ترجمات عبرية

هآرتس: في الحروب السابقة كان يوجد خجل، في هذه المرة الكهانية هي الصوت السائد

هآرتس 19/1/2025، جدعون ليفي: في الحروب السابقة كان يوجد خجل، في هذه المرة الكهانية هي الصوت السائد

الحرب التي يمكن أن تنتهي اليوم ستذكر في التاريخ على أنها حرب كهانا الاولى. هي تختلف في جوهرها عن كل حروب اسرائيل السابقة. الحرب الوحيدة التي كانت تشبهها هي حرب العام 1948، التي تسببت بالنكبة، لكن دوافعها كانت مختلفة. في حينه كانت الحرب من اجل اقامة الدولة اليهودية. في هذه المرة الحرب هي من اجل اقامة دولة فاشية.

دولة كهانا قامت في اسرائيل. الاستخذاء الاجرامي لنتنياهو هو الذي مكن من اقامتها. هذه لم تكن احزاب اليمين النازية الجديدة – بل في المقام الاول الليكود الذي اوصل الكهانية الى السلطة. التغيير العميق الذي اجتازته اسرائيل عبرت عنه بافضل طريقة الحرب في غزة. تقريبا كل شيء فيها استهدف ارضاء اليمين الفاشي، العنصري والتهجيري. وروح الكهانية سيطرت على اهدافها وعلى طريقة ادارتها. هذا لم يكن فقط الابعاد الوحشية للجيش، بل قبل أي شيء آخر كان الطريقة التي اصبحت فيها الوحشية الى قيمة في كل المجتمع، وقيمة وذخر ومعجزة. الوحشية كصفة نطمح اليها ونتفاخر بها ونلوح بها. 

ايضا في الحروب السابقة اسرائيل قامت بافعال فظيعة. احيانا حاولت النفي، الاخفاء والكذب، واحيانا حتى اعترفت وخجلت. في هذه المرة ليست الحال هكذا. في هذه المرة المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي يعرض بتفاخر ابعاد الدمار والقتل، ويلوح بها كانجازات لارضاء اليمين الكهاني الذي اصبح التيار المركزي. اسرائيل اصبحت دولة تطمح الى القتل والدمار للعرب فقط من اجل قتل العرب وتدميرهم. هي لم تكن هكذا، وبالتأكيد لم تتفاخر بذلك. هذا تغيير كبير سنجد صعوبة في التحرر منه. هو يبشر بمستقبل سيء جدا. 

عندما ظهر مئير كهانا جلب معه حزب نازي جديد، ازرق – ابيض، الذي اعتبر العرب كلاب، في افضل الحالات. اسرائيل اصيبت بالاشمئزاز منه. رياح من اطلقوا النار ويتباكون لمباي ما زالت تهب هنا، الى جانب طابع الدولة لليكود. مناحيم بيغن، ونتنياهو الاول، حافظا عليها. الانهيار بدأ مع نتنياهو الثاني ووصل الى الذروة في حكومته الحالية. من بين كل جرائمه هذه هي الجريمة الاكبر التي لا يمكن العفو عنها. في المرحلة الاولى الفاشية تمت شرعنتها وتبييضها.

اخترقت السياسة ووسائل الاعلام اصوات لم تعتبر في أي قوم مشروعة. وبسرعة اصبحت ليس فقط مشروعة، بل ايضا صوت الجمهور الاسرائيلي والحكومة والجيش. في الاستوديوهات قالوا إنه “لا يوجد ابرياء في غزة”، وتحدثوا عن الحق “المفرح” والواجب لقتل الجميع، بالشكل السهل الذي يتحدثون فيه عن حالة الطقس. مراسلون كبار فتحوا دهاليز القلب عندما عرفوا أن هذا ليس مسموح فقط، بل هو مفيد لهم، بدءا بعميت سيغل ومرورا بتسفي يحزقيلي وانتهاء الموغ بوكر. فاشيون ولدوا. هذا الخطاب لم يكن موجود في أي يوم، وهو خطاب غير مشروع في أي دولة ديمقراطية. في المقابل، اصوات من يعارضون الحرب تم اسكاتها، وحتى أنه تم حظر الرحمة والانسانية. والسيطرة على الخطاب تم استكمالها. 

في اشهر الحرب الطويلة اصبحت الكهانية الصوت السائد في اسرائيل وفي الجيش. لم يعد أي فرق بين القادة الذين نبتوا في الاصص المتعفنة في المستوطنات وبين اصدقاءهم، ابناء ارض اسرائيل “الجميلة”: جميعهم نفذوا كل شيء بروحية كهانا، بدون استثناء وبدون رفض. ارضاء سموتريتش وبن غفير اصبح الهدف. فقط اعطوهم حصة الدم اللانهائية المتعطشين اليها. الصفقة تم تأجيلها لاشهر، وغزة تم تدميرها بالكامل، واجزاء في البلاد تم تطهيرها من الناس وعشرات الآلاف قتلوا، كل ذلك من اجل ارضاء روح كهانا وممثليه على الارض في هذه الحكومة.

للمفارقة، حكومة كهانا الاولى تنتهي الآن عند انسحاب “قوة يهودية”، الذي رئيسه وعد في السابق بأنه سيعود عندما سيتم استئناف الابادة الجماعية. ولكن الانقلاب استكمل، ولم تعد حاجة الى بن غفير وامثاله. نتنياهو والليكود اصبحوا كهانيين بما فيه الكفاية لمواصلة السير على ضوء كهانا، وحتى لا توجد حاجة الى كتابات مثل “كهانا كان على حق” على الجدران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى