هآرتس: غزة تتعرض للقصف، وعنف المستوطنين في الضفة وصل الى ذروته

هآرتس 9/11/2025، آفي دبوش: غزة تتعرض للقصف، وعنف المستوطنين في الضفة وصل الى ذروته
“كثيرة هي الافكار التي تعتمل في قلب الرجل”، تقول آية في التوراة. نحن يمكننا أن نروي القصص لانفسنا، نحن نستطيع ايضا ان نصدق رواية وقف اطلاق النار التي يسوقها الرئيس الامريكي، لكن هناك حقيقة في العالم، وهي أنه لا يوجد وقف لاطلاق النار، سواء في غزة أو في الضفة الغربية.
بصفتي شخص يعيش على حدود خانيونس فانا يمكنني ان اشهد بان عمليات القصف لا تتوقف للحظة. هناك ايام تكون اكثر أو اقل هدوء، وقوة القصف انخفضت منذ ان اعلن عن وقف اطلاق النار، لكن حتى الان يوجد عدد لا يحصى من القذائف: مدفعية ثقيلة، قصف من الجو، اطلاق من الرشاشات والاسلحة الخفيفة. الاطلاق كان كثيف جدا ردا على الهجمات القاتلة على الجنود، وادى الى قتل عشرات الاشخاص، من بينهم الكثير من النساء والاطفال. ولكن النيران تتواصل ايضا في اوقات اخرى. من حدود خانيونس من الواضح ان هناك من يريد احباط الوصول الى المرحلة الثانية ونزع السلاح من غزة واستبدال حماس وانسحاب الجنود. من الواضح ان هناك من يريد العودة الى الحرب الابدية. لسوء الحظ هؤلاء يحتلون مناصب رفيعة جدا في الحكومة الاسرائيلية.
في هذه الاثناء في الضفة الغربية العنف ازداد منذ 7 اكتوبر، وادى الى عشرات القتلى بنار المستوطنين المشتبه فيهم، ومئات الاحداث المنظمة من العنف. موسم قطف الزيتون هو ذروة لم نشاهد مثلها من قبل. المنظمة التي انا رئيسها تقود الحملة الحالية التي تحمي المزارعين الفلسطينيين في الضفة منذ اكثر من عشرين سنة، بالتعاون مع منظمات مهمة اخرى، ونحن نشهد على هذا التصعيد. حملة السيطرة على مناطق ج التي قادها المجلس الاقليمي يشع خلال سنوات تحققت في الحكومة الحالية وبرعاية الحرب. بؤر استيطانية ومزارع ظهرت في كل مكان ومليشيات يهودية تهاجم وتسرق المحاصيل وتزعج وتدمر.
في الـ 18 يوم الاولى لنا في المناطق هوجمنا من قبل مجموعات منظمة من قبل عشرات اليهود عدة مرات. في 9 حالات تسلمنا امر منطقة عسكرية مغلقة بتوقيع قائد اللواء. هذه اوامر، التي تصدر لمدة 24 ساعة بسهولة كبيرة وتمنعنا من الدفاع عن المزارعين الفلسطينيين. توجد اماكن يمنع الوصول اليها منذ سنتين خوفا من الارهابيين اليهود. في كل احداث الهجمات الموثقة لدينا في ارجاء الضفة، الجنود لم يقوموا باعتقال أي احد والشرطة لم تنفذ أي اعتقال. حتى الحالات الموثقة مثل مهاجمة امرأة عجوز في المغير لم تؤد الى اجراء تحقيق أو اعتقالات.
حتى الحرب كان لدنا اتصال مباشر مع الجيش، بما في ذلك لقاءات عمل وتنسيق. الآن الاتصال قطع. من شعارات الدفاع عن المزارعين مثل “حتى الزيتونة الاخيرة” انتقلوا في الجيش الى منع فعال لقطف الزيتون والوقوف مكتوفي الايدي تجاه العنف. حتى ان منظمات يمينية تروج لحملة تدفع الى الغاء موسم قطف الزيتون. ليس من نافل القول الاشارة الى ان الامر يتعلق باراضي خاصة لعائلات وتجمعات تعتمد في مصدر رزقها عليها. اللقاء الكثيف جدا لنا مع الجيش كان في يوم الاربعاء الماضي في قرية بورين في منطقة نابلس. هناك قال القادة ورجال الشرطة باننا خرقنا امر منطقة عسكرية مغلقة. لقد قاموا بجر المتطوعين الى شرطة اريئيل، وهناك حققوا معنا لساعات وقرروا مصادرة الحافلة الصغيرة التي وصلنا فيها وطرد ناشطتين يهوديتين امريكيتين لمدة عشر سنوات من البلاد. ولم تساعد حقيقة انه حتى لو جرت مخالفة كهذه (هذا امر مشكوك فيه)، من الواضح أن الناشطتين لم تقررا ذلك. واضح ايضا انهما جاءتا بدافع قيم يهودية وصهيونية. الجيش الذي يقف متفرج عندما نهاجم، والشرطة التي لا تكلف نفسها عناء القدوم رغم طلبنا ذلك منها، فقد اضاعوا يوم كامل من اجل ان يطردوا من الدولة ناشطتين يهوديتين ومنعهما من العودة لسنوات.
كل ذلك لم يُعدنا لليوم الذي هوجمنا فيه من قبل فرقة الطواريء في مستوطنة “رفافا”. منذ بداية الحرب تم تحويل مئات المستوطنين الى جنود، الذين يستخدمون السلاح والمعدات وزي الجيش الاسرائيلي ايضا من اجل تعزيز العنف على الارض. كنا في منطقة النبي حسان حوالي خمسين متطوع، الذين كان ثلثهم تقريبا من الحاخامات، الامر بدأ بحوامة حلقت بالضبط فوق رؤوس النشطاء. وتواصل ذلك بسقوطها قرب أحد الحاخامات من النساء، الامر الذي ادى الى اصابة عميقة ونازفة، وانتهى بوصولهم الى المنطقة مع سلاح موجه الينا واطلاق نار خطير في الهواء.
لشديد العار ووجهنا بعد ذلك بمحاولات من الجيش ورؤساء المستوطنين بالادعاء انه لم نهاجم على الاطلاق. لحسن حظنا كان هناك توثيق كبير يتضمن طاقم “هآرتس” الذي وصل الى المكان لتغطية قطف الزيتون (“هآرتس”، 4/11). الجيش تراجع في النهاية عن الاتهامات الموجهة للنشطاء، لكن الحوامة والاسلحة لم تتم مصادرتها ولم يتم اعتقال أي احد. ما كان يمكن بسهولة أن ينتهي بقتلى في الموقع، مر وكان الامر يتعلق بيوم آخر في المكتب.
نحن لم نرتدع . الواجبات الاخلاقية التي نعمل على ضوئها غير موجودة فقط في المجال العالمي لحقوق الانسان، بل في التوراة التي تعلمنا “يجب عليك ان تحب الغريب”، “غير اليهودي لا تعذبه ولا تضطهده”، وتامرنا بتقديس حياة الانسان الذي خلق على صورة الله.
نحن نرى في انفسنا ايضا رسل للنضال في جميع ارجاء المجتمع الاسرائيلي. اعمال الشغب والعنف هذه لا تقتصر على التلال. هذه هي راس الحربة للجهود التي تبذل من اجل جرنا كلنا نحو سلطة ديكتاتورية عنيفة، التي تسحق سيادة القانون وتغمرنا بالسلاح وقوة المليشيات الخاضعة لوزراء واصحاب سلطة. هذا الواقع غير جديد، لكن عندما تكون الكهانية موجودة في الحكومة وهي التي تضع السياسة، فان الامر يتعلق بظاهرة منهجية ارهابية تهددنا جميعا. ان نضالنا في الضفة الغربية هو نضال من اجل الديمقراطية ومن اجل المساءلة والتحقيق من قبل لجنة تحقيق رسمية في المذبحة الاكبر في تاريخنا. مع كل التفهم للرغبة في الهدوء والايمان بوهم “وقف اطلاق النار”، هذا ليس الحقيقة. الحقيقة تدعو الى الوقوف هناك، كمجتمع مدني وكقوى سياسية منظمة قادرة على العمل من اجل التصحيح ومن اجل اسرائيل مختلفة والآن.



