ترجمات عبرية

هآرتس– كيف تحول وزير الاعلام اللبناني الى شخصية مشهورة دوليا

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 1/11/2021

” تصريحات جورج قرداحي وضعت معضلة امام رئيس الحكومة الجديد في لبنان. فهل سيخضع لضغط السعودية أو سيعلن بأن لبنان غير قابل للابتزاز “.

جورج قرداحي، وزير الاعلام اللبناني، هو الوزير الاكثر شهرة في حكومة لبنان الجديدة. في الاسبوع الماضي اصبح، لغير صالحه وفي صالح الحكومة، شخصية مشهورة دوليا. في شهر آب الماضي، قبل بضعة اسابيع على تعيينه في هذا المنصب، قال قرداحي في مقابلة مع التلفزيون بأن “الحوثيين في اليمن يناضلون ضد العدوان الاجنبي الذي دمر بيوتهم وحياتهم… الحرب في اليمن هي حرب عبثية”. وعندما تم نشر المقابلة في الشبكات الاجتماعية كان يمكن في حينه شم رائحة الدخان الذي تصاعد من النار التي اشعلها.

خلال يومين ظهرت النار. السعودية واتحاد الامارات، الشريكتان في الحرب في اليمن، قامتا بطرد السفراء واعادتا سفرائها من لبنان. وبعد يوم ايضا البحرين انضمت اليهما. تبريرات قرداحي لم تساعد، التي بحسبها هو عبر عن رأيه قبل تسلم منصبه الرسمي. وأنه الآن يحرص على التأكيد على عدم تدخل لبنان في النزاعات الاقليمية. السعودية، التي سبق وتعرضت قبل ذلك لانتقاد لاذع منه، كانت هذه فرصة انتظرتها.

محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الذي يستثمر مليارات الدولارات في تحسين صورته وصورة المملكة في العالم، قرر معاقبة لبنان والحكومة في الوقت الذي تشكلت فيه بعد اشهر من النقاشات والخلافات، واجتازت مواجهتها الاولى للاحداث العنيفة في الشوارع. ابن سلمان أمر بوقف الاستيراد من لبنان ومنع السعوديين من زيارة لبنان. السعودية سبق وفرضت عقوبات على لبنان في شهر نيسان بعد أن كشفت المخابرات السعودية محاولة لتهريب ملايين حبات الاكستازي والمخدرات الاخرى التي تم اخفاءها في ارساليات للفواكه. الآن لبنان يجد نفسه في مكان قطر، التي فرضت عليها السعودية ايضا مقاطعة وحصار في 2017، والتي تم رفعها فقط في كانون الثاني الماضي. 

قرداحي هو مسيحي ماروني عمره 71، وقد دخل الى الحكومة بعد مسيرة ناجحة في الاعلام. وقد بدأ عمله الصحفي بداية السبعينيات كمراسل في قناة “تلفزيون لبنان”، ومن هناك انتقل الى راديو مونتي كارلو، حيث شغل هناك منصب المحرر الرئيس. شهرته كمذيع ومقدم برامج معروف جدا في الشرق الاوسط حصل عليها في العام 2000 عندما عرضت عليه قناة “ام.بي.سي” التي هي بملكية السعودية، تقديم النسخة العربية لبرنامج “من سيربح المليون”. هذا كان نجاح كبير، عشرات ملايين المشاهدين كانوا يجلسون أمام الشاشات وآلاف المرشحين من دول الشرق الاوسط قدموا ترشحهم، والاعلانات والمداخيل وصلت الى عنان السماء، وصاحب القناة الشيخ وليد الابراهيم حول القرداحي الى شخص ثري، والآن تقدر ثروته بعشرين مليون دولار تقريبا. بعد ذلك قام قرداحي بتسويق عطر باسمه وعدد من البدلات الفاخرة للرجال.

في العام 2017 مكث الابراهيم 83 يوم في فندق “ريتس” في الرياض، اضافة الى عشرات اصحاب المليارات والملايين الذين تم اعتقالهم بأمر من محمد بن سلمان واطلق سراحهم فقط عندما وافقوا على التخلي عن مئات ملايين الدولارات. قرداحي، المذيع الذكي والمبتسم الذي يساعد المتنافسين والذي يظهر بعيد عن السياسة، غادر قناة “ام.بي.سي” في 2016 بعد أن قال في برنامجه بأن هناك مؤامرة عربية ضد سوريا. هذه لم تكن المرة الوحيدة التي عبر فيها عن تعاطفه مع بشار الاسد. ففي العام 2011، في ذروة مذبحة النظام ضد ابناء شعبه، اثار القرداحي عاصفة عندما اطلق تصريحات مؤيدة للاسد. وفي 2018 في مقابلة مع قناة “المنار” التابعة لحزب الله سئل من حسب رأيه هو شخصية العام، اقترح ثلاثة اشخاص، الاسد وحسن نصر الله وفلادمير بوتين. 

على خلفية الخلافات التي اثارها في تصريحاته فمن غير الواضح لماذا قرر رئيس الحكومة الجديد، نجيب ميقاتي، تعيينه هو بالتحديد وزيرا للاعلام. ولكن لأن السياسة في لبنان، حتى في اصعب اوقاتها، تستند الى العلاقات والميول السياسية، وبسبب الضغط على ميقاتي، المقرب من حزب الله، من اجل الاسراع في تشكيل حكومة متفق عليها، وجد القرداحي نفسه في وزارة مهمة. بعد تعيينه وبعد عودته من زيارة في دبي اضاف الزيت الى الشعلة في لبنان عندما طلب من محررين واصحاب وسائل اعلام تجنب اجراء المقابلات مع اشخاص معروفين بمواقفهم المناهضة للحكومة. الآن السؤال هو هل سيقرر ميقاتي، الذي تنصل من تصريحات وزير الاعلام في حكومته، اقالة قرداحي والخضوع لضغوط السعودية؟ أم سيتمسك بالخط الوطني الذي يقول إن لبنان غير مستعد ليكون خاضع للابتزاز. المعضلة ليست قيمية فقط. فمن المتوقع أن يكون لهذا القرار تداعيات سياسية واقتصادية. والخضوع لطلب السعودية سيدخل ميقاتي الى قناة تصادم مع حزب الله وسيعرضه لانتقاد الجمهور؛ ورفض الطلب سيضر باقتصاد لبنان وسيجمد المساعدات التي وعدت بها دولة الامارات وعملية اعادة الاعمار بعد الانفجار في ميناء بيروت.

بالنسبة للسعودية هذه محاولة اخرى لفرض ارادتها على لبنان. لم يتم نسيان القضية المخجلة في 2017 بعد، التي فيها اجبر ابن سلمان رئيس الحكومة سعد الحريري على تقديم الاستقالة ومنعه من الخروج من السعودية بعد استدعائه لزيارة توبيخ. الضغط الدولي فعل فعله، والحريري عاد الى لبنان، وسحب استقالته وواصل منصبه، والقضية تمت اضافتها الى قائمة اخفاقات ابن سلمان. ايضا من المهم أن ابن سلمان لم يحلم باعادة السفراء من الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا أو أن يطرد سفراء هذه الدول، رغم أن انتقادها للحرب في اليمن والمس بحقوق الانسان في السعودية كان اقسى من انتقاد القرداحي. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى