ترجمات عبرية

هآرتس – في ظل غياب اهداف جديدة ،  مدمنو الاحتلال ينجذبون للنقب

هآرتس – بقلم  عودة بشارات – 17/1/2022

” العرب في النقب يقيمون على 3 في المئة من اراضيه. ولكن الدولة نسيت الـ 97 في المئة وهي توجه كل جهودها لهذه الـ 3 في المئة “.

في ظل غياب اهداف جديدة، بقي النقب هو هدف نهائي يجذب مدمني الاحتلال. لقد انقضت ايام الاحتلال الكبيرة في مصر وسوريا والاردن، وهكذا بما يشبه بالجمل المجتر فانهم يحتلون مرة اخرى ما سبق لهم احتلاله. واذا نفدت الاهداف العربية فاستعدوا لدبابات تتجول في شوارع تل ابيب.

في هذه الاثناء كل وديان التحريض تصب في النقب. المدفعية الثقيلة لوسائل الاعلام مهدت الرأي العام للاحتلال القادم. العناوين صرخت بغضب “أين ذهب الحكم؟”. من يسمع صرخات الاستنجاد هذه يمكن أن يفكر بأنهم قريبا سيعلنون في النقب عن استقلال، بقي فقط أن نستدعي رسام ليرسم العلم وشاعر ليكتب النشيد وموسيقي ليلحنه. هكذا، ليفرح العرب في النقب، قامت لهم دولة.

لسذاجتي اعتقدت أن الدولة تعني قبل أي شيء ضمان مصدر الرزق والسكن والتعليم والتربية وشوارع ومياه وكهرباء. ولكن عندما يدور الحديث عن فلسطينيين فانه يوجد لزعماء الدولة تفسير آخر وهو هدم البيوت وتخريب الحقول ومصادرة الاراضي. باختصار، اقتلاع. يوجد لليهود حكم خمس نجوم وللعرب يوجد حكم ابرتهايد. 

اجل، لن ينام ولن يهدأ حارس اسرائيل. رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، لعب دور نابليون بونابارت؛ والاخير نظر الى اسوار مدينة عكا من اسفل الى اعلى، وبينيت نظر الى مدينة رهط من اعلى الى اسفل. كلاهما اراد استسلام كامل، وبينيت كان مدهش عندما قام بالتقاط صورة مع مسدس، ومن اجل فهمه بصورة صحيحة اعلن: “نحن ننتقل من الدفاع الى الهجوم”.

بعد بضعة ايام على عهد بونابارت، توجهت طوابير طويلة من سيارات الشرطة وحرس الحدود لاحتلال النقب. الرسالة كانت حادة وتصم الآذان: كل ذرة رمل في النقب هي ذرة يهودية فخورة، وذرة الرمل اليهودية لن يسمح لقدم الاغيار أن تطأها، حتى لو كان آباءهم عاشوا هناك لاجيال.

هكذا، على هذه القطعة من الارض حظينا بمشاهدة صورتين متناقضتين في المضمون. في الاولى ظهر ابناء الصحراء وهم يحتجون ضد اقتلاعهم. وفي الثانية شخصيات محظية تغرس الاشجار. من لديهم نظرة حادة لاحظوا أنه في الصورة الاولى حتى داخل الهجوم الوحشي على السكان العرب، تظهر علامات حياة نابضة: اطفال وطفلات، فتيان وفتيات، بالغون وبالغات يعملون ما اعتاد ابناء شعبهم عمله منذ سنوات كثيرة – النضال من اجل تجاوز الشر. وقد كتب الشاعر سميح القاسم: علم جيل سينادي الجيل القادم، أنا كافحت وعليك أنت أن تكافح. بالنسبة للصورة الثانية، هناك المشهد يبدو باهت، ايضا السرور مصطنع. الضيوف جاءوا للحظة، التقطوا الصور في مشهد وطني مضحك وسارعوا بالعودة. من حسن الحظ أن 15 شباط يأتي في كانون الثاني، ولو كان يأتي في تموز فمن شبه المؤكد أنه لم يكن أحد ليأتي – لم يكن أحد ليصمد امام حرارة الصحراء. هكذا، بعد الاحتفالات والصور والتصريحات، فقط رجال ونساء النقب بقوا مع أمنا الارض.

في 1953 ذهب دافيد بن غوريون ليسكن في النقب. كان يأمل أن تأتي خلفه جماهير من المواطنين، اليهود بالطبع. ولكن الواقع اقوى من الاحلام والجماهير بقيت في الوسط. ولكن الجهود استمرت. لليهود، حتى لو كانوا بشكل عام يسكنون في بوسطن، اقترحوا عليهم “مزارع منعزلة” في الصحراء، كل واحدة تضم آلاف الدونمات، فقط تعالوا. ولكنهم لم يأتوا. لنوضح هنا أنه رغم ضباب الديماغوجيا الكثيف فان الحقيقة هي أن العرب يسكنون فقط على 3 في المئة من اراضي النقب. المؤسسة، من كثرة جشعها، نسيت الـ 97 في المئة وهي تحسد فقط الـ 3 في المئة. هكذا، لا يوجد امام العرب ما يساهمون فيه سوى الانتحار من اجل الحفاظ على الطابع اليهودي للنقب. 

نعومي شيمر قالت إن “ارض اسرائيل الفارغة من اليهود هي بالنسبة لي قفراء وفارغة”. المؤسسة تسير على ذراعيها في طريق الشاعرة الظلامية، هناك من يرون فيها الشاعرة الوطنية، شاعرة بنكهة الابرتهايد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى