ترجمات عبرية

هآرتس – في نتناز اسرائيل صادقت من جديد على الاتفاق النووي واصبحت مراقبة من الجانب بدلا من لاعبة رئيسة

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 19/4/2021

” ايران تتبجح بقدرتها النووية، لكن الاهم بالنسبة لها هو بعث الاتفاق النووي بدل اثارة غضب واشنطن. في هذه الاثناء نتنياهو ينقبض ازاء التحسسات الاولى بين الرياض وطهران  “.

       اجتماع الكابنت السياسي بعد اشهر من التجميد يجب أن يثير الانفعال. فقط بعد أن حرك الرئيس الامريكي جو بايدن المفاوضات مع ايران، وبعد جولة من الهجمات المتبادلة، حسب تقارير مختلفة، بين اسرائيل وايران، وعلى خلفية الانفجار في منشأة نتناز، تذكروا في القدس أنه ربما من الجدير اجراء نقاش معين حول ما يجري بشأن “التهديد الوجودي” الايراني.

       الصحوة المتأخرة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وانشغاله بالتطعيمات وضعته أمام واقع جديد، فيه اسرائيل بقيت مراقبة من الجانب في المنافسة التي كان يجب أن تشارك فيها كلاعبة رئيسة. فهي عالقة بين خطوات سياسية جوهرية لا تستطيع فيها التأثير أو التدخل، تقديراتها بخصوص نتائج الحادثة في نتناز انهارت، مكانتها كمجندة للدعم الدولي ضد ايران، وهو الانجاز الكبير الذي جرف نتنياهو، تقوضت. وهي الآن يمكنها فقط أن تصوغ بلهجة شديدة “الخيانة الامريكية”.

       من جولة المحادثات النووية الثانية التي بدأت في يوم السبت الماضي في فيينا بدأ دخان ابيض يتصاعد. نائب وزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، الذي يترأس الوفد الايراني، ابلغ بأنه “الآن اصبح بالامكان البدء بصياغة مسودة الاتفاق”. لأنه “في فيينا اصبح يوجد فهم جديد”. الطريق ما زالت طويلة، حذر عدد من المشاركين في النقاشات، لكن الاتجاه واضح. وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، اعتبر قرار ايران تخصيب اليورانيوم الى مستوى 60 في المئة “استفزاز”، ووكالة الطاقة الدولية النووية أكدت على أن ايران بالفعل نجحت في ذلك، لكن واشنطن لم تتأثر بشكل خاص.

       القدرة على التخصيب الى مستوى 60 في المئة ما زالت لا تنتج قنبلة نووية. كمية التخصيب ما زالت مقلصة، بالاساس بسبب الحاجة الى تشغيل عدد كبير من اجهزة الطرد المركزي من الطراز الجديد. ايضا اذا نجحت ايران في زيادة نظاق التخصيب فهي ستحتاج الى مكونات كثيرة اخرى والتغلب على صعوبات اطلاق الرؤوس المتفجرة النووية. ولا يقل عن ذلك اهمية أن ايران لا تريد المخاطرة بأن ينظر اليها كمسؤولة عن انهيار احتمالية العودة الى الاتفاق النووي بعد أن بدأ بايدن في ازالة هذه التهمة عن كاهل الولايات المتحدة.

       الدليل على ذلك يمكن ايجاده في جهود طهران لتأطير قرار زيادة نوعية التخصيب على اعتبار أن هذا عملية ثأر ضد اسرائيل، وليس كوسيلة لدهورة المفاوضات أو المس بها. محللون ايرانيون في وسائل اعلام رسمية، اشاروا الى المؤامرة “الصهيونية – الامريكية – العربية” التي تمت حياكتها من اجل المس بقدرة ايران في نتناز، لكن النظام اقتنع كما يبدو بأن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في هذه القضية. على أي حال، مصلحة ايران في اعادة الحياة الى الاتفاق النووي اكثر اهمية في الوقت الحالي من غرس عود في عين واشنطن. افتراض اسرائيل يجب أن يكون، بناء على ذلك، بأن واشنطن ستبدل كل ما في استطاعتها من اجل استئناف الاتفاق النووي، وأن أي عملية احباط اسرائيلية، سياسية أو عسكرية، ستعتبر مسا بمصالح امريكا الوطنية.

       سباق ضد الزمن

        حسب التقارير من فيينا، فان جميع الاطراف يلاحقها ضغط الزمن. اللقاءات المتواترة والمشاورات السريعة التي يجريها الوفد الايراني مع القيادة (مقابل اطالة الوقت لاسابيع واشهر، التي ميزت النقاشات في المفاوضات السابقة قبل الاتفاق النووي) يمكن أن تدل على أن ايران معنية بالتوقيع على الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شهر حزيران. هذه اجندة مكتظة تقتضي تنازلات ومرونة كبيرة من جميع الاطراف. وليس من الواضح ما الذي قصده عراقجي بـ “فهم جديد”، الذي سيمكن من البدء بصياغة الاتفاق، لكن يمكن التقدير بأنه يشمل استعداد امريكا للتنازل عن خطة النبضات، التي بحسبها كل طرف سيتنازل عن شيء معين، والتنازل سيتم اعتباره لفترة معينة قبل أن يتم تنفيذ النبضة القادمة الى حين انتهاء كل العملية.

       ايران، حسب رأيها، سبق لها وتنازلت عندما وافقت على المشاركة في المفاوضات قبل أن يتم رفع جميع العقوبات، وعندما وافقت على تعليق الحظر الذي فرضته على التفتيش في منشآتها مدة ثلاثة اشهر (بالقيود التي تم الاتفاق عليها مع وكالة الطاقة النووية الدولية). الآن هي تطالب برفع كامل للعقوبات. بايدن يسعى الى أن يشمل الاتفاق الجديد تعهد ايراني موضوع ضمن برنامج زمني لاجراء المفاوضات حول قضايا اخرى مثل توسيع الرقابة ايضا لتشمل منشآت عسكرية غير نووية، وبرنامج الصواريخ البالستية ودعم ايران للتنظيمات الارهابية. حتى الآن تعاملت طهران مع هذه الطلبات على أنها تدخل غير مقبول في شؤونها الداخلية وكمس بسيادتها. بالنسبة لها كل تنازل كهذا يقتضي ايضا اجتياز اختبار النخب المحافظة وحرس الثورة الايراني، ويمكن أن يثير مواجهات سياسية بالضبط قبل الانتخابات. ولكن في السابق عرف الزعيم الاعلى، علي خامنئي، كيف يطلق مصطلحات مثل “مرونة بطولية” من اجل التوفيق بين المصالح السياسية والاقتصادية وبين الحفاظ على المباديء الايديولوجية وتخفيف الانتقاد الداخلي.

       مغازلة سياسية

       الى شرنقة الاعتبارات التي توجه ايران وامريكا يضاف الآن الكشف الذي كشفته صحيفة “فايننشال تايمز” والذي يفيد بأن ممثلين ايرانيين وشخصيات سعودية رفيعة المستوى عقدوا سلسلة من النقاشات في بغداد في 9 نيسان. هذا كان اللقاء الاول بين ممثلين رسميين من الدولتين بعد قطع العلاقة بينهما في كانون الثاني 2016، بعد الهجوم على السفارة السعودية في طهران، الذي جاء بدوره في اعقاب اعدام أحد رجال الدين الشيعة، السعودي نمر النمر. وقد نفت السعودية وايران انعقاد هذا اللقاء. ولكن هذا النفي يظهر مثل النفي الذي نشرته اسرائيل والسعودية بعد النشر عن اللقاء بين نتنياهو ومحمد بن سلمان. بين ايران والسعودية تجري منذ اسابيع كثيرة مغازلة سياسية، شملت ضمن امور اخرى، اقوال المستشار العسكري لخامنئي، الجنرال حسين دهقان (وزير الدفاع السابق). في مقابلة مع قناة “المسيرة” التابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن قال دهقان بأن “السعودية لا تعتبر عدوة. ولكن هذا الموقف يمكن أن يتغير اذا واصلت المملكة اتخاذ خطوات تحايل ضد ايران”.

       بعد أن اعلنت طهران عن قرارها تخصيب اليورانيون بمستوى 60 في المئة ردت الرياض بصورة معتدلة ودعتها الى التراجع عن هذا القرار، حيث أن هذه “خطوة يجب عدم النظر اليها كعملية تخدم اهداف السلام”. وحسب السعودية، يجب على ايران “المشاركة بجدية في مفاوضات (حول الاتفاق النووي) من اجل تطبيق برنامجها لتطوير الذرة لاهداف سلمية باشراف وكالة الطاقة النووية الدولية.

       في يوم الاربعاء الماضي قالت شخصيات سعودية رفيعة بأن “السعودية تقترح أن يكون استئناف الاتفاق النووي نقطة انطلاق لمحادثات اخرى مع دول المنطقة من اجل توسيع بنود الاتفاق”. هذه الامور تشبه بصورة كاملة الطريقة التي يسوق فيها بايدن المفاوضات. ايران عارضت حقا اشراك السعودية في النقاشات، لكنها اقترحت أن تبادر السعودية الى مناقشة متعددة الاطراف اقليمية فيها ايران “ستكون مسرورة في مد يدها للعون”. لا نحتاج الى خيال كثير كي نصف انقباض البطن الذي اصاب نتنياهو عند سماع رد السعودية والذي يدل على أن التحالف المناويء لايران اصبح يعد ايامه. هكذا لا ترد دولة عربية بادرت الى وقادت المعركة ضد ايران، والتي طرحت نفسها كحليفة لاسرائيل في هذا الشأن، وتدير منذ خمس سنوات حرب ضد الحوثيين في اليمن من اجل كبح نفوذ ايران.

       ولكن السعودية لا تحتاج الى جلسة كابنت كي تفهم الخارطة السياسية الجديدة. اذا كانت هناك حاجة الى تغيير النغمة (وربما السياسة) تجاه ايران من اجل العودة الى غرفة الضيوف للرئيس الامريكي، هذا ما سيحدث. لن يكون مرفوض التقدير بأن خطوة السعودية والمفاوضات حول الاتفاق النووي هما جزء من نفس الرزمة التي تشمل وعد امريكي للسعودية بتحسين مكانتها في الولايات المتحدة مقابل تأييد الاتفاق النووي ووقف الحرب في اليمن.

       اذا كان دونالد ترامب قد استخدم السعودية من اجل الدفع قدما بصفقة القرن الخاصة به، فانه يوجد لبايدن صفقة خاصة به، التي ثمنها السياسي سيكون على السعودية دفعه. والآن ايضا في هذه القناة لا يوجد لاسرائيل ما تساهم به. اذا استطاعوا في اسرائيل في السابق أن يسوقوا خدمات الوساطة لدى الادارات الامريكية (ديمقراطية أو جمهورية) من اجل دول عربية أو دول كانت بحاجة الى علاقة جيدة مع الادارة الامريكية أو مساعدة اقتصادية، يبدو أن هذه الخدمات بدأت في الذهاب الى اجازة بدون راتب. هذا التطور المهم جدا الذي يجب أن يقلق الكابنت بعد أن يدرك بأن الولايات المتحدة تدير بنفسها الموضوع النووي وتفقد صبرها تجاه من يحاول ازعاجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى