هآرتس: لجنة تحقيق رسمية لن ينتج عنها أي جديد، لانها لن تتجرأ على طرح الأسئلة الجوهرية
هآرتس 13/11/2025، جدعون ليفي: لجنة تحقيق رسمية لن ينتج عنها أي جديد، لانها لن تتجرأ على طرح الأسئلة الجوهرية
بين آلاف المواضيع التي يجب على الاحتجاج مواصلة النضال من اجلها، فان تشكيل لجنة تحقيق رسمية هو آخر هذه المواضيع. بالنسبة لـ “فقط ليس بيبي” فان لجنة التحقيق هي محاولة أخرى من اجل الوصول الى عزل بنيامين نتنياهو. مشكوك فيه حدوث ذلك حتى لو انه تم تشكيل هذه اللجنة.
لجنة تحقيق رسمية هي ضمانة للمزيد من كسب الوقت، وحرف الانتباه عن الامر الأساسي. هذه بقرة مقدسة وغبية، التي من شانها ان تخدم نتنياهو.
هناك أحلام عبثية تتم صياغتها: لجنة اغرانات ستبعث الى الحياة، ونتنياهو سيستقيل مثل غولدا مئير. هذا لن يحدث. مجموعة قضاة متعالين وجنرالات كبار في السن سيجلسون وهم نائمين على المنصة لسنتين أو ثلاث سنوات، وفي نهاية المطاف سيتلقى الجمهور استنتاجات معقدة، معظمها استنتاجات فنية. هل حركوا الأدوات التي لديهم أم لا؟ هل أضاءت شرائح الاتصال في هواتف حماس أم لا؟.
أي لجنة لن تتجرأ على ان تمد يدها الى جذور القضية: سياسة كل حكومات إسرائيل، وليس فقط الحكومة الحالية، تجاه قطاع غزة والشعب الفلسطيني. حيث انها جميعها ارادت فقط إدارة النزاع، ولم تفكر أي واحدة منها في إيجاد حل لها. اللجنة لن تنشغل في هذا الامر. الانشغال في تشكيل اللجنة هو امر تافه. وتعريفها – سواء كانت رسمية أو حكومية أو نظامية – هو هامشي أيضا. في الواقع السياسي الراهن أي لجنة حتى لو كانت رسمية ستخيب أمل الذين يتوقعون إزاحة نتنياهو عن كل مناصبه، وهو الطموح الرئيسي وربما الوحيد لمن يطالبون بتشكيلها.
من اجل ان نفهم انه كان هناك فشل ذريع، نحن لسنا بحاجة الى لجنة. ومن اجل اثبات ان “الجيش الإسرائيلي لم يكن قادر على مواجهة حرب فجائية”، مثلما خلصت لجنة ترجمان في هذا الأسبوع، نحن لسنا بحاجة الى نقاش طويل. كل شخص عادي يعرف ذلك حتى بدون لجنة. واللجنة لن تساهم في القاء كل اللوم على نتنياهو. لجنة اغرانات برأت الطبقة السياسية من اللوم، بل واشادت بها. بينما تسببت لجنة كوهين بإقالة اريئيل شارون من منصب وزير الدفاع، ليتم انتخابه رئيس للوزراء بعد بضع سنوات.
هاتان اللجنتان، الانجح لدينا، لم تساهما في أي اصلاح جوهري. لجنة اغرانات لم تغير دولة إسرائيل، بل كان مناحيم بيغن هو الذي غيرها بعد بضع سنوات من خلال اتفاق السلام مع مصر. لو ان الامر كان بيد لجنة اغرانات لكان يكفي ملء مخازن الطوارئ وزيادة الجيش واضافة المزيد من اسراب الطائرات.
لن تتجرأ أي لجنة على القول بان احداث 7 أكتوبر كان لها سياق يحتاج تغيير جذري. هذا هو الاستنتاج الأهم الذي يجب ان تتوصل اليه أي لجنة تحقيق. ولكن اللجنة التي ستمد يدها الى هذا الحريق لم تولد بعد (ولن تولد). انظروا فقط الى ما فعلوه هنا بالأمين العام للأمم المتحدة، الذي تجرأ على قول ذلك بعد بضعة أيام على الكارثة.
مئات الشهود سيمثلون امام اللجنة وسيتحدثون عن الاستعدادات التي فشلت وعن المعلومات الاستخبارية التي تسربت. هذا معروف منذ زمن. وسيتحدثون عن تحويل الأموال لحماس (هذه كانت موجودة أيضا قبل حكومة نتنياهو الحالية)، وعن الجيش الذي اختفى حتى عندما احترق كل شيء. أي لجنة لن تسأل: ماذا كنتم تتوقعون ان تفعلوا بقطاع غزة بعد 10 أو 20 سنة؟ اذا سالتم اللجنة فانتم لن تحصلوا على جواب، لان إسرائيل ليس لديها جواب على ذلك. لذلك فانه لا حاجة الى أي لجنة.
يمكن الفهم بان العائلات الثكلى تكافح من اجل تشكيل لجنة. حيث انه ماذا بقي لها باستثناء الرغبة في معاقبة من تسبب في مصيبتها. ولكن يجب على حركة الاحتجاج الخروج من دائرة الراحة التي تتمثل بالنضال من اجل تحرير المخطوفين ومن اجل تشكيل اللجنة. اذا ارادت الحركة وبحق احداث اصلاح فيجب عليها اظهار الشجاعة وتقديم بديل فكري. لن ينتج عن لجنة تحقيق رسمية الا المزيد من نفس الشيء. في افضل الحالات – نتنياهو سيذهب وسيأتي نفتالي بينيت.



