هآرتس: لامبالاة قضاة المحكمة العليا بالألم في غزة، لا تختلف عن لامبالاة موريا اسرف

هآرتس – حن معنيت – 23/7/2025 لامبالاة قضاة المحكمة العليا بالألم في غزة، لا تختلف عن لامبالاة موريا اسرف
التجاهل شبه المطلق لمعظم وسائل الاعلام للدمار، الالم والمعاناة، التي تتسبب بها اسرائيل لسكان غزة في الحرب المتواصلة في القطاع، هو فشل ذريع نأمل التحدث عنه كثيرا. تعبير عن نفس التصرف المعيب شاهدناه مؤخرا في الصورة التي اسكتت فيها بشكل عنيف المقدمة في القناة 13 موريا اسرف الصحافية عمانويلا الباز فيليبس في اللحظة التي حاولت فيها التحدث عن الصدمة التي اصيبت بها بسبب الصور القاسية التي تاتي من غزة في وسائل الاعلام الاجنبية.
المراسلون الذين يديرون الظهر لمعاناة الاطفال في غزة ويرفضون عرض امام الجمهور الصورة الكاملة لثمن الحرب، هم بذلك يخونون دورهم. ولكنهم ليسوا الوحيدين. ففي المقال الذي نشر في ملحق هآرتس في شهر أيار الماضي، اظهرنا نير حسون وأنا، كيف ان المحكمة العليا ايضا، المؤسسة المبجلة التي مهمتها هي الدفاع عن حقوق الانسان، تقف جانبا، وتقريبا لا تتدخل في عمليات اسرائيل في القطاع التي تضر بشكل شديد بحقوق الفلسطينيين، التجويع، الحرمان من العلاج، حظر زيارات الصليب الاحمر للسجناء الامنيين، منع وصول المراسلين، نقل السكان من مكان الى آخر، جعل السكان نازحين – هذا فقط جزء من النشاطات التي نفذتها اسرائيل في غزة، والمحكمة العليا لم تتدخل فيها ولم تمنعها رغم الالتماسات التي قدمت اليها في السنة والنصف الاخيرة من قبل منظمات حقوق الانسان.
مؤخرا سنحت للمحكمة العليا فرصة اخرى من اجل اصلاح الاخطاء، لكنها مرة اخرى فضلت دفن الرأس في الرمل بدلا من القيام بالدور الذي من اجله تم تشكيلها. هذا حدث في اعماق الالتماس الذي قدمه للمحكمة العليا ثلاثة جنود من الاحتياط، الذين جاءوا من اوساط اليسار، وعبروا عن تخوفهم من ان توسيع الحرب في غزة باسم “عربات جدعون” يشمل الاخلاء القسري والدائم للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وهذا احد اهداف الحرب.
الالتماس الذي قدمه المحامي ميخائيل سفارد اكد فيه على ان الامر يتعلق بامر غير قانوني، يخرق القانون الدولي وقيم روح الجيش الاسرائيلي. الالتماس يرتكز، ضمن امور اخرى، على اعلان وزير الدفاع اسرائيل كاتس بانه اصدر اوامره للجيش لاحتلال المزيد من المناطق في القطاع واخلاء السكان وايضا الامر العسكري الذي جاء فيه بشكل صريح بان احد اهداف العملية هو “تجميع ونقل السكان”.
امام الادعاءات القاسية للمس بحقوق الانسان التي طرحت في الالتماس وارتكزت الى تصريحات الجيش الاسرائيلي ووزير الدفاع، كان يمكن التوقع من القاضي دافيد مينتس والقاضي عوفر غروسكوفف والقاضي خالد كبوب، أن يقوموا على الاقل عقد جلسة في محاولة لاستيضاح هذه الادعاءات. ولكنهم اكتفوا بتصريح رئيس الاركان ايال زمير، الذي قال فيه ان الجيش الاسرائيلي لا يفرض نقل السكان في القطاع خلافا لادعاءات الجنود، وأمروا بشطب الالتماس.
حقيقة ان وزير الدفاع كاتس، الذي هو احد من تم تقديم التماسات ضدهم (الذي تصريحاته في وسائل الاعلام مناقضة لتصريح رئيس الاركان)، والذي امتنع عن اعطاء رد على الالتماس، لم تزعج القضاة.
الامر المؤسف في قرار القضاة، رفض التماس آخر يتعلق بحقوق سكان غزة، تم تبريره، ضمن امور اخرى، باعتماد الملتمسين في الالتماسات على منشورات وسائل الاعلام (بما في ذلك صحيفة “هآرتس”) لا قيمة لها كدليل، حسب ما تقول المحكمة العليا. هكذا، حتى عندما تقوم وسائل الاعلام بدورها في فضح انتهاك حقوق الفلسطينيين في القطاع، تحصل هذه المنشورات على الاستهزاء من المحكمة العليا. كافكا لم يكن ليكتب ذلك بشكل افضل.