ترجمات عبرية

هآرتس: غزة تنتظر مستقبل مختلف، لكن جميع اللاعبين المؤثرين ما زالوا يحرثون الحقول عبثا

هآرتس 5-11-2025، جاكي خوريغزة تنتظر مستقبل مختلف، لكن جميع اللاعبين المؤثرين ما زالوا يحرثون الحقول عبثا

هناك حكمة عربية قديمة تقول “من يحرث بحمار لن تكون له أتلام مستقيمة حتى لو عمل بأقصى جهده”. هذا مثل شخص يحاول ويعرق، لكنه يستخدم الأدوات غير الصحيحة. الحمار، خلافا للثور، لا يسير بخط مستقيم، ولا يفهم أين يبدأ الحقل وأين ينتهي. هكذا فانه تبقى الأرض محروثة باتلام غير منظمة، وكأنه لم تلمسها يد بشر. هذا رمز لعمل كثير بدون نتيجة. هكذا بالضبط تبدو سياسة الولايات المتحدة في غزة الان: حراثة معوجة وجهد كبير، لكن بدون نتيجة.

منذ اكثر من سنة واشنطن تحاول إدارة الحرب، توقف اطلاق النار و”التسوية” وإعادة اعمار القطاع، لكنها تفعل ذلك مثل ذلك الحراث وحماره. كثير من الحركة، كثير من العلاقات العامة (بالأساس الرئيس الملك)، لكن القليل من الفهم.

من اليوم الأول للحرب لم يكن للولايات المتحدة خطة واضحة، سواء للحزب الديمقراطي في فترة جو بايدن، أو إدارة دونالد ترامب الآن. الأسئلة ما زالت مفتوحة: هل هدفها انهاء الحرب أو ادارتها الى الابد؟ هل هي تريد نزع سلاح حماس أو دمجها في الية حكومية محدثة بعد تدجين وتاهيل مثلما كان الامر مع احمد الشرع في سوريا؟ هل تريد استقرار إقليمي، أو بالتحديد الحفاظ على الغليان في الشرق الأوسط من اجل ان تبقى في دور القاضي والمحكم؟. الأسئلة كثيرة، لكن لا يوجد إجابات واضحة. السياسة تدار عبر الردود وليس المبادرات، إرضاء الأطراف وليس قيادة هذه السياسة. وعلى الأرض الفوضى تستمر.

يبدو ان الولايات المتحدة تحاول حراثة ارض نازفة بدون ان تعرف نسيجها. في قطاع غزة ينتظرون الخبز والدواء وسقف يظلهم، لكن واشنطن تتحدث عن “مراحل” و”ضمانات” و”شركاء موثوقين”، وكان الامر يتعلق بمشروع هندسي وليس باشخاص دفنوا تحت الأنقاض. ولكن التهمة ليست كلها ملقاة على ترامب وطاقمه، أيضا الدول العربية تتحمل المسؤولية. من بينها من يشارك في لعبة التاخير، لانها تخشى من التغيير أو التورط في الفوضى، دول أخرى تعتبر غزة عبء غير مرغوب فيه وتكتفي بتصريحات احتجاجية فارغة.

أيضا الفصائل الفلسطينية نفسها غير بريئة من التهمة، بالأساس من يطالبون بالقيادة – السلطة الفلسطينية وحماس. بين من يؤمن بالمقاومة وبين من يبحث عن إنجازات حكومية صغيرة باسم “البراغماتية” والتقرب من البيت الأبيض، ضاعت البشرى الوطنية. الانقسام بين رام الله وغزة، بين واقع سياسي وسخرية وكراهية شخصية، يخدم استمرار الجمود، وهكذا واشنطن ما زالت تحرث الأرض وتستفيد من الانقسام الفلسطيني وكانه جزء من المشهد.

النتيجة واضحة: لا حرب تم حسمها ولا سلام يتبلور ولا إعادة اعمار بدأت. الولايات المتحدة تصمم على التحدث عن “مراحل” و”حلول تدريجية”، بينما سكان قطاع غزة لا يريدون ألا التنفس ودفن الموتى والبدء من جديد. واشنطن تعتقد ان الشرق الأوسط يمكن تشكيله بمساعدة أدوات القوة والمال، لكنها تنسى ان هذه الأرض لا تستجيب للضغط، بل للتفاهم. من المستحيل زرع الامل في ارض سفكت فيها الكثير من الدماء، ومن المستحيل فرض الاستقرار بدون عدالة. فعندما يغيب العدل الأرض لا تنبت أي شيء.

في غزة، التي يدفن سكانها موتاهم، التوقع هو حراثة جديدة ومحصول يعطيهم ويعطي أولادهم مستقبل مختلف. ولكن يبدو ان كل اللاعبين المؤثرين – إسرائيل، أمريكا، الدول العربية والفلسطينيون أيضا – يحرثون نفس الحقل الذي تسود فيه الفوضى بأسلوب حراثة الحمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى