ترجمات عبرية

هآرتس: فوضى نتنياهو: الكارثة لا يمكن إلغاؤها أو ترويضها

هآرتس 2022-12-29، بقلم: دافيد غروسمان: فوضى نتنياهو: الكارثة لا يمكن إلغاؤها أو ترويضها

ما حدث في إسرائيل منذ الانتخابات كان كما يبدو خطوة قانونية وديمقراطية. ولكن في ظل ذلك، كما حدث اكثر من مرة في التاريخ، تم زرع بذور الفوضى داخل الأنظمة الحيوية جدا في دولة إسرائيل. في نهاية المطاف لا يدور الحديث هنا عن سن قوانين جديدة مهما كانت متطرفة ومثيرة للغضب، بل عن تغيير عميق ومصيري، تغيير الهوية، وتغيير طابع الدولة، وليس من اجل هذا التغيير أجريت الانتخابات أو من اجلها ذهب الإسرائيليون للتصويت.

خلال كل فترة المفاوضات من اجل تشكيل الحكومة الجديدة تتردد في داخلي آية من سفر يشعياهو: «الويل لمن يقولون للسيئ بأنه جيد وللجيد بأنه شرير، من يسمون الظلام نورا ويسمون النور ظلاما، ويسمون المر حلوا والحلو مرا». في الخلفية، التعذيب الذي حدث في سيناء، أسمع طوال الوقت عضو الكنيست موشيه غفني وهو يعلن «نصف الشعب سيتعلم التوراة والنصف الآخر سيخدم في الجيش». في كل مرة يتفحم عقلي، هذه المرة أيضا لأسباب شخصية جدا.

المفاوضات، التي كانت تشبه أكثر حملة السلب، وميض أمام الأنظار بحركة سريعة، في ومضات من منطق غريب ومتحدٍّ: «فقرة الاستقواء»، «قانون التمييز»، «سموتريتش سيكون المقرر الأخير في شؤون البناء في المناطق»، «بن غفير سيمكنه إقامة مليشيا خاصة به في المناطق»، «المجرم المناوب درعي سيكون قادرا…». بسرعة ستزداد الحركة المسعورة، حركة لاعب الثلاث ورقات على الرصيف. نعرف أن هناك شخصا يخدعنا في هذه الأثناء. وأن هناك من يسلبنا، ليس فقط أموالنا بل أيضا مستقبلنا ومستقبل أولادنا، والواقع الذي اردنا خلقه هنا والذي رغم عيوبه ونواقصه والعمى إلا أنه ومضت فيه بين حين وآخر احتمالية أن تكون هنا دولة سليمة، فيها مساواة، دولة لديها الإمكانية لاستيعاب التناقضات والاختلافات، دولة خلال السنين ستنجح حتى في التحرر من الاحتلال الملعون؛ دولة سيكون بإمكانها أن تكون يهودية وعقائدية وعلمانية؛ دولة هايتيك؛ دولة أخلاقية وديمقراطية؛ دولة تحسن معاملة الأقليات فيها؛ دولة إسرائيلية تعدد اللهجات الاجتماعية والإنسانية فيها سيخلق ليس بالتحديد الخوف والتهديد المتبادل والعنصرية، بل سيخلق واقعا من الازدهار والتلقيح المتبادل.

الآن، حيث هدأت العاصفة وحيث انكشفت أبعاد الكارثة فإن نتنياهو ربما يقول بينه وبين نفسه إنه بعد أن تحقق الفوضى التي زرعها أهدافها، تدمير جهاز القضاء والشرطة والتعليم وكل ما يقطر منه «اليسار»، يمكنه العودة إلى الوراء في الوقت المناسب، وأن يمحو أو يخفف قليلا موقفه التحايلي والهستيري الذي خلقه هو نفسه، والعودة إلى التصرف بصورة عقلانية، سوية وقانونية. أن يكون بالغا مسؤولا في دولة سليمة.

لكن عندها يمكن أن يكتشف بأنه من المكان الذي أوصلنا إليه لا توجد طريق للعودة. فالفوضى التي خلقها لا يمكن إلغاؤها وأيضا لا يمكن ترويضها. نقشت سنوات الفوضى خاصته شيئا مدهشا وحقيقيا في الواقع، في قلوب الأشخاص الذين عاشوا فيها وفي الحياة نفسها.

هم هنا. الفوضى هنا. بكل قوة الشفط. الكراهية الداخلية هنا. الاشمئزاز المتبادل. العنف المتوحش في شوارعنا وفي المدارس وفي المستشفيات. أيضا من يسمون الجيد سيئا ومن يسمون السيئ جيدا اصبحوا هنا. أيضا لن ينتهي الاحتلال كما يبدو في المستقبل القريب. فقد اصبح أقوى من كل القوى التي تعمل في الساحة السياسية. ما بدأ وما صيغ بنجاعة كبيرة هناك يتسرب الآن إلى هنا. الفوضى كشفت عن أنيابها أمام الديمقراطية الأكثر هشاشة في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى