ترجمات عبرية

هآرتس: لم تعد عمليات أفراد، التنظيمات تدخل إلى الصورة

هآرتس 2022-04-16 – بقلم عاموس هرئيل

إن انتقال الأحداث في هذا الأسبوع من الخط الأخضر نحو الشرق باتجاه الضفة لا يجب أن يضللنا. يبدو أن موجة “الإرهاب” الحالية ما زالت بعيدة عن نهايتها، بالتأكيد حيث إن إمكانية تشويش المسار السوي لعيد الفصح تغري منفذي العمليات. نجاح أربع عمليات “إرهابية” داخل المدن في غضون شهر جلب في أعقابه كما هو متوقع موجة من المقلدين (أمس تبين أن قتل عامل أجنبي من مولدوفا في القدس في نهاية شهر آذار كانت أيضاً عملية). الضغط الذي يستخدمه الآن الجيش و”الشاباك”، بالأساس في شمال الضفة، هو الذي يدفع الاحتكاك إلى الخلف، إلى داخل المناطق.
يوجد هنا بدرجة معينة أيضاً سؤال البيضة والدجاجة. يرسل الجيش الإسرائيلي قوات هجومية إلى الميدان استمرارا لتعزيز قواته الدفاعية، أيضاً من أجل محاولة الشعور بالأمان المتضعضع لدى المواطنين. مؤخرا العمليات تمتد من منطقة جنين إلى مناطق أخرى واسعة في الضفة. حتى أن الجيش يهتم بأحداث صدى لخطواته التي جزء منها روتيني بهدف إقناع الجمهور الإسرائيلي بأنه يعمل بحذر. ولكن مجرد وجود الجنود في القرى وفي مخيمات اللاجئين بحد ذاته يشجع الاحتكاك ويؤدي في أعقابه إلى مصابين فلسطينيين، الذين بدورهم يضخمون مشاعر الثأر ويطيلون موجة العنف.
تم في الأسابيع الأخيرة إحصاء 21 قتيلاً في الطرف الفلسطيني، معظمهم مسلحون نفذوا عمليات أو كانوا مشاركين في تبادل لإطلاق النار مع الجيش. الاحتكاك اليومي المتواصل يولد المزيد من إنذارات الاستخبارات عن نوايا تنفيذ عمليات. المزيد من الأشخاص، من أجزاء مختلفة من الضفة مشاركون فيها. الآن لا ينطبق عليهم جميعا وصف “مخرب منفرد” أو حتى “خلية محلية”. فالتنظيمات “الإرهابية” بدأت في الدخول إلى الصورة. مساء أول من أمس، اعتقلت وحدة حرس الحدود الخاصة قرب رام الله عضواً في “حماس” اسمه معاذ حامد. في 2015 شرع معاذ، حسب الاشتباه، في عملية إطلاق نار قتل فيها ملاخي روزنفيلد، قرب بؤرة “كيدا” الاستيطانية. ومنذ ذلك الحين تم احتجازه في المعتقل لدى السلطة الفلسطينية، لكنه بشكل معين نجح في الهرب من السجن صباح أول من أمس. حسب “الشاباك”، هو انضم لأعضاء آخرين من “حماس” وكان ينوي تنفيذ عملية أخرى وبشكل فوري.
يساهم في تأجيج المناخ المتوتر أيضاً أعضاء اليمين المتطرف في إسرائيل. ففي الأسابيع الأخيرة حدثت 60 حادثة رشق حجارة ومس بممتلكات فلسطينية في أرجاء الضفة كانتقام ردا على العمليات. هناك تحذيرات عن نوايا لعمليات انتقام أيضاً بسبب تخريب موقع قبر يوسف في نابلس على ايدي الفلسطينيين في بداية هذا الأسبوع. وما يثير الفلسطينيين بشكل خاص هو استفزازات إسرائيلية في الحرم. نشرت أحدى المنظمات الراديكالية من منظمات الهيكل في هذا الأسبوع إعلانا يشجع تقديم قرابين في الحرم اليوم، عشية العيد، خلافا للمنع الذي تفرضه الشرطة. تم تفسير هذا الإعلان الذي أثار صدى كبيرا في المناطق كمحاولة تآمرية التي نهايتها ستكون المس بالوضع الراهن بهدف أن يؤدي ذلك إلى سيطرة يهودية في الحرم. في فجر اليوم تجمع مئات الشباب العرب في الحرم. الشرطة قامت باقتحام المسجد الأقصى ردا على رشق الحجارة وإطلاق المفرقعات في المكان. أصيب عشرات الشباب.
في اجتماع ممثلي الفصائل الفلسطينية في غزة تمت دعوة نشطاء الفصائل للاستعداد للدفاع عن المسجد الأقصى. أيضاً صلاح العاروري، نائب إسماعيل هنية في “حماس”، دعا إلى تجديد المقاومة لإسرائيل في الضفة. العاروري، الذي غادر منزله في الضفة بضغط من إسرائيل منذ 12 سنة ومنذ ذلك الحين يوزع وقته بين لبنان وتركيا، هو المسؤول عن الضفة من قبل قيادة “حماس” في الخارج. تحاول “حماس” منذ سنوات تشجيع الاشتعال في الضفة، الذي سيورط إسرائيل وسيعرض للخطر مكانة السلطة الفلسطينية.
في العام 2014، قبل فترة قصيرة من عملية “الجرف الصامد” كشف “الشاباك” عن تنظيم كبير يضم عشرات النشطاء لـ”حماس” في الضفة والذي كان ينوي زعزعة حكم رئيس السلطة محمود عباس إلى درجة إحداث انقلاب. كشف التنظيم، الذي سمي في “الشاباك” “ثعلب الأشباح”، هو الذي حث عباس على اتخاذ خط متصلب ضد “حماس” وفاقم الشرخ بين السلطة وقيادة “حماس” في غزة، طوال عملية الجرف الصامد وما بعدها. الآن يبدو أن العاروري، الذي شارك أيضاً في تلك الجولة، يشتَم احتمالية لإعادة الاشتعال.
عباس نفسه بدأ يقلق مرة أخرى. بعد الانتهاك الفلسطيني في قبر يوسف وبخ رؤساء الأجهزة الأمنية في نابلس. أيضاً الترميم السريع لمنشأة القبر تم بتوجيهات منه. يبدو أن رئيس السلطة يدرك أكثر مما كان في السابق الغضب في إسرائيل وفي الولايات المتحدة من الدعم المالي الذي تعطيه السلطة لعائلات “المخربين”. يوجد لعباس مجال صغير نسبيا للمناورة لأن الدعم للعائلات يقف في قلب الروح الفلسطينية، لكن سيكون من المهم متابعة هل أيضاً عائلات القتلة الذي عملوا في بني براك وفي تل أبيب سيحصلون على المساعدة مثلما في السابق.
نشر الدكتور ميخائيل ملشتاين في هذا الشهر تقريرا شاملا (من إصدار جامعة تل أبيب) عن الجيل الفلسطيني الشاب في المناطق تحت عنوان “لا هنا ولا هناك”. في محادثة مع الصحيفة نسب ملشتاين موجة الإرهاب الجديدة لاندماج ظروف منها تحريض واضح من جانب “حماس” في الشبكات الاجتماعية، “تأثير العدوى” الذي فيه نجاح العمليات يؤدي إلى أعمال تقليد وتأثير معين من التطرف الديني في شهر رمضان. في نظره يكمن الفرق الرئيس بين الموجة الحالية والموجات السابقة في سهولة وصول المخربين الأفراد إلى السلاح الناري. والانتشار الواسع للسلاح في المناطق وفي أوساط العرب في إسرائيل يحول هذا السلاح إلى شيء متاح تقريبا للجميع، ويزيد عدد الضحايا الذين يقعون جراء العمليات.
المخربون أنفسهم هم أبناء “الجيل الضائع” الفلسطيني؛ شباب، معظمهم غير متدينين بشكل خاص، الذين رغم معدل التعليم العالي لديهم لا يرون إمكانية في أن يضمنوا لأنفسهم وظيفة مهنية وكسبا معقولا للرزق. عداوتهم ضد حكم السلطة عالية، وهذه تجد صعوبة كبيرة في ضبطهم عندما تبدأ موجة جديدة للإرهاب. قال ملشتاين: إن العمليات تثبت أن هناك سقفا من الزجاج لجهود “السلام الاقتصادي” لحكومات إسرائيل الأخيرة التي تفضل تقديم تسهيلات اقتصادية في المناطق على استئناف العملية السياسية. وحسب قوله، صحيح أن هذا يكفي للجم انتفاضة شعبية كبيرة، لكن تحسين الاقتصاد لا ينجح في منع “مخربين” أفراد من الذهاب لتنفيذ عمليات. “إسرائيل لا يمكنها التهرب من الانشغال بالقضية الفلسطينية التي تؤثر اكثر مما كان في السابق على ما يحدث داخل الخط الأخضر”، قال.

متلازمة شومرون
وجّه وزير الدفاع، بني غانتس، الجيش الإسرائيلي في المشاورات التي أجراها في هذا الأسبوع إلى عدم توسيع النشاطات الهجومية في الضفة لتصبح عمليات غير مجدية. أراد غانتس التركيز على الاعتقالات بناء على المعلومات الاستخبارية في أماكن معينة وليس إزعاج السكان دون حاجة لذلك، كنوع من “استعراض القوة” الإسرائيلية. وقد قال لوزراء الكابينيت: إنه لا يوجد أي سبب لتغيير سياسة إسرائيل بسبب موجة العمليات من جانب مخربين أفراد. إلى جانب النشاطات الهجومية، قال غانتس، يجب مواصلة تقديم التسهيلات الاقتصادية في المناطق وحتى الاستعداد لزيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل.
عند اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول 2000 كان غانتس قائدا غضا لفرقة يهودا والسامرة، الذي استدعي ليحل محل ضابط تم عزله. في جولاته المتواترة في أرجاء الضفة في أعقاب بؤر الاشتعال تعلم بالتدريج أسماء القرى والبلدات. من المرجح أن يكون قد نقش في ذاكرته رد إسرائيل على العنف. اكثر من مرة اضطرت قوات الأمن إلى استخدام ردود زائدة التي أسقطت شهداء مدنيين في أوساط الفلسطينيين وفقط زادت التوتر. فقط في الشهر الأول للانتفاضة اطلق الجيش الإسرائيلي نحو مليون رصاصة خفيفة في المناطق.
في 2015، عند اندلاع موجة “إرهاب” الأفراد، تصرفت إسرائيل بشكل مخالف. صمم الجيش على تجنب العقاب الجماعي والتركيز على “المخربين” انفسهم. عندما تم اكتشاف وسائل تكنولوجية لتحسين تعقب “الذئاب المنفردة” وعندما وافقت أجهزة السلطة على العمل أيضاً، تم وقف الموجة بالتدريج.
ولكن هذه المقاربة تقتضي سلوكا لطيفا، يجب أن يأتي من الحكومة وأيضاً من القادة في الميدان. حكومة بينيت – لبيد يتم تحديها الآن اكثر مما كان في الأشهر التسعة الأولى من ولايتها، على ضوء فقدان الأغلبية في الكنيست والانتقاد المتواصل من قبل الليكود والمستوطنين. ولكن المنطقة تميل إلى الانجرار للتطرف واستخدام السلاح الناري بسهولة كبيرة وبسرعة. الآن عدد القتلى الذين لم يكونوا متورطين في العنف منخفض (هناك حالة بارزة لامرأة مسنة تم إطلاق النار عليها وقتلها على ايدي الجنود في قرية حوسان قرب بيت لحم، دون أن تشكل أي خطر عليهم). مع ذلك، تدل التجربة الطويلة من الماضي على أن عدد القتلى المتزايد سيشمل أيضاً مدنيين.
لا يجب الاستخفاف أيضاً بالإسهام المحتمل لروح وطنية مبالغ فيها. أول من أمس نشر تسجيل لقائد لواء شومرون، العقيد روعي تسفيغ، شرح فيه للجنود بأنهم “يعملون كأبناء الملوك ويتمتعون بامتياز استعادة شرف البلاد”، قبل الدخول لترميم قبر يوسف. من صيغة هذه الأقوال كان يمكن الفهم بالخطأ أن قائد اللواء سيجتاز مع جنوده القناة. قبل بضعة اشهر التقيت مع تسفيغ في بؤرة أفيتار الاستيطانية التي أخليت بشكل مؤقت في تظاهرات يوم الجمعة الفلسطينية في المكان. وقد تولد لدي الانطباع عن شخص عقلاني ومتزن ويدرك ضرورة استخدام منضبط للقوة. في وقت ما في المستقبل بالتأكيد سيأتي عالم إسرائيلي ويعرض على العالم متلازمة شومرون كسلالة محلية لمتلازمة ستوكهولم. هذه متلازمة فعالة جدا إلى درجة أنها تضر حتى بالضباط الذين يعيشون في الكيبوتسات.
يوفر عيد الفصح لجهاز الأمن مبرراً مريحاً لفرض قيود. أيضاً في فترات هادئة اكثر تم فرض الإغلاق على المناطق في عيد الفصح. حتى الآن تم فرض الإغلاق في هذه المرة مدة يومين، وهذه السياسة يتم إعادة النظر فيها مرة أخرى في مساء الغد. ولكن طوال الوقت سيكون مطلوباً اتخاذ المزيد من القرارات وعلى رأسها مسألة إلى أي مدة زمنية يمكن إبقاء كتائب التعزيزات الكثيرة في المناطق، في خط التماس وفي حدود الخط الأخضر على حساب فترة تدريبها وتأهيلها.

عن هآرتس

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى