ترجمات عبرية

هآرتس – عوفر كسيف – هو رجل مهم جدا

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 18/4/2021

” في اسرائيل مسموح أن تكون من زعران التلال، عضو في حزب نازي جديد وحتى ارهابي يهودي. فقط أن لا تكون مناهض للصهيونية. هذه هي حدود المسموح “.

        من المشكوك فيه أن يكون الشرطي الذي ضرب عضو الكنيست عوفر كسيف يعرف حقا من الذي يقوم بضربه. ربما عرف أنه عضو كنيست وربما لا، لكن هذا لا يهم. كان يكفي أنه ضرب متظاهر من اليسار كما يستحق. ولكنه بالتأكيد لم يعرف أنه يضرب يساري من سلالة جديدة في الكنيست، يساري بدون تلعثم وبدون اعتذارات؛ يساري لا يتملص من الحقيقة ولا يغطي عليها. ليس فقط هو “غير صهيوني” – “مناهض للصهيونية” بشكل واضح وعلني وبدون أي تزيين. في الاجابة على سؤال لنير غونتاجي في ملحق “هآرتس” أول أمس، قال كسيف بشكل صريح: “أنا لست مجرد شخص غير صهيوني، بل أنا ضد الصهيونية. أنا اعارض الايديولوجيا والممارسة الصهيونية… هذه ممارسة وايديولوجيا عنصرية تؤيد التفوق اليهودي”.

       من المشكوك فيه أن تكون قد سمعت مثل هذه الاقوال من الكنيست الاسرائيلية، وبالتأكيد لم تسمع من شخص يهودي منتخب. 73 سنة مرت على قيام الدولة ولم تنبت حركة يهودية مهمة (باستثناء متسبين)، التي تمردت ضد الصهيونية، أو على الاقل شككت في عدالتها. عدد من كبار اليهود كانوا مناهضين للصهيونية، لكن ليس عندنا. هنا هذا الامر ممنوع. كسيف حطم النافذة وتم حسم مصيره: سيصبح مقصورا على فئة معينة، مهرج، حيث سيعرف النظام، بمساعدة وسائل الاعلام، كيفية سحق أي معارض للنظام. اذا كان حظه جيدا فسيتحول الى عدو، خائن وشخص مكروه. من سبقوه، مثل البروفيسور اسرائيل شاحك أو المحامية بليتسيا لانغر، عرفوا مصير مشابه.

       أنا ما زلت اذكر كيف تعاملت وسائل الاعلام مع شاحك: غريب الاطوار. في العالم ذات صيته، أما هنا فقد شككوا في قواه العقلية. اسرائيل غير مستعدة لاحتمال معارضين للنظام. ووسائل الاعلام تقف في خدمتها بخنوع كامل. اسرائيل مفتوحة امام الانتقاد، لكن ليس انتقاد موجه للأسس التي انشئت عليها. أمنها الذاتي مبني على صدقها، وثقتها بنفسها لا تسمح لها بالانفتاح على الاسئلة الاساسية حول ظروف ولادتها والنظام الذي ساد فيها منذ ذلك الحين. واطلال مئات القرى الفلسطينية التي دمرتها غطتها بغابات الكيرن كييمت، والاسئلة الاساسية تغطيها بشيطنة أو السخرية ممن يتجرأون على طرحها.

       في اسرائيل مسموح أن تكون من زعران التلال، عضو في حزب نازي جديد، وحتى أن تكون ارهابي يهودي، فقط أن لا تكون مناهض للصهيونية. هذه هي حدود المسموح. منذ موت الشيوعية لم تكن هناك ايديولوجيا مسيطرة مثل هذه. مع ذلك يجب أن يدوي تعريف كسيف لذاته: عضو كنيست مناهض للصهيونية. شخص يعتبر الصهيونية حركة عنصرية، شخص لا يرغب في تفوق اليهود، وايضا لا يرغب في تفوق العرب، بالمناسبة. غير اصولي من ناطوري كارتا أو عربي خائن من حركة “الارض” – عضو كنيست يهودي – اسرائيلي. لحظة قبل أن يحولوه الى شخص معتوه أو خائن، يجدر التوقف للحظة والتفكير: هل مقبول علينا جميعا أن تكون هناك اسئلة يحظر طرحها؟ وأنه فقط الصهيونية مسموح بها هنا؟ هل حقا نحن على ثقة بأنها ليست عنصرية؟ استنادا الى ماذا حقا؟.

       اليمين لا توجد له مشكلة: هو يقر بوجود تفوق اليهود في ارض اسرائيل، ويعتقد أنه لا يوجد أي شيء اكثر عدالة من ذلك. اليسار الصهيوني يجد لديه صعوبة اكبر: هو يريد الاثنان معا. لذلك، هو يتلوى، ينفي ويبعد، بسبب ضميره اليقظ ومشاعر الذنب القوية لديه. في اعماق قلبه هو يعرف أنه في اساس الصهيونية هناك التأييد لتفوق اليهود، وهو أمر يحولها الى عنصرية في تعريفها، لكنه يفضل الانكار والاقصاء والعيش في كذب ذاتي، ليس لديه شجاعة ووقاحة اليمين ليقول ذلك، هذا صحيح لكننا نستحق ذلك. ليس لديه شجاعة ونزاهة كسيف ليقول: اذا كان الامر هكذا فأنا ضد، مثلما يجب على أي ديمقراطي أن يقول ذلك.

        بالقميص الممزق والملطخ بالدماء والنظارات المحطمة، فان كسيف الذي ضرب على أيدي النظام والشرطة وضع تحد غير بسيط. لذلك، هو شخص مهم. اسرائيل سترد عليه على طريقتها: اذهب الى غزة، لماذا أنت في الاصل تعيش هنا. يجب على اسرائيل هذه أن نجيب: مسموح العيش هنا وطرح سؤال هل نحن نعيش تحت نظام عادل، وليس فقط أن ننشغل بشكل قسري ببنيامين نتنياهو، وأنه قد حان الوقت للاصغاء لكسيف وامثاله ومواجهة ادعاءاتهم. هل حقا يمكن التوفيق بين اليهودية والديمقراطية، بين الصهيونية والمساواة، وبين اسرائيل والعدالة؟ كيف بالضبط؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى