال أرض شعب آخر وطرده واستولى على أراضيه وتركه ينزف ومهاناً ومحروماً من الحقوق وليست له كرامة منذ مئة سنة أو أكثر، من الوقاحة أن يشتكي بسبب عدم وجود دولة احتياطية له، مثلما يعتقد أن هذا من حقه. الشعب الذي لم يتعلم حتى الآن كيفية إدارة دولة واحدة بطريقة صحيحة، يبدو أنه من التبجح أن يطلب لنفسه دولة أخرى.

فلنكتف إذا بدولة واحدة، دولة معطوبة ومخنوقة وتناضل على صورتها الأخلاقية، وألا نطالب بدولة أخرى. دعونا نغني لأنفسنا أغنية احتجاج مختلفة في المظاهرات. دولة أخرى؟ هذا كل ما ينقصنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى