ترجمات عبرية

هآرتس – في الشيخ جراح تنفسوا الصعدا ء ولكنهم سيدفعون الثمن

هآرتس – بقلم  نير حسون  – 5/10/2021

” حسب الحل الوسط الذي اقترحته المحكمة العليا فان السكان في الشيخ جراح سيكونون مستأجرين محميين، لكنهم سيدفعون ايجار للمستوطنين. وبذلك يعترفون بملكيتهم. الآن يجب عليهم التقرير اذا كانت معركتهم هي على المباديء أو من اجل هدف ملموس “.

منذ 12 سنة وبتساوق غير مسبوق في اليسار الاسرائيلي، وقف عشرات، بل مئات، الاسرائيليين والفلسطينيين في الحديقة العامة في الشيخ جراح من اجل التظاهر اسبوعيا ضد نية اخلاء سكان الحي لصالح المستوطنين. المظاهرة في الاسبوع الماضي، مثلما في كل اسبوع، مرت بهدوء، الى أن قام عدد من المتظاهرين برفع اعلام فلسطين صغيرة وبدأوا يلوحون بها. رجال الشرطة كالعادة انقضوا بعنف على المتظاهرين واخذوا الاعلام واعتقلوا اربعة متظاهرين. المظاهرة تفرقت بغضب واحباط امام سلوك الشرطة الذي يعزز الغضب والاحباط ازاء الوضع غير المحتمل لسكان الحي، الذين هم ابناء للاجئين والذين سيتم اخلاءهم من بيوتهم بسبب ادعاء ملكية عقار يهودي قبل العام 1948، في حين أن املاكهم من تلك الفترة ستبقى في أيدي اليهود. أمس كان بامكان السكان والنشطاء الاسرائيليين الذين يرافقونهم الشعور بالقليل من الرضى والراحة، شعور غير معهود في هذا الجانب من الخارطة السياسية. 

قضاة المحكمة العليا عرضوا امس اقتراح حل وسط مفصل حول هذه القضية. حسب الاقتراح فان ثلاث عائلات فلسطينية ستحصل على مكانة مستأجر محمي للجيل الاول، أي أنه يمكنها السكن في بيوتها بهذه المكانة حتى جيلين آخرين، وعائلة اخرى ستحصل على مكانة جيل ثاني التي تسري ايضا على الجيل القادم. خلافا للشروط المعتادة للمستأجر المحمي فان قضاة المحكمة العليا اقترحوا أن الجمعية اليمينية “نحلات شمعون” التي اشترت الارض في المكان لا يمكنها اخلاء العائلات على اساس خطط بناء في الـ 15 سنة القادمة أو حتى استكمال عملية تسوية بين الطرفين. كل عائلة ستدفع للجمعية ايجار سنوي بمبلغ 2400 شيكل.

هذا الاقتراح يشبه الخطة التي عرضها قضاة المحكمة العليا في شهر آب الماضي، واضيفت لها تواريخ محددة وتاريخ هدف. الاطراف يجب عليها أن تقدم مواقفها من الحل الوسط حتى 2 تشرين الثاني، واذا لم تفعل ذلك فسيتم اصدار قرار الحكم. في الجلسة السابقة تحفظ الفلسطينيون وجمعية اليمين من اقتراح مشابه: ممثل المستوطنون، المحامي ايلان شيمر، عارض الاقتراح الذي يقضي بأن يعتبر الفلسطينيون الذين يعيشون في الحي منذ الخمسينيات مستأجرون محميون حيث لا يمكن اخلاءهم طوال عشرات السنين. وحتى طالب بأن يعترف الفلسطينيون بملكية اليهود في المكان. الفلسطينيون وافقوا على الحل الوسط، لكنهم رفضوا الاعتراف بملكية اليهود. القاضي اسحق عميت دعا في حينه الى “النزول من مستوى المباديء الى المستوى العملي”. اذا تمت الموافقة على الاقتراح فان احتمالية اخلاء العائلات سيتم شطبها من جدول الاعمال الى اشعار آخر، وستحفظ لهم امكانية محاولة اثبات حق الملكية فيما بعد.

قبل شهرين فقط كان يبدو أن المعركة القانونية هي معركة خاسرة. وبعد مصادقة عدة هيئات قضائية، واحدة تلو الاخرى، على ملكية جمعية “نحلات شمعون” للارض. الآن المحكمة العليا تقترح بقرار خطي، خلافا للاقوال الشفوية للقضاة في الجلسة التي عقدت في شهر آب أن الفلسطينيين يمكنهم البقاء في بيوتهم. في هذا الاقتراح يوجد نجاحات مهمة بالنسبة للفلسطينيين. النجاح الاول هو أن الجمعية لا يمكنها اخلاءهم بذريعة “اخلاء من اجل البناء”، أي بعد اصدار رخصة بناء لحي جديد. وهم يمكنهم مواصلة الادعاء بحقهم في المكان لدى موظف تسوية الاراضي في وزارة العدل. 

من الصعب فصل هذا الاقتراح عن المعركة القانونية والجماهيرية المصممة، معركة تردد صداها في الاشهر الاخيرة من قطاع غزة وحتى مجلس الشيوخ في امريكا. خارج القاعة في شهر آب تجمعت عشرات طواقم الاعلام من ارجاء العالم، والشباب في الحي يحظون بملايين المتابعين في الانستغرام والفيس بوك.

الآن المشكلة من ناحية السكان هي أنهم يمكن أن يكونوا ضحايا لنجاحهم. من اجل التمتع بهذا النجاح يجب على السكان ابتلاع ضفدع كبير، دفع ايجار غير مرتفع للمستوطنين، وبهذا أن يعترفوا بملكيتهم للبيوت. المعضلة التي تواجههم الآن هي هل هذا الاعتراف لن يسحب البساط من تحت ادعائهم الاخلاقي الذي حظي بنجاح غير مسبوق في النضال الفلسطيني. بكلمات اخرى، سؤال يجب أن يسأله السكان لانفسهم وهو على ماذا هذه المعركة. اذا كانت المعركة ضد اخلاءهم من بيوتهم فهم سيوافقون على اتفاق الحل الوسط. واذا كانت المعركة هي على حق الفلسطينيين الاخلاقي في شرقي القدس وعلى الغاء التمييز الذي يوجد في قانون املاك الغائبين، وهو التمييز الذي بسببه خلافا للمستوطنين، لا يمكنهم المطالبة باعادة ممتلكاتهم قبل العام 1948، فهم سيرفضون الاتفاق.

قصة الشيخ جراح هي قصة تاريخية وقانونية وبيروقراطية معقدة جدا. وهي تحوي في ثناياها الاحتلال وامتيازات اليهود وضعف الفلسطينيين والتعايش بين جمعيات المستوطنين وسلطات الدولة في موقفهم من الرعايا الفلسطينيين.

لكن قصة الشيخ جراح تقتضي ايضا من الصحف أن ترى الفلسطينيين (ومن يؤيدونهم في اليسار الاسرائيلي) للحظة خارج النظارات التي تم تعويدهم عليها. الفلسطينيون في الرؤية الاسرائيلية هم واحد من اثنين، إما ضحايا ضعفاء أو ارهابيين عنيفين. في قصة الشيخ جراح هم ليسوا ضحايا أو عنيفين، بل هم اشخاص هبوا للنضال من اجل بيوتهم. وضد كل الاحتمالات نجحوا حتى الآن في صد من يريد رميهم في الشارع. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى