ترجمات عبرية

هآرتس: لا علاقة للتقارب الإيراني مع السعودية بإسرائيل

هآرتس 12-3-2023، بقلم عاموس هرئيل: لا علاقة للتقارب الإيراني مع السعودية بإسرائيل

بعد الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، تطور تبادل اتهامات بين السياسيين الإسرائيليين. مصدر سياسي رفيع في روما، الذي احتفل بعيد زواجه بالصدفة، اتهم أمس رئيسا الحكومة السابقة، يئير لبيد ونفتالي بينيت، بأن التقارب بين الرياض وطهران بدأ في عهده-ما. في حين أنهما قالا إن بنيامين نتنياهو منشغل في مؤامرة الانقلاب النظامي إلى درجة أنه توقف عن تكريس الوقت والاهتمام بقضايا استراتيجية، على رأسها بؤبؤ عينه: وقف المشروع النووي الإيراني.

هناك شيء ما في الادعاءات المتبادلة. هي في الحالتين ليست ذات صلة. إسرائيل كالعادة، على قناعة بأنها مركز الشرق الأوسط، إذا لم تكن مركز العالم. ولكن يبدو أنه خلف توجه التقارب الجديد بعد سبع سنوات من القطيعة، كانت هناك اعتبارات باردة من الدولتين المخضرمتين اللتين ليس لهما أي علاقات مع إسرائيل. الإشارات الأولية، كما يدعي نتنياهو، تراكمت في فترة حكومة بينيت – لبيد (وإن كانت المفاوضات قد سبق وبدأت في نهاية فترة حكومة نتنياهو السابقة). ولكن لم يكن بإمكان إسرائيل فعل أي شيء لإقناع السعودية بالتراجع عن موقفها.

بدرجة كبيرة، نبعت المصالحة من تغيير الأدوار بين الدول العظمى وليس بين حكومات إسرائيل. منذ سنوات والولايات المتحدة تعطي إشارات عن نيتها تقليص تدخلها في الشرق الأوسط، في حين أن الصين تزيد الاهتمام بما يحدث في المنطقة. كان الصينيون وبحق هم الوسطاء في المحادثات التي انتهت بنجاح.

الدعوة للاستيقاظ بالنسبة للسعودية كانت في عهد إدارة ترامب بالتحديد، التي اعتبرت ودية للغاية بالنسبة للمملكة. حدث هذا في 2019 عندما تسببت إيران بأضرار جسيمة لمواقع “أرامكو” للنفط في السعودية من خلال مهاجمة طائرات مسيرة وصواريخ كروز، في حين تجنب الأمريكيون الرد.

كان النظام في الإمارات أول من استخلص الدروس عندما انسحب من الحرب ضد الحوثيين في اليمن، حلفاء إيران، بعد فترة قصيرة من ذلك. الآن، حيث فهمت السعودية بأن الولايات المتحدة لن تحارب من أجلهم ضد إيران، وأن الصين مستعدة للتوسط في التقارب، في حين تواصل إيران التعزز كدولة عظمى عسكرية إقليمية، فليس من الغريب أنهم اختاروا المصالحة، رغم الكراهية الشديدة بين الطرفين ورغم المنافسة المتواصلة على الهيمنة في الشرق الأوسط.

وبعد القرار الذي لم يطبق بعد، ربما لم تنته تماماً احتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية. شروط السعودية التي عرضت في “هآرتس” في كانون الأول الماضي، والتي نشرت في الصحف الأمريكية مرة أخرى الخميس الماضي، موجهة بالأساس لأمريكا وليس لإسرائيل. محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، يريد تحالفاً علنياً مع واشنطن، أي مكانة تشبه مكانة أعضاء الناتو من أجل شراء السلاح الأمريكي المتقدم وضوء أخضر من البيت الأبيض لمشروع مختلف عليه، وهو النووي المدني. في الخلفية، حتى لو بأهمية قليلة، تقف العملية السياسية مع الفلسطينيين التي يرفض نتنياهو دفعها قدماً منذ سنوات. قد تتجاهل الرياض بصورة مهذبة ما يحدث في الضفة الغربية، لكن إذا وقف الحرم في مركز مواجهة عنيفة فمشكوك فيه أن تتجاهل هذا تماماً.

قبل أن ينتقل ليصب كل الجهود في الانقلاب النظامي، سوق نتنياهو وعدين استراتيجيين بحماسة قبل عودته إلى الحكم. وكانا كلاهما مرتبطين معاً. الأول هو التطبيع الكامل مع السعودية، والثاني حل عسكري للتهديد النووي الإيراني ولو بصورة رمزية. إذا توقع أحد أن يحارب طيارون سعوديون في سماء إيران لصالحنا، فهذه أفكار نزلت عن جدول الأعمال منذ فترة طويلة. بخصوص الهجوم الإسرائيلي، رغم الخط الهجومي نسبياً الذي تبنته مؤخراً الإدارة الأمريكية ضد المشروع النووي، يبدو أن القطار الجوي للشخصيات الأمريكية الرفيعة التي جاءت إلى هنا مؤخراً، جاء لتأكيد العكس؛ وهو أن إسرائيل لن تعمل بأي شكل من الأشكال في إيران بدون إذن من أمريكا.

طهران، بعد فترة شديدة، آخذة في تعزيز مكانتها الاستراتيجية من خلال خطوتين: الأولى بالتقارب مع روسيا، وثمن ذلك برود من قبل الغرب بسبب المساعدات العسكرية التي أعطتها لروسيا في حربها ضد أوكرانيا. الثانية، المصالحة مع السعودية مع التأكيد على كون الصين طرفاً رئيسياً في الاتفاق.

في الوقت نفسه، تواصل إيران التقدم نحو التوصل إلى الهدف الذي حدد الغرب وإسرائيل سابقاً باعتباره خطاً أحمر، وهو إنتاج يورانيوم مخصب بمستوى عسكري هو 90 في المئة. إن أحداث الأشهر الأخيرة تكشف تصريحات نتنياهو الفارغة في القضية الإيرانية. إن وهمه بشأن تحالف إسرائيلي – سني لكبح إيران إلى درجة هجوم مشترك، آخذ في التلاشي. يظهر في هذه الأثناء موثوقاً كوعد بـ “سيادة في يوم الأحد” الذي نثره على المستوطنين في 2020 حول عرض “صفقة القرن” للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذا التحالف يظهر الآن واقعياً، مثل ضم الضفة الغربية.

عدو مناسب

إن سيل الأخبار الخميس كان هستيرياً، حتى بمصطلحات الفترة غير العادية التي تمر بها الدولة؛ فقد تم عزل الطيار العقيد احتياط جلعاد بيلد من خدمة الاحتياط خلال 7 – 8 ساعات، واستؤنفت المظاهرات الكبيرة في تل أبيب، وتم نقل قائد لواء تل أبيب، المفتش عامي إيشل من منصبه، وأصيب ثلاثة شباب إسرائيليين بنار مخرب فلسطيني في المدينة. لو كان هذا فصلاً في مسلسل تلفزيوني، لقلنا بأن المخرجين فقدوا السيطرة على الحبكة.

خلال هذه الدراما، تم تهريب نتنياهو وزوجته إلى مطار بن غوريون بطائرة مروحية للشرطة مع طائرة مروحية لسلاح الجو دعماً وتضليلاً للوصول إلى رحلتهما إلى إيطاليا في الوقت المحدد. حول استمرار أحداث المساء، تم إبلاغ رئيس الحكومة، وأحيانا بتأخير معين، أثناء زيارته الرسمية إلى روما. كانت ظروف البث من إيطاليا بعيدة عن أن تكون مثالية. لكن في نشرة الأخبار (التي تغيرت بسرعة إلى موجة مفتوحة) ظهر نتنياهو متكدراً ومنهكاً، وحتى مقطوعاً عن الواقع بدرجة معينة. أصبح صعباً رؤيته كيف سينتصر في معركته السياسية الحاسمة.

وزراء كبار في الليكود، باستثناء وزير العدل ياريف لفين، يدركون خطورة وضعه، ويبدو أن معظمهم قد فضلوا التوصل إلى تسوية توقف الاحتجاج قبل أن يواصل التوسع. المتمردون في ردودهم هم وزراء صغار وأعضاء كنيست في المقاعد الخلفية وماسحو جوخ للأب ونجله. في دول أخرى، يقوم في هذه الظروف أحد المقربين من الزعيم ويتقدم منه من وراء الأبواب المغلقة ويشير إليه بأنه قد حان الوقت للتنازل من أجل التقليل من الخسارة.

تصعب في هذه الأثناء رؤية من سيعلق هذا الجرس؛ سواء وزراء كبار يخافون على أنفسهم من الاعتصامات الاحتجاجية لرجال الاحتياط التي تلاحقهم في كل مكان، أو دائرة مستشارين في محيط نتنياهو التي ضعفت بدرجة كبيرة مقارنة مع الدائرة التي رافقته في حكومات سابقة، ولا أبناء العائلة. يصعب الرهان أيضاً بهذا الشأن على رؤساء جهاز الأمن، الأصغر منه بعقد ونصف، الذين كانوا بصعوبة ضباطاً أو موظفين صغاراً في المرة الأولى التي انتخب فيها نتنياهو لرئاسة الحكومة قبل ربع قرن تقريباً.

في الوقت الحالي، يتم وقف وبحق إقالتين مدويتين حدثتا الخميس. أول أمس، قررت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، تجميد إقالة المفتش إيشلد بسبب الاشتباه لأنها إقالة غير قانونية. والمفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، سارع للامتثال رغم تطاول آخر من الوزير إيتمار بن غفير ضد المستشارة القانونية. بدرجة معينة، كانت هنا سابقة للأزمة القانونية التي قد تحدث في نهاية الطريق. اختار شبتاي الاستجابة لسلطات القانون وليس للحكومة.

بعد بضع ساعات، جاءت الانعطافة الحادة للجنرال تومر بار، قائد سلاح الجو، حين أوقف العقيد بيلد من الاحتياط مع نية عزله بعد الحصول على مصادقة من رئيس الأركان، بذريعة أن بيلد قد نسق من وراء ظهره عدم امتثال الطيارين للخدمة في الاحتياط. لم يكن للتهمة أي أساس، كما قال بيلد على الفور. أجرى بار، وهذا يقال في صالحه، عملية فحص أخرى، وبعد ذلك عاد إلى رشده. قيل له فيما بعد بأن قراره إلغاء التوقيف أنقذ سلاح الجو. مئات رجال الاحتياط الآخرين في سلاح الجو فكروا بالاستقالة من الخدمة الفعالة، لو خرجت إقالة بيلد إلى حيز التنفيذ.

نشر المتحدث بلسان الجيش بياناً ملخصاً، صيغ بعناية. للأسف الشديد، عني شخص ما بتسريب سابق لذلك لادعاء كاذب، وكأن بيلد اعتذر في محادثة. لم يكن لديه سبب لطلب العفو –لا يوجد ذكر لذلك في بيان المتحدث. أعلن بيلد لأصدقائه بأنه سيأتي كالعادة إلى المظاهرة في شارع كابلان في تل أبيب. كان من بين الخطباء في المظاهرة قائد سلاح الجو السابق، الجنرال احتياط أمير إيشل، في حين خطب رئيس الأركان السابق، عضو الكنيست غادي ايزنكوت، في هرتسليا. وكلاهما يعرفان بيلد ويقدرانه جداً.

آلة المناورات والدعاية النشطة التي طورها أبناء عائلة نتنياهو في العقد الأخير وجدت أمامها للمرة الأولى عدواً مناسباً: مئات آلاف الإسرائيليين، أصبحوا يدركون وضعهم وحقوقهم. نشاطات قيادة النضال يقودها عدد من الخبراء الأذكياء في الدولة، و”الهايتيك” وفي عالم الأعمال وخريجي سلاح الجو وخريجي دورة هيئة الأركان وجهاز الاستخبارات. ليس غريباً أن بدأ رئيس الحكومة يتصبب عرقاً.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى