ترجمات عبرية

هآرتس – كيف ينظر الملك الأردني إلى مطالب القبائل والنسيج الجديد داخل المملكة؟

بقلم: تسفي برئيل – هآرتس 5/7/2021

“إن ما قام به عضو البرلمان المقال يضر بالنسيج الوطني والوحدة الوطنية، ويضر بالقبائل ومؤسسة العرش. لا يمكن أن يوافق البرلمان على أن يفكر أحد الأعضاء فيه بهذه الطريقة”، قال عضو البرلمان الأردني حسين الحراسيس رداً على الحادثة التي أشعلت المملكة في حزيران. بدأت هذه القصة في 21 أيار الماضي عندما أدى فشل تقني إلى انقطاع الكهرباء في الدولة. وتفسير الحكومة لم يقنع عضو البرلمان أسامة العجارمة. وقد قام بتجميع 150 شخصاً من مؤيديه حوله في مدينة ناعور قرب عمان. وقال في عرض خطابي عنيف إن انقطاع الكهرباء أمر مخطط له، ويهدف إلى منع إجراء المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وضد إسرائيل.

في هذا العرض ظهر العجارمة وهو يلوح بسيف ويحمل مسدساً بيده ويهدد بإطلاق النار على رأس كل من ينتهك إرادة الشعب، أي على الملك. وقد تطورت مواجهة عنيفة بين مؤيديه وقوات الأمن التي جاءت لتفريق المظاهرة، وأصيب أربعة من رجال شرطة. بعد عشرة أيام، اجتمع أعضاء البرلمان في الأردن لمناقشة الأمر، ثم طلب منه بكامل هيئته اتخاذ قرار حول طرد أو تعليق عضوية العجارمة. في ختام جلسة صاخبة، هاجم فيها العجارمة البرلمان الخانع، وقال إنه يمثل خاتماً مطاطياً لمن يقيم علاقات سلام مع إسرائيل، وتقرر بأغلبية 108 أعضاء من بين 119 عضواً شاركوا في الجلسة، سحب عضوية العجارمة في البرلمان. وبعد أسبوع على ذلك، اعتقلته الشرطة تمهيداً للمحاكمة.

العجارمة عضو برلمان مشاكس ولا يعتبر من أعضاء البرلمان المهمين. حيث إن الـ 130 عضواً في البرلمان يحصلون على احترام الجمهور. ولكن العاصفة التي أثارها خلقت ردوداً ساخنة في الشبكات الاجتماعية؛ التي بحسبها ظهر وكأن الأردن يؤيد راية “التمرد” التي رفعها. وقد ساهمت في ذلك أيضاً وسائل إعلام عربية وأجنبية، التي حولت الحادثة إلى ظاهرة تدل على تحلل “النسيج الوطني”، الذي تحدث عنه الحراسيس. سيال المجالي، رئيس بلدية الكرك، المدينة الجنوبية التي تطورت فيها معارضة صاخبة للقبائل، قال: “هناك خوف من فقدان السيطرة على الشؤون الأمنية في الدولة”. اقتُبست أقواله هذه في وسائل الإعلام.

استجاب رؤساء القبائل لكل ميكروفون، واحتجوا بالقول بأنهم يشعرون بالإهمال وبأنهم لا يحصلون على الحصة السياسية والمالية التي يستحقونها. وبشكل طبيعي، لكن بدون أي أساس، تم ربط احتجاجهم مع قضية “المؤامرة” أو “الفتنة”، التي كشفت في نيسان. الأخ غير الشقيق للملك، الأمير حمزة، اتهم بمحاولة القيام بانقلاب في البلاط الملكي. فقد بدأ حمزة، حسب تقارير أردنية، في تجنيد عدد من رؤساء القبائل لدعمه لإقصاء شقيقه عن الكرسي. صحيح أن القضية تواصل التدحرج في المحكمة، لكن حمزة، الذي أعلن مرة أخرى إخلاصه للملك بوساطة حثيثة من الأمير حسن، لم يكن هو الذي قُدّم للمحاكمة، بل شركاؤه: باسم عوض الله، الذي كان رئيس مكتب الملك والمقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحسن بن زايد، من أبناء عمومة الملك.

وفي هذه القضية، يتبين أن مفهوم الـ”محاكمة” يحظى بمرونة مدهشة. إن مطالبة محامي المتهمين باستدعاء عدد من الشخصيات الرفيعة في المملكة من أجل تقديم شهاداتهم، من بينهم الأمير حمزة، قد تم رفضها. ويبدو أن الخوف من أن يتحدث هؤلاء الشهود عن علاقات المتهمين مع السعودية، وربما مع الإمارات أيضاً، المذكورتين (إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل) على اعتبار أنهما تعاونتا، بل وشجعتا على التآمر على الملك.

المحاكمة والقضية التي ولدتها تقلقان الملك بسبب الخلافات الداخلية التي تكشفت في العائلة المالكة والأضرار التي لحقت بصورة الحكومة المستقرة والشعبية التي يسعى الملك عبد الله إلى الحفاظ عليها وتسويقها للعالم. وقد تم التوضيح له بأن علاقة الولاء التاريخية بين العائلة المالكة والقبائل ليست بديهية، وهي تقتضي صيانة مستمرة، بالأساس بسبب التغييرات الديمغرافية والاجتماعية التي تمر فيها القبائل.

صحيح أن هذه المقاربة، التي يحصل –بحسبها- رؤساء القبائل على تسهيلات من الحكومة، وفي المقابل يضمنون الدعم والهدوء، ما زالت سارية وعلى الأغلب ناجعة، لكن تظاهر أبناء القبائل الشباب وانضمامهم لحركات المعارضة واحتجاجهم في الشبكات الاجتماعية، فيها ما يدل على ضعف السيطرة التقليدية لرؤساء القبائل كبار السن من أبناء الجيل الثاني والثالث. هؤلاء انضموا في السنوات الأخيرة إلى مجموعة العاطلين عن العمل الكبيرة، التي -حسب بيانات البنك الدولي- تشمل نصف الشباب في الأردن تقريباً. هؤلاء الشباب يطالبون بمزيد من أماكن العمل وضمان الدخل. ويريدون حصة مناسبة في السلطة وشراكة سياسية محترمة واستبدال النخبة التقليدية واستئصال الفساد.

لا يتجاهل الملك هذه الطلبات، ويدرك بأن التآمر عليه وتصريحات العجارمة، بحاجة إلى علاج جذري. في الشهر الماضي، شكّل لجنة برئاسة رئيس الحكومة الأسبق سمير الرفاعي، وكُلفت بعرض اقتراحات إصلاحية حتى تشرين الأول، وستعطي فرصة سياسية لقطاعات أكثر وتتضمن قانون انتخابات وقانون أحزاب جديدين. هذه المبادرة مرغوب فيها، لكنها لا تقنع الجمهور، الذي يذكر مبادرات سابقة للملك عندما تولى الحكم، في 2005، وأيضاً تعديل قانون الانتخابات من العام 2013. لم يتم تنفيذ هذه المبادرات حتى الآن، ولم يخلق قانون الانتخابات المعدل بالفعل أي فرص للشباب للمشاركة في السياسة. يجب على الملك في هذه المرة القيام بخطوات حقيقية وليس خطوات تجميلية أو بلاغة شعبوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى