ترجمات عبرية

 هآرتس – لا توجد كونفيدرالية بدون ادارة مشتركة

هآرتس – بقلم  ليف كرينبرغ- 31/10/2021

” عندما نتحرر من رؤيا “حل النزاع” فانه يمكن لحلم الكونفيدرالية أن يتحول من يوتوبيا آخر الزمان الى عملية سياسية محدثة للحوار والتفاوض حول ادارة مشتركة للبلاد المشتركة “.

المقال الذي نشره رجلا القانون مني ماوتنر ويوئيل زنغر حول حل الكونفيدرالية (“هآرتس”، 22/10)، يساهم بشكل كبير في فتح حوار عام حول احدى المسائل الاساسية في حياتنا، وهي العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو في ايلول 1993 لم يتم اجراء أي نقاشات حول مستقبل العلاقات أو “حل النزاع”، وهذه اختفت كليا منذ صك اهود باراك شعار “لا يوجد شريك” واندلاع الانتفاضة الثانية. منذ ذلك الحين ايضا من يؤيدون “حل الدولتين” لم يعودوا يعتقدون أن هذا الحل قابل للتطبيق. يبدو أن التمسك بيوتوبيا الدولتين هو وهم يمكن من تجاهل الواقع اليومي للتمييز ضد الفلسطينيين، واقتصاد القمع والتجريد من الملكية والقتل. 

أنا اشارك تقريبا كل كلمة بخصوص حل الكونفيدرالية الذي تم طرحه في المقال. ولكني اتحفظ من احادية الجانب التي تركز على احتياجات الاسرائيليين مقابل احتياجات الفلسطينيين. المشكلة في المقال هي أن الكونفيدرالية تم عرضها ايضا مثل يوتوبيا، بشكل منفصل عن الاحداث اليومية التي تحدث امام ناظرينا.

أنا شريك في رفض يوتوبيا التقسيم الشامل لدولتين، وايضا حل الدولة الواحدة. ولكني اقترح البدء من الجانب الايجابي للكونفيدرالية، الذي هو دمج الجانبين الايجابيين في الحلين الآخرين مع تجاوز عيوبهما. هكذا طرحت فكرة الكونفيدرالية قبل عشر سنوات كاستنتاج لبحثي حول فشل اوسلو. وقد قمت بتسمية الصيغة التي اقترحتها “اتحاد اسرائيل – فلسطين” من اجل التأكيد على المقارنة مع الاتحاد الاوروبي الذي فيه توجد دول مستقلة كليا، لها خطوط حدود واضحة ومراقبة، ولكن ايضا هناك مؤسسات مشتركة تدير الاقتصاد المشترك.

في الرؤيا الايجابية فان الكونفيدرالية بين اسرائيل وفلسطين يجب أن تجسد طموح الشعبين لحياة وطنية سيادية عن طريق اقامة مؤسسات منتخبة منفصلة وتطبيق علاقة الشعبين بكل البلاد عن طريق ادارة مشتركة لكل ما هو غير قابل للفصل، بدءا من القدس والاماكن المقدسة وانتهاء بخزان المياه الجوفية التي توجد تحت الارض والهواء والاقتصاد والامن. ولكن كي تتحول هذه الفكرة الى برنامج سياسي قابل للتنفيذ فانه محظور تجاهل الوضع القائم. ومطلوب اتخاذ موقف في المسائل الملحة لتحريك العملية، خلافا لليوتوبيا التي بقيت على الورق. 

على سبيل المثال، في مسألة المستوطنين التي هي “المسألة الاكثر صعوبة”، حسب زنغر وماوتنر. بالنسبة لهما، ازدياد عدد المستوطنين من 100 ألف الى 500 ألف منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو، هو السبب الرئيسي لفشل حل الدولتين وسبب الحاجة الى حل كونفيدرالي. وقد اقترحا ضم الكثير من المستوطنات عن طريق تعديل الحدود والسماح للمستوطنين الذين يعيشون في وسط الدولة الفلسطينية بالبقاء هناك والحفاظ على الجنسية الاسرائيلية. المشكلة هي أن المستوطنين الذين يعيشون في قلب الدولة الفلسطينية العتيدة هم المستوطنون “الايديولوجيون” وغير المستعدين للموافقة على أي اتفاق. هؤلاء المستوطنون هم الذين يهاجمون بصورة فعالة جيرانهم الفلسطينيين. وهم الذين يواصلون تجريدهم من اراضيهم وتوسيع المستوطنات بحماية الجيش والوزارات الحكومية. ومن اجل تحويل فكرة الكونفيدرالية من يوتوبيا الى برنامج سياسي فانه مطلوب موقف واضح في موضوع المستوطنات والمستوطنين. مثل عدم بناء أي مستوطنة، ونزع سلاح السلاح الهجومي للمستوطنين، خلافا للمسدسات التي تستخدم للدفاع عن النفس، ومعاقبة المظاهر العدائية عن طريق منع التواجد في المناطق.

إن احادية الجانب في رؤية الكونفيدرالية، حسب زنغر وماوتنر، تظهر في الاساس في مجال الاقتصاد والامن. وبما يشبه اعضاء اليسار الذين يؤيدون حل الدولتين، هما يعتبران اتفاق الاقتصاد الذي وقع في باريس في 1994، الاساس للعلاقات الاقتصادية. وفي مجال الامن يشيران الى أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح وأن “مصالح اسرائيل الامنية تحتاج الى استمرار وجود الجيش الاسرائيلي في المناطق”. أي مصالح امنية؟ الدفاع عن الاسرائيليين الذين يعيشون في المناطق؟ الدفاع عن الاماكن المقدسة؟ مطاردة الارهابيين؟ لماذا سيستمر الاتفاق الاقتصادي الذي يضر بالفلسطينيين من خلال فرض رفع الضرائب الذي يسري في اسرائيل وتحويل الاقتصاد الفلسطيني الى سوق أسيرة يجب شراء بضائع باهظة السعر منها؟. 

السؤال البارز لاحادية الجانب وتجاهل الواقع هو الحصار المفروض على القطاع والمستمر منذ 15 سنة ويضر بمعظم السكان، لكنه يلبي “المصالح الامنية والاقتصادية لاسرائيل”. والنقاش حول الكونفيدرالية كبرنامج سياسي يحتاج في البداية رفع الحصار على الفور، وفتح المعابر الى الضفة الغربية. ومجرد النقاش في هذه المسألة ينقلنا على الفور الى نقاش سياسي حول كونفيدرالية تقوم على ادارة مشتركة، لا احادية الجانب، لحركة البضائع والاشخاص. هذا الامر يحتاج الى النقاش بتعاون السلطة الفلسطينية، لكن ايضا بتعاون حماس. وهنا تكمن الامكانية الكامنة التي لم يتم تجسيدها في اتفاقات اوسلو، التي يجب على أي نقاش حول الكونفيدرالية أن يبدأ بها، وهي حقيقة وجود مؤسسات دولة فلسطينية يمكنها أن تتحول في لحظة، في اعقاب قرار سياسي، الى شريكة في النقاشات حول ادارة مشتركة لاسرائيل – فلسطين. من اجل ذلك يجب ازالة الرؤية الاستقوائية من جدول الاعمال حول “حل النزاع” و”انهاء كل الطلبات” والانتقال الى رؤية عملية ديمقراطية لبناء المؤسسات والسعي الى التفاهمات وادارة متفق عليها حول كل النقاط الكثيرة المختلف عليها.

فقط عندما نتحرر من رؤيا “حل النزاع” فانه يمكن لحلم الكونفيدرالية أن يتحول من يوتوبيا آخر الزمان الى عملية سياسية محدثة للحوار والتفاوض حول ادارة مشتركة للبلاد المشتركة. بكلمات اخرى، مثلما اقترحت القصيدة المحظورة لـ يعنكيلا روتبليت من العام 1969، “لا تقولوا ذاك اليوم سيأتي، بل احضروا ذاك اليوم”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى