ترجمات عبرية

هآرتس: لا يوجد شيء اسمه عنف المستوطنين، انه ببساطة جوهر الهوية الاسرائيلية

هآرتس 19/12/2025، يونتان بولاك: لا يوجد شيء اسمه عنف المستوطنين، انه ببساطة جوهر الهوية الاسرائيلية

25 حزيران. المكان: كفر مالك التي تقع على المنحدرات الشديدة لتل العاصور، التي قمتها هي الرابعة من حيث ارتفاعها بين جبال فلسطين. في 23 حزيران اطلقت النار على ظهر احد أبناء القرية وهو عمار حمايل. وحسب بعض الشهادات فقد كان الجنود هم الذين اطلقوا النار من مكان مخفي بين أشجار الصنوبر الموجودة على مدخل القرية من الجنوب. الرصاصة اخترقت ظهره وخرجت من جسده عبر الرقبة، وجهه لم يكن نحو الجنود عند موته. خلال الساعتين التاليتين منع الجيش بصورة عنيفة سيارة الإسعاف، وكذلك أبناء عائلته، من معالجة جراحه. أيضا سيارة تندر بيضاء مثل التي يستخدمها ضباط الامن في المستوطنات، وقفت قرب الجثة. كان عمره 13 سنة عند موته.

بعد يومين فقط على موته اقتحم اكثر من مئة إسرائيلي القرية. هم نزلوا في منحدر الجبل، بعضهم كان ملثم وآخرون غير ملثمين. قاموا بتخريب بيوت، واشعلوا النار في كل ما خطر ببالهم وخلفوا كتابات بذيئة على الجدران. لكنهم لم يكونوا لوحدهم. خلف هذه المليشيا كانت هناك القوات الرسمية للدولة، التي سارت بمحاذاتهم الى القرية، وهم الذين قتلوا ثلاثة من سكانها – احدهم هو قاصر وآخر قتلوه على مدخل بيته – في الوقت الذي حاولوا فيه الدفاع عن انفسهم وعن قريتهم امام مذبحة. بعد ذلك بقليل دوى صوت جعفر حمايل على خط الهاتف المتقطع: “هم يقتلوننا وبدأوا حرب يوجد فيها فقط طرف واحد. فقط يوجد معهم ومع كلابهم الجنود بنادق”.

10 تشرين الأول. في اليوم الأول من موسم قطف الزيتون تجمع حوالي 150 من قاطفي الزيتون في جبل كماتس الموجود في بيتا. هناك اقيمت منذ فترة عدة خيام ومبان مؤقتة، التي يسميها، سواء من يعيشون فيها أو الجيش، بالاسم المناسب “بشائر السلام”. قاطفو الزيتون وجدوا الحقول مليئة بالجنود وأعضاء المليشيا كتفا الى كتف. في نهاية اليوم بقي 20 مصاب من بين قاطفي الزيتون، بينهم 12 تم نقلهم الى المستشفى، 3 صحافيين وشاب اطلقت النار الحية على قدمه على يد المليشيا، 8 سيارات أحرقت على يد المشاغبين، وسيارة اسعاف انقلبت وتقريبا تم احراقها. في اليوم، في قطعة ارض ابعد قليلا، في الوقت الذي كانت فيه عائلة تنشغل في قطف الزيتون في الأرض، بدأ الجنود الذين كانوا يقفون وحدهم على تلة مقابلة في اطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم. طفل ابن 13، ايسم معلا، اختنق بالغاز وفقد الوعي. قتلته اعاقوا سيارة الإسعاف التي جاءت طوال ست دقائق من نقص الاوكسجين الذي اصبح قاتل. ايسم لم يفق من غفوته ومات بعد شهر من ذلك في المستشفى. الجيش صمم على استقبال جنازته باغلاق مدخل القرية وارسال سيارة عسكرية لالقاء قنابل الصوت في العزاء.

7 كانون الأول، في يوم الاحد طوق الجيش قرية المغير واقتحم شوارعها وازقتها الضيقة. ماذا كان هدف الاقتحام، هذا غير واضح. حيث ان نشاطات الجيش اقتصرت على اغلاق كل مداخل القرية، وفرض حظر التجول غير الرسمي واقتحمت سيارات عسكرية في جنح الظلام، التي منها قام الجنود باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت بين البيوت. لم تكن هناك أي محاولة لاختطاف احد شباب القرية، الذين في تلك الليلة ظلوا أحرارا. ما حدث حقا في تلك الليلة وفي تلك الساعات كان اقتحام مجموعة من الإسرائيليين لبيت عائلة أبو همام الذي يقع في قلب القرية. 8 اشخاص من المجموعة وصلوا من جهة مزرعة شليشا، وكانوا ملثمين ومسلحين بالعصي. كل من لا ينخدع بالاوهام يعرف مسبقا نتائج الهجوم. وكذلك التنسيق بين القوات الرسمية والقوات غير الرسمية التي تنفذ سياسة العنف الإسرائيلية. وحتى قبل ترك الجيش للقرية انسحب المهاجمون وخلفوا وراءهم فتى ابن 13 سنة وهو مصاب برأسه، وامرأة عمرها 59 سنة وهي مصابة بالكدمات في رأسها وجسدها وايديها، والتي لا تزال تكافح من اجل الوقوف بعد يومين في المستشفى، وأربعة نشطاء تضامن من بريطانيا وفرنسا وامريكا – جميعهم احتاجوا الى تلقي العلاج في المستشفى.

في وقت الهجوم، وبعده مباشرة، حاول اهل القرية والطواقم الطبية الوصول الى أبناء العائلات المتضررة ولكن الجيش منعهم. فقد صوب الجنود سلاحهم نحو سائق سيارة الإسعاف والمسعفين الذين كانوا يحاولون اسعاف المصابين وهددوهم بالاعتقال اذا تقدموا. وبعد بضع ساعات تمكنوا من اخلاء المصابين. وبعد ساعات أخرى تحقق التهديد بالاعتقال. عندما كانت سيارة الإسعاف عائدة من المستشفى أوقف الجنود اثنان من رجال الإسعاف عند نقطة التفتيش وقاموا بتكبيلهما وعصب عيونهما، ولم يطلقوا سراحهما الا بعد ساعات. وذلك بسبب مجرد وجودهما هناك. لم يكن الجنود الذين فعلوا ذلك من الجنود – المستوطنين أو من كتائب الحماية الإقليمية، بل هم ببساطة كانوا من جنود الاحتياط، الأشخاص الذين يجلسون في المقاهي وفي الأماكن المفتوحة وفي مكاتب الإدارة.

الهجمات على أبناء العائلة تواصلة حتى في الأيام التالية. كالعادة وجد الجيش الحل في ازعاج ضحايا الهجوم. في البداية صدر امر منطقة عسكرية مغلقة لمدة 24 ساعة، الذي استخدم لاعتقال اثنان من النشطاء وترحيل آخرين. ثم وصل الجنود وشرطة الحدود وفرضوا امر اغلاق لمدة شهر. اعتقلوا ناشطتين امريكيتين تواجهان الان الترحيل. رغم انهما لم تكونا داخل المنطقة المغلقة. وواصل الجنود التردد على بيت العائلة في محاولة لتعقب أي شخص لا ينتمي لها، شريطة أن لا يكون قادم من جهة مزرعة شليشا.

13 كانون الأول. هاجم ثلاثة فتيان يرتدون قبعات يهودية كبيرة منسوجة وشعر مستعار طويل سيارة حنان خيمل وولديها ابناء 5 و4 سنوات. حنان نفسها كانت حامل في الشهر التاسع. المهاجمون هددوا أبناء العائلة وضربوهم ورشوهم بغاز الفلفل ووجهوا لهم شتائم عنصرية. وأول من اعتقلتهم الشرطة وقامت بالتحقيق معهم في اعقاب الحادث، الذي أصرت على وصفه بانه خلاف على الطريق – كانوا 17 شخص من قرية حنان، الذين احتجوا على الهجوم. لم يتم الاشتباه بأي واحد منهم بارتكاب اعمال عنف، بل بقول الحقيقة: هذا الهجوم الذي لم يقع في الضفة الغربية، بل في يافا، كان موجه لكل المجتمع الفلسطيني في يافا، ولم يحدث ذلك في فراغ، بل في مناخ أوجدته النواة التوراتية في يافا، الممولة من بلدية تل ابيب، والتي كانت مصدر التوتر وعدم الاستقرار في المدينة لسنوات، وفرضت الخوف والرعب على سكان يافا العرب. ويترأس هذه المجموعة الأساسية الحاخام الياهو مالي، الذي قررت النيابة العامة عدم محاكمته بتهمة التحريض، بعد ان صرح قائلا: “ارهابيو اليوم هم أبناء العملية السابقة التي تركتهم على قيد الحياة. النساء في الواقع هن اللواتي ينتجن المخربين”.

لا يوجد هناك شيء اسمه عنف المستوطنين. فالعنف ضد الفلسطينيين بكل اشكاله – سواء كان رسمي أو ما يصوره الليبراليون بانه فوضى – ليس استثناء، بل هو جوهر الهوية الإسرائيلية. وينطبق نفس الامر على الضفة الغربية وقطاع غزة ويافا والجليل وأي مكان آخر. الضفة الغربية ليست ارض المستوطنين، والمهاجمون ليسوا جماعة صغيرة من المتطرفين. هذه الهجمات هي تطبيق لسياسة تطهير عرقي طويل الأمد، لا تبدأ ولا تنتهي بـ “المستوطنين المتطرفين” أو بـ “حكومة اليمين المتطرفة”. الضفة الغربية ليست ارض خارج الحدود، البلاد كلها من البحر الى النهر هي ارض الإسرائيليين.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى