ترجمات عبرية

هآرتس: قصة عملية سرية إسرائيلية خلف قناة السويس في العام 1973

هآرتس 2022-06-24م، بقلم: يوسي ميلمان

قبل أكثر من عام بقليل ظهر فجأة اسم تسفي لفنة في موقع “يزكور” (يتذكر) التابع للجيش الإسرائيلي. وهذا ما هو مكتوب في الملخص على موقع التخليد لشهداء معارك إسرائيل: “توفي بعد الخدمة في 25 حشفان 5861 (أي 11/11/2001). كان عمره 51 عاماً عند وفاته. مكان دفنه هو المقبرة المدنية في رمات هشارون – “موراشا”. خلافاً للإجراءات، ليس هنالك ذكر لرتبته وحياته وانتمائه العسكري.

كان النقيب تسفي لفنة جندياً في دورية هيئة الأركان. ومنذ موته، وطوال حوالى 20 عاماً، رفضت وزارة الدفاع طلب عائلة وأصدقاء لفنة الاعتراف بعزيزهم شهيداً للجيش الإسرائيلي، وقد فعلت ذلك فقط في العام 2020 بعد أن فرضت المحكمة ذلك. تتطابق قصته مع قصة وحدة الأسطول البحرية 13 والذين غطسوا في المياه الملوثة لوادي كيشون، وبعد ذلك اضطروا إلى النضال طوال عشرات السنين ضد رفض الجهاز الاعتراف بالعلاقة ما بين الغطس والسرطان.

تسفي أفيعاد لفنة – تسفيكا، كما سماه الجميع، ولد في العام 1950، ودرس في مدرسة “أوهل شم” في رمات غان، وفي شبابه كان رئيس لفرقة كشافة. وقد تميز في دراسته، ودرس الرياضيات والفيزياء في الجامعة العبرية. كانت الأيام هي أيام حرب الاستنزاف. لفنة، هذا ما كتب في الكتاب الذي أصدرته عائلته لذكراه، “شعر بالإحباط لأنه ليس في الجيش، وأوقف دراسته بعد سنتين وتطوع لدورية هيئة الأركان”. من أوصى به كان داني ياتوم، والذي كان حينها في إجازة تعليمية من الجيش، ودرس معه في الجامعة.

تجند لفنة في آب 1970 مع الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي أنهى حرب الاستنزاف. قائده كان كوكي كنعاني من كيبوتس غان ميخائيل. لقد اجتاز مسار التدريب العادي والمضي للوحدة واندمج جيداً في النشاطات العملية. بعد ذلك ذهب إلى دورة ضباط، وأنهاها بامتياز، وعاد إلى وظيفة. بقيادة دوف كتمري، وعوزي يائير، ومناحيم دجلي وأيهود براك، وسعت الدورية نطاق نشاطها إلى ما خلف خطوط العدو في مصر، وسورية، ولبنان، والأردن.

منذ يوم أقامتها في العام 1957 كوحدة تخدم شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي وهيئة الأركان العامة (ومن هنا جاء اسمها)، ركزت وتخصصت الدورية في مهام جمع المعلومات، بما في ذلك إخفاء أجهزة تنصت، سميت “الوسائل الخاصة”. واستهدفت هذه إعطاء المخابرات الإسرائيلية تحذيراً مسبقاً قبل الحرب. لاحقاً تبين أن رئيس الاستخبارات العسكرية، إيلي زعيرا، لم يشغلها كما هو مطلوب في الجبهة المصرية قبل يومين من اندلاع حرب “يوم الغفران”، بل فقط فحص صلاحيتها. فيما بعد كشف المصريون أن هذه الوسائل والمعدات المرافقة لها اكتشفت، وهي معروضة في المتحف الحربي في القاهرة.

بعد الحرب نشرت في “يديعوت أحرونوت” وثيقة سرية لقيادة قوات الدفاع الجوي – قيادة الفرقة 8 فرع دورية مراقبة للجيش المصري كتب فيها: “في الساعة 18:22 يوم 1973.2.16 نفذ العدو اختراقاً لمجالنا الجوي في منطقة شمال الزعفرانة بسبع طائرات مروحية. حوالى الساعة 20 فتحت سيارة جيب النار على شخصين من قواتنا من رجال حرس الحدود. في منطقة الكيلومتر 88 في شارع السويس القاهرة، جُرح أحدهما وهرب الآخر. تم العثور على آثار طائرة مروحية وإنزال جيبين من الطائرة. نُفذت العملية في إحدى الليالي المقمرة، والتي فيها كالمعتاد ينفذ العدو عملياته الخاصة. يمكن التقدير بأن العدو سيركب أجهزة التقاط لخطوط الهاتف مثلما حدث في الساحة الجنوبية من الجبهة السورية”.

تؤكد الوثيقة المصرية على أحداث تلك الليلة، كما قال أحد المشاركين في العملية والتي كان اسمها “قنصلية”: “قائد الوحدة كان أيهود براك، وقد دربنا كقوتين موازيتين، في تدريب على نموذج في سيناء. في التدريب قمنا بمحاكاة اصطدام مع العدو، بحيث إن كل قوة يمكنها مساعدة الأخرى. وهذا حقاً ما حدث. لقد اصطدمنا. وفي أعقاب الاصطدام كان يتوجب علينا تغيير المكان والسفر، ولكن واصلنا المهمة”.

كانت المهمة واحدة من سلسلة عمليات تم فيها نقل طواقم دورية هيئة الأركان مع جيباتهم على الطائرات المروحية إلى خلف قناة السويس وخليج السويس. في الجيبات كانت توجد أجهزة التنصت وفيها بطاريات كبيرة وقوية استهدفت إطالة عمرها. من أجل الحفاظ على الأمان، في كل جيب كان هنالك فقط جنديان، جلسا في الأمام وكانت هنالك ألواح تفصل بينهما وبين البطاريات التي وضعت في المقعد الخلفي. عمليات من هذا النوع تمت بتنسيق مع قسم الجمع ووحدة التكنولوجيا لشعبة المخابرات (81) ومع شعبة العمليات الخاصة التي أسسها يوسي لينجوتسكي بناءً على طلب أبراهام أرنان، مؤسس الدورية.

“أذكر أنه من حين إلى آخر وصل إلى 81، إلى وحدة العمليات الخاصة وإلى دورية هيئة الأركان، خبراء فحصونا وفحصوا الجيبات بأجهزة خاصة”، قال لـ”هآرتس” أحد المشاركين في تلك العمليات، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه. في العملية التي جرت في شباط 1973 كان تسفي لفنة في أحد الجيبات، والذي فيه بسبب نقص المكان، حملت البطاريات دون الحاجز. رغم الخلل واستمرار العملية لفترة أطول من الزمن الذي حدد، فقد تكللت بالنجاح وعاد كل المقاتلين بسلام. على الشجاعة التي أظهروها والجرأة والتنفيذ الناجح حصل المشاركون على جائزة أمن إسرائيل.

في العام 1972 وفي الوقت الذي كان لا يزال فيه جندياً تزوج لفنة من روتي ولاحقاً ولد لهما ابن وبنت. في العام 1975 تسرح وبدأ بالدراسة في قسم إدارة الأعمال في مسار مباشر للدكتوراه في المعهد التكنولوجي لمساسوستش (أم أي تي). هناك التقى مع ضابط آخر من الوحدة، وهو بنيامين نتنياهو، وتصادق الاثنان. عندما قتل يوني نتنياهو في العام 1976 في عنتيبة، رافق لفنة نتنياهو في سفره إلى جامعة كورنيل من أجل أن يبلغ الخبر المرير للوالد، البروفيسور بن تسيون نتنياهو. في العام 1981 انضم لفنة إلى كادر كلية إدارة الأعمال في جامعة تل أبيب وفيها درس وبحث حوالى 7سنوات. في العام 1987 استقال من الحياة الأكاديمية، وتوجه إلى مجال الأعمال الخاصة، وأسس من بين أمور أخرى شركة البنى التحتية “لينوم للهندسة”.

رأي واضح

أصاب مرض السرطان لفنة في آب 1999. بعد حوالى عام قدم طلباً لضابط المكافآت في وزارة الدفاع للاعتراف به كمعاق في الجيش الإسرائيلي. في تشرين الثاني 2001 مات لفنة. بعد سنتين من ذلك رفضت وزارة الدفاع طلبه، وبدأ في محاولات أنهكت أرملته روتي بمطالب لاستخراج وثائق في ظل مماطلة متعمدة. في مرحلة معينة توجه أصدقاء تسفي إلى وزير الدفاع في حينه، أيهود براك، ولرئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، الذي حضر عرس ابنة لفنة وطلب مساعدته. الانطباع الذي تلقياه كان أن الاثنين ليسا متشجعين للمساعدة.

من بين باقي الوثائق التي قدمتها روتي لفنة كان رأي خبير للدكتور إسحق أورون من قسم الهندسة في جامعة بن غوريون في النقب، وفيه يؤكد أنه بسبب استمرار العملية مدة سبع ساعات فقد تعرض الجنود لمواد خطيرة. خبير آخر، وهو الدكتور هرئيل هيلبرن، كتب هو أيضاً رأي خبير، وفيه أشار إلى “أن مكوث تسفي لفنة في القسم الخلفي من الجيب كان نتيجة لضرورة عملياتية أدت إلى خرق شديد لإجراءات الأمان”. كذلك قال نمرود حيفتس صديق لفنة في الوحدة في إفادته: إنه كان أثناء العملية قائد الجيب وإلى جانبه جلس السائق أوري راز. “جلس تسفي لفنة وجندي آخر في القسم الخلفي، وبالقرب من المعدات التي تحدثنا عنها حيث إنه لم يكن هنالك أي حاجز بينهم وبين المعدات.

حنان لفنة، شقيق الشاب تسفي لفنة، والذي خدم هو أيضاً في دورية هيئة الأركان مات بالسرطان في العام 2005. في السنوات الأخيرة من حياته أجرى بحثاً، وفيه توصل إلى الاستنتاج بأنه بالإمكان يحتمل أن جنوداً آخرين من الوحدة الذين ماتوا بالسرطان أو من أمراض أخرى بصورة مفاجئة وغير مفهومة، قد تعرضوا لمواد خطيرة. “لم نكن ندرك في حينه المخاطر”، قال لـ”هآرتس” ضابط في هيئة الأركان، فيما بعد كان أحد رؤساء جهاز الأمن. “لقد قدسنا المهام من أجل الدولة، ولكن مثلما في قصة الوحدة البحرية من الأسطول، تسببت الدولة بموت المقاتلين الذين ضحوا بحياتهم وعائلاتهم”.

رفضت وزارة الدفاع المرة تلو الأخرى الطلب بالاعتراف بروتي لفنة أرملة في الجيش الإسرائيلي. فقط حكم قاطع يرافقه نقد شديد ولاذع من المحكمة اضطر الجيش في سنة 2020 لقبول الدعوى.

ورد من وزارة الدفاع: “قسم العائلات – التخليد والذكرى يشارك العائلة حزنها. أرملة الشهيد النقيب تسفي لفنة توجهت سنة 2002 بطلب للاعتراف بحقوقها بقوة قانون عائلات الجنود الذين سقطوا في المعركة. في أعقاب ذلك جرت مشاورات طبية وقانونية وفي سنة 2003 تقرر رفض طلبها نظراً لأنه لم يتم العثور على علاقة بين ظروف خدمته وظروف وفاته. على هذا القرار قدمت لفنة التماساً للمحكمة وتمت مناقشة الالتماس في العام 2019 وفيه اتخذ قرار بالاعتراف بالأرملة، وتحترم وزارة الدفاع قرار المحكمة”.

وورد من مكتب أيهود براك: “كان براك قائداً للوحدة أثناء العملية المذكورة، وعرف شخصياً وقدر تسفي لفنة ومساهمته العملية للأمن. كوزير دفاع عمل براك قدر إمكانه من أجل الاعتراف بحقوقه. يرحب براك بأن مساهمته من جانب والظروف التي قادت إلى موته من جانب آخر اعترف بها في نهاية الأمر”.

رفض بنيامين نتنياهو الرد. ورفضت روتي لفنة أن تجري مقابلة من أجل هذه المقالة.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى