هآرتس: كابلانية في القدس وبيبية في غزة

هآرتس – الوف بن – 22/7/2025 كابلانية في القدس وبيبية في غزة
سنبدأ من النهاية. اذا نجح بنيامين نتنياهو في ازاحة من الطريق المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، واستبدالها بخادم مطيع من قبله، فسيصبح الامر هنا اسوأ بكثير. الدمج الذي يخطط له نتنياهو بين مستشار قانوني بيبي ورئيس شباك مسيحاني وشرطة كهانية، يضمن ان سلطات انفاذ القانون ستوجه جهودها لقمع معارضة النظام وتصفية حرية التعبير وتخليد حكم رئيس الحكومة. بعد السيطرة على الشرطة وازاحة رونين بار وترفيع الجنرال دافيد زيني الى منصب رئيس الشباك، فان المستشارة القانونية للحكومة هي آخر الباقين على قمة الجبل.
بهراف ميارا تظهر منذ سنتين الشجاعة النادرة امام حملة الضغط والكراهية التي يشعلها ضدها نتنياهو، وتحارب من اجل حماية حرية التعبير وطهارة المعايير في ظروف صعبة يصعب تحملها اثناء الحرب الاطول في تاريخ اسرائيل. ولكن عندما نقرأ طلبها الذي قدمته للمحكمة العليا من اجل وقف عزلها، نكتشف انها تقوم بالتركيز على الاجراءات. الحكومة تريد تغيير القوانين في منتصف اللعبة من اجل التخلص من المستشارة، والمحكمة المبجلة يجب عليها الدفاع عن القواعد السابقة. باختصار، هذا غير لطيف، كما تعودت امي المتوفاة القول لنا.
عندما نخرج من عوالم القضاء، الدستوري والاداري، الى الحياة الحقيقية نكتشف شخصية مختلفة في جوهرها لبهراف ميارا. حارسة العتبة التي تمسك بقواها الضعيفة أسس قلعة الديمقراطية، ايضا تعطي ركيزة قانونية واخلاقية للجهد الاساسي الذي يبذله نتنياهو وحكومته وهو قمع الفلسطينيين. المستشارة القانونية هي المفسرة المخولة للقانون، ايضا لقوانين الحرب والاحتلال. وهي تعطي الدعم المطلق لتدمير قطاع غزة وقتل عشرات الآلاف من سكانه وتجويع المتبقين والاعداد لطردهم. ايضا للسيطرة العنيفة على اراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية والتنكيل بالسجناء الفلسطينيين، الذين توفي عشرات منهم في السجن، واسكات احتجاج الاقلية العربية في اسرائيل.
ان محاضر جلسات الكابنت الامني ستكون سرية لسنوات كثيرة اخرى، وربما الى الأبد. ونحن لن نعرف اذا اسمعت المستشارة القانونية أي انتقاد في أي وقت في الغرف المغلقة أو اذا حذرت من تنفيذ جرائم حرب. تصريحاتها العلنية تدل العكس. في 23 آذار، بعد خمسة ايام على خرق اسرائيل لوقف اطلاق النار في غزة، ارسلت ميارا رسالة الى الحكومة طلبت فيها ان تبقى في المنصب، وشرحت نشاطاتها الكثيرة من اجل الدفع قدما بسياسة الحكومة، بما في ذلك نظرية “العمل امام قطاع غزة”، “محاربة الارهاب والتحريض على الارهاب”، “حبة الكرز” و”توسيع الاستيطان وتاييده”.
الكلمات المغسولة لبهراف ميارا تذكر بضحايا التطهير لستالين وماو، الذين توسلوا من اجل الابقاء على حياتهم والحرية بذريعة أنهم كانوا سيوعيين مخلصين، لكن ذلك لم يساعدهم، مثلما نتنياهو لم يشفق على المستشارة القانونية للحكومة التي عبرت عن تاييدها المتحمس لنظرية “عمله الوحشي”. بالنسبة له لا يمكن ان تكون بيبي في غزة وكابلاني في القدس.
تتسلل الى القلب فكرة ماذا كان سيحدث لو ان المستشارة اظهرت نفس الشجاعة التي اظهرتها ضد طردها من منصبها. ايضا محاولة وقف القتل الجماعي للفلسطينيين اثناء تواجدهم في الطابور للحصول على الغذاء في قطاع غزة، وطرد تجمعات الرعاة في غور الاردن وفي الخليل، والتنكيل القاتل بالسجناء. ولكن النيابة العامة برئاستها فضلت المماطلة ردا على الالتماسات التي قدمتها منظمات حقوق الانسان ضد جرائم الحرب، وحتى منع مناقشتها.
يمكن فقط التذكر بغضب انه قبل اربعين سنة قامت الحكومة باقصاء المستشار القانوني اسحق زمير، وهو من مؤيدي بهراف ميارا البارزين الآن، بسبب تصميمه على اصدار أمر باجراء تحقيق جنائي بشأن حدوث جريمة حرب.