هآرتس: فقط ليس بيبي؟ مع ذلك، هذا لا يزال بيبي!
هآرتس – الوف بن – 9/12/2025 فقط ليس بيبي؟ مع ذلك، هذا لا يزال بيبي!
لقد ولد معسكر سياسي جديد في إسرائيل، ويمكن تسميته “مع ذلك، هذا لا يزال بيبي”. ما بدأ مثل قطرة قطرة بعد وقف اطلاق النار في غزة، ازداد تدفقا عند طلب بنيامين نتنياهو للعفو من رئيس الدولة اسحق هرتسوغ. فجأة ظهر الامل القديم بان رئيس الحكومة سيغير موقفه، ويتخلى عن شركائه اليمينيين المتطرفين وينحرف نحو الوسط. عندها سنصل كلنا الى حالة من النشوة: الانقلاب سينتهي وسيتم استبدال التحريض والانقسام بالوحدة والاخوة، السعودية ستطبع علاقاتها معنا، نتنياهو سيلحق بركب دونالد ترامب، والوصول الى الدولة الفلسطينية. مثلما قال النبي يشعيا: “سيكون ذلك في آخر الأيام”. لا يجب الانتظار الى ذلك الحين. فقط اسمحوا لهرتسوغ بتحرير نتنياهو من محنته الظالمة، والخلاص سيأتي بارسالية مستعجلة.
نقطة التحول جاءت بعد ان قام نتنياهو بتلبية الطلب الرئيسي لخصومه، وهو إعادة الرهائن من جحيم حماس. وعوده السابقة لاصدقائه في اليمين، من اعلان ضم الضفة الغربية الى التهجير الجماعي في غزة، القيت في سلة القمامة، على الأقل في الوقت الحالي. لقد قدم نتنياهو التراجع في مواقفه على أنه خضوع لترامب، وليس خيانة متعمدة لشركائه. مع ذلك، رسالته كان لها صدى في شارع كابلان وساحة المخطوفين، مراكز مقاومة النظام: يمكنكم الهتاف حتى الغد “فقط ليس بيبي”، لكن بيبي وحده هو القادر على تحقيق رغباتكم. في الواقع عاد جميع المخطوفين الى البيت تقريبا، خلافا للتخوف من ان حماس ستحتفظ بهم كـ “بوليصة تامين”، أو أنها ستجد صعوبة في العثور عليهم.
طلب العفو رفع عاليا نسبة الامل في معسكر “مع ذلك، بيبي” الى التجلي السماوي لـ “بيبي المعتدل”. وقد استند الطلب الى وعد محاميه لهرتسوغ بأن “العفو سيسمح لرئيس الحكومة بالعمل على رأب الصدع في صفوف الشعب، وحتى الانشغال بقضايا أخرى مثل جهاز القضاء والاعلام”. وبسرعة ظهرت تفسيرات تقول بان نتنياهو يعرض صفقة على معسكر “فقط ليس بيبي”: الغاء الانقلاب والسيطرة على ما بقي من الاعلام الحر مقابل الغاء محاكمته واسقاط الاتهامات. ما أروع القول هذه صفقة “بلاك فرايدي” الحقيقية.
لقد بدأ من يعارضون نتنياهو، الذين تعززت مكانتهم بفضل الاحاطات التي قدمها الرئيس للمعلقين السياسيين، نقاش محتدم حول الثمن سيطلبه هرتسوغ مقابل العفو: اعتزال الحياة السياسية والاعتراف ببعض الاتهامات، وربما فقط مجرد تشكيل لجنة تحقيق رسمية في كارثة 7 أكتوبر. واذا لم ينجح ذلك فقد يكتفي رئيس الدولة بخرز زجاجي أو وعد من نتنياهو بحسن التصرف.
يجدر تهدئة الحماسة وتخفيف التوقعات. نتنياهو يسعى دائما الى كسب بعض حرية التصرف من اجل التفريق بين خصومه. يمكن تفسير وعده، “التعامل مع جهاز القضاء والاعلام”، بأنه اقتراح لتنحية ياريف لفين وشلومو قرعي جانبا، ولكن في نفس الوقت يمكن فهمه كوعد لقاعدة اليمين بأنه بعد الحصول على العفو لن يضطر نتنياهو الى الاختباء وراء مرؤوسيه، وسيتمكن من اقتحام معاقل الكابلانيين الى حين تحقيق النصر المطلق.
ما العمل اذا لم يقم نتنياهو بتغيير مواقفه أبدا. لقد تسارعت وتيرة انتهاكه لسيادة القانون والخدمة العامة والاعلام، وكذلك التطهير السياسي في الجيش. الهدف من منع ترقية العقيد جيرمان غلتمان لم يكن المس برجل الاحتياط المجهول الذي شارك في الاحتجاج، بل تصوير رئيس الأركان بأنه كابلاني يرتدي الزي العسكري والترويج لاستبداله بشخص موالي للنظام. لن يعيد عفو الرئيس إسرائيل الى أيام المجد والسلام الداخلي، السابقين كما يبدو لمحاكمة نتنياهو. هو فقط سيزيل عن الطريق الكوابح والتوازن المتبقية وسيعزز حكم الفرد لرئيس الحكومة. وعلى من يتوقعون ظهور نتنياهو جديد التذكر دائما انه “مع ذلك، هذا لا يزال بيبي”.



