ترجمات عبرية

هآرتس – قفزة نحو الديمقراطية ستنتهي  مثلما انتهت في يوغسلافيا

هآرتس – بقلم  افنر بن زكين – 1/12/2021

” الكونفيدرالية ستخلد الفشل الذي يعاني منه الشرق الاوسط، الذي يتمثل بتأسيس المجتمع على العلاقات العائلية بدلا من العلاقات المدنية “.

في ظل غياب اتفاق على حدود اسرائيل، وفي ظل وضع سياسي معقد، يتم مرة اخرى طرح فكرة الكونفيدرالية. في “هآرتس” نشر مني ماوتنر ويوئيل زنغر مقالات تستدعي التفكير في هذا الامر. وبذلك انضمت لمقالات سابقة نشرها مثقفون اسرائيليون مقدرون مثل ميرون ربابورت واورن يفتاحيل وياعيل باردا. 

حل الكونفيدرالية لشعبين متشددين، اللذين يفصل بينهما نهر من الدماء والمعاناة، يحاول، ليس للمرة الاولى، تطبيق حل من مناطق اخرى على شرق اوسط مشتعل ويغلي. سحر الفكرة يتكون من الافتراض أنه يمكن الأكل من الكعكة وابقاءها كاملة؛ ومن عطر السياسة الاوروبية؛ والاهم من ذلك من فكرة أنها غضة وجديدة ولم تواجه حتى الآن عدد لا ينتهي من النقاشات والتجارب السياسية. ومن اجل الفحص بشكل ذكي الصعوبات والاحتمالات والاخطار التي توجد في هذه الفكرة يجب الأخذ في الحسبان العوامل التي صنعت هذا السحر. 

أولا، هذه فكرة تشكل وثيقة استسلام لاملاءات المستوطنين. انجازهم الاساسي يتلخص في نجاحهم في زرع اليأس في اوساط اتباع حل الدولتين، وأن يغرسوا في قلوبهم مسلمة تقول إنه لا يمكن اخلاء المستوطنات. وبالتالي لن تكون هناك أي احتمالية لحل الدولتين. هذا ادعاء باطل. يمكن، مثلما اقترحت معظم الخطط، حل المشكلات عن طريق تبادل الاراضي وابقاء عدد من المستوطنات تحت سيادة اسرائيل. والمستوطنات المتشددة بشكل خاص يمكن ابقاءها تحت السيادة الفلسطينية.

بالذات حقيقة أن اعضاء كثيرين في حركة الكونفيدرالية، الذين جاءوا من المستوطنات، يؤيدون الفكرة، هي أمر مشجع. وقد توصلوا الى الاستنتاج بأن استمرار الوضع الراهن سيؤدي بالضرورة الى دولة ثنائية القومية. وفي محاولة لانقاذ وجودهم ايضا في يهودا والسامرة، وانقاذ الطابع اليهودي لدولة اسرائيل، قاموا بانسحاب تكتيكي باتجاه فكرة الكونفيدرالية. من الواضح اذا أنه حتى جزء من المستوطنين يدركون أنه لا يمكن فرض السيادة الاسرائيلية على يهودا والسامرة، والحلول الممكنة هي إما حل الدولتين أو الكونفيدرالية.

ثانيا، الى جانب حقيقة أنه من غير الواضح كيف سيتصرف الكيان السياسي الذي له رأسين عندما يتشاجر اعضاءه على كل شجرة زيتون وحول كل قبر مقدس، على المستوى الفكري السياسي حل الكونفيدرالية يعكس تراجع كبير للمفاهيم الاساسية القديمة. اتباع هذه الفكرة يقدسون فعليا “الارض” والهوية “الوطنية التنظيمية”، حيث أن الفكرة السياسية للكونفيدرالية هي رزمة وليس نظرية سياسية جوهرية. 

ما يخلق مصير مشترك لاعضاء مجتمع معين ليس الارض أو شخصية أب مشتركة، بل بالتحديد اطار القواعد، أي أن النظام السياسي، هو التعبير الرسمي عن الرغبة في الاتحاد والعيش معا في ظروف وضمن حدود معينة. بدرجة معينة فكرة الكونفيدرالية، التي تركز على ارض واحدة لشعبين وليس على دولة واحدة تطبق ميثاق اجتماعي متفق عليه من قبل جميع مواطنيها، ستمكن من وجود وضع فيه بالتحديد العلاقات العائلية ستكون أهم من العلاقات المدنية. فعليا، هذا امر واعد، لأن الفشل الاقليمي سيجد تعبيره داخل الاطار السياسي الجديد. 

على الرغم من أن هناك زملاء فلسطينيين في حركة الكونفيدرالية، إلا أن هناك تجاهل لمراحل التطور السياسي للفلسطينيين، وهم لا يتم سؤالهم عن الجيد بالنسبة لهم. هل هم مستعدون للقفز عن المرحلة الموجودة في حياة كل شعب والتنازل عن تجربة الاستقلال والسيادة والتحرر؟ هل الفلسطينيون لا يحتاجون الى الاستقلال والى دولة خاصة بهم كمرحلة ضرورية للتطور التاريخي التنظيمي، بالاساس من اجل أن يستطيعوا النضوج سياسيا واستنفاد احلام الخلاص السياسي وترسيخ حياتهم على مباديء عملية يمكنها أن تؤدي الى حياة كريمة؟.

ثالثا، الكونفيدرالية هي بنية سياسية متطورة، تناسب كيانات سياسية ناضجة، أو على الاقل هي تناسب كيانات سياسية لها خيال ثقافي ووطني. يبدو أن اسرائيل ما زالت لم تنضج بما فيه الكفاية من اجل أن تكون دولة حقيقية، لها دستور ونظام انتخابات وتعكس مبدأ سيادة المواطنين. ومن باب أولى الفلسطينيين الذين لا توجد لهم أي تجربة سياسية، هم فعليا جنين لم يولد بعد. 

القفزة النوعية من كيانات سياسية، هي حتى الآن ليست دول عادية، الى الكونفيدرالية تأخذ كيانين سياسيين “صبيانيين” وتأمل بأن ادخالهما الى حلف زواج سينقلهما بـ “قفزة تاريخية” الى النضوج، وأن الحياة السياسية المنفردة في ارض مشتركة ستحولهما الى كيانات سياسية ناضجة. فعليا، سينتج لدينا كيان سياسي جديد غير واضح وغير ناضج، سينهي طريقه حقا مثلما انهت يوغسلافيا طريقها.

لذلك فان المطلوب هو اولا وقبل كل شيء، كيانات سياسية سليمة وممأسسة. الهوية التي ستشكل الاعضاء فيها لن تكون قائمة على قومية عضوية، بل على قوميات مدنية. في اليوم الذي سنعتبرفيه نحن الاسرائيليون أنفسنا اسرائيليين ونستنفد حتى النهاية هوية القومية المدنية الاسرائيلية، والفلسطينيون يستنفدون حتى النهاية هويتهم المدنية الفلسطينية، عندها فقط ستنشأ الظروف التاريخية للتعاون المتطور من هذا النوع. ومحاولة القفز عن مراحل ضرورية وكأن الوضع المعقد بين الحركة القومية اليهودية والحركة الفلسطينية يحتاج الى “اختراع مخادع”، يساعده على القفز عن جميع المشكلات، سينتهي بتحطم الاعضاء.

حل الدولتين هو صحيح بالاساس كمرحلة لتطور سياسي طبيعي، وهو بالمناسبة ممكن الآن اكثر من أي وقت مضى. للمرة الاولى تحركت الصفائح التكتونية للسياسة الاسرائيلية عند تشكيل الحكومة الجديدة، التي احدثت ازمة تاريخية بين المستوطنين والليكوديين من بئر سبع واسدود ونتانيا وريشون لتسيون والكريوت، الذين يعلنون صبح مساء بأنه من اجل مبدأ سلطة الاغلبية فانهم يتمنون اليوم الذي سيتم فيه اخلاء عوفرا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى