ترجمات عبرية

هآرتس: فاشيون حتى النهاية

هآرتس  2022-09-29، بقلم: عنات كام

في العام 1919 التقت مجموعة شباب ثوريين في مدينة عصرية في أوروبا، وقامت بصياغة بيان لإعادة تأسيس وطنهم، الذي خرج من الحرب العالمية الأولى مثل دول كثيرة أخرى بشكل مختلف عن الشكل الذي دخل فيه إليها.

شمل البيان عدة نقاط مثيرة للانطباع، سيحلم بعدد كبير منها الكثيرون منا، وسيكونون مستعدين للتوقيع عليها. وليس أمامنا سوى تخيل كم كانت هذه النقاط ثورية قبل أكثر من 100 سنة.

من بين الطلبات كانت هناك ضريبة رأس مال استثنائية. فقد طلب كاتبو البيان ضريبة خاصة على رأس المال، ستصاغ بصورة تقدمية بهدف إعادة التقسيم بشكل عادل لكل رأس المال الموجود في المجتمع، وتأميم ممتلكات المؤسسات الدينية، ومصادرة جميع أملاك الطائفة الدينية وإلغاء امتيازات رجال الدين “التي تشكل عبئاً كبيراً على المجتمع، وتعطي امتيازات للقليل من الأشخاص، وإعادة فحص اتفاقات التزويد لجهاز الأمن، وتأمين 85 في المئة من مكاسب الحرب، ووضع قانون للتأمين الوطني للمعاقين والمسنين، وخفض جيل التقاعد إلى 55 سنة (متوسط العمر المتوقع في هذه الدولة بلغ في حينه أقل من 60 سنة).

وطالبوا أيضا بتشكيل مجلس وطني لديه صلاحيات تشريعية، ويرتكز على مهنيين في مجال العمل والصحة والإعلام والمواصلات، وتشكيل جمعية عامة وطنية لمدة ثلاث سنوات، تكون مهمتها الأولى وضع دستور للدولة، وإشراك نقابات العمال في النقاشات المتعلقة بمستقبل فرعهم.

شمل البيان عدة بنود تعتبر الآن أمورا مفهومة ضمنا، ولكن في حينه كانت أمورا جديدة، مثل حق التصويت لكل شخص فوق سن الـ 18 حتى النساء، وأجر الحد الأدنى، وتقييد يوم العمل بثماني ساعات وما شابه.

كانت هذه وثيقة تأسيس الحزب الفاشي في إيطاليا، التي تمت صياغتها في ميلانو من قبل مجموعة ترأسها بينيتو موسوليني، الذي بعد ثلاث سنوات من ذلك، قبل 100 سنة بالضبط، تم تعيينه رئيساً للحكومة.

في هذا الأسبوع فازت مواصلة دربه جورجيا ميلوني، من حزب “إخوة إيطاليا”، بأكثر من ربع الأصوات بقليل. ولكونها رئيسة الحزب الأكبر فيتوقع أن تترأس الحكومة.

ما زالت الطريق إلى هناك طويلة. فعملية تشكيل الائتلاف في إيطاليا معقدة مثلما هي في إسرائيل، واستقراره السياسي يكون طبقاً لذلك، لكن من الآن من يؤيدون أنظمة شمولية في أوروبا والشرق الأوسط وميامي قاموا بتهنئتها على الفوز.

أوساط كثيرة في إسرائيل تعبر عن تأييدها للفاشية. معظمها لا يتجرأ على تسميتها باسمها. من حسن الحظ أنه ما زال لبعضهم القليل من الخجل، لكنهم يختارون من داخلها ما يخدمهم وما يتماهون معه حتى دون قول ذلك بصوت واضح: عبادة شخصية الزعيم، وعدم التسامح مع الأقليات، والولاء الكبير للدولة كفكرة بحد ذاتها وليس كمجموعة أجهزة وما شابه.

لن تكون هذه المرة الأولى التي يقوم فيها أشخاص بعمليات انتقائية لمبادئ معينة من داخل إيديولوجيا بدلاً من تبني كل هذه الإيديولوجيا أو معرفة أسسها؛ الفاشية في إيطاليا ولدت كحركة ثورية، أرادت تقويض النظام الملكي القديم في ظل الحرب العالمية الأولى من جهة، والثورة البلشفية من جهة أخرى، التي أرادت إعادة تقسيم ممتلكات البرجوازيين وتحديث اجتماعي متنور.

الثورية هي لب الفاشية الأصلي، إلى درجة أن مؤرخين مثل شلومو زاند يحرصون على التمييز بينها وبين أنظمة وحكام، مثل فرنسيسكو فرانكو في إسبانيا، الذين كانوا محافظين، وكانت تنقصهم الشرارة الثورية الضرورية للفاشية حسب ما ورد في الكتاب.
على صعود ميلوني في إيطاليا واستمرار تعزز فيكتور أورباخ في هنغاريا والترامبية في الولايات المتحدة والتطرف عندنا، تعالوا نكُن فاشيين مخلصين للأصل حتى النهاية. من المهم معرفة إذا كان سيواصل مؤيدوها أظهار الاهتمام بها.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى