ترجمات عبرية

هآرتس: عنف المستوطنين يتسع بدعم القانون والجيش اللذين يمنعان الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم

هآرتس 11-8-2023، بقلم عميرة هاس: عنف المستوطنين يتسع بدعم القانون والجيش اللذين يمنعان الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم

محظور على الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم وحياتهم وأراضيهم وممتلكاتهم، من المعتدين اليهود. الدفاع عن النفس من اليهود في الضفة الغربية هو مخالفة جنائية تؤدي إلى الاعتقال والمحاكمة والسجن ودفع الغرامات الباهظة أو الموت. هذا ليس تحليلاً، بل خلاصة الواقع المشوه الذي يقف وراء قتل قصي معطان في قرية برقة؛ وهذه هي المهزلة في اعتقال عمار عسلية الذي أصيب بالنار هو وأولاده الثلاثة الذين هبوا لصد اقتحام القرية.

محظور على الفلسطينيين الدفاع بالسلاح، ولا بالحجارة والعصي، ومحظور عليهم أيضاً أن يهبوا لحماية من تم الاعتداء عليهم منهم. كل ذلك سيعتبر تخريباً أو في أفضل الحالات تشويشاً للنظام. لا يدور الحديث فقط عن معتدين تم إرسالهم رسمياً، بل حتى عن مجرد يهود مدنيين.

المنع الجارف منصوص عليه في القانون العسكري، وفي تراث العمل الذي تجذر في الجيش الإسرائيلي، وفي النيابة العامة والمحاكم، وفي أجواء التفوق اليهودي وفي اتفاقات أوسلو. هذه مصفوفة معقدة، كل مركب من مركباتها يرتبط بالآخر ويرسخه.

من غير المستغرب أن الجيش و”الشاباك” قلقان. لا حاجة إلى معلومات من عملاء أو من أجهزة تنصت متقدمة لمعرفة أن هذا الواقع المثير للغضب هو صندوق قنابل عنقودية، الذي يمكن لكل ذي سوالف مجعدة ومتغطرس، ومسلح بقبعة منسوجة وأهداب وبندقية يمكنه، أن يفجره. ولكن “الشاباك” والجيش – بما في ذلك النيابة العسكرية والمحكمة العسكرية – مقيدتان بواقع هم أنفسهم شكلوه وحافظوا عليه.

المصفوفة الآنفة الذكر توضح كيف تتحقق هذه الهجمات ولماذا تزداد، وكيف يزداد منفذوها اليهود الذين يحافظون على الوصايا ويخافون الله.

نبدأ بالحكم العسكري: حسب القانون الدولي، عليه الحفاظ على سلامة ورفاه السكان المدنيين المحميين (الواقعين تحت الاحتلال). الجيش الإسرائيلي لا يقوم بهذا الدور، لأن مشروع نهب الأرض الذي أطلقته إسرائيل في حزيران 1967 بحماية الجيش، يناقض بمجرد تعريفه ووجوده سلامة ورفاه هؤلاء السكان. الجيش لا يقوم بحمايتهم من المواطنين اليهود العنيفين، لأن مهمته الأولى في الضفة الغربية هي الدفاع عن سكان الدولة. والأكثر دقة، اليهود الذين بينهم، لا سيما الذين يطبقون مشروع الاستيطان التهجيري. حتى لو لم يتماهَ جميع القادة والجنود مع مشروع الاستيطان من بدايته ولم يوافقوا على إملاءاته، إلا أنه مع مرور الوقت تم استيعاب وإدراك واجب الدفاع عن المستوطن اليهودي، عنه فقط. غرست في الجنود عادة عدم الدفاع عن الفلسطينيين كقيمة، كمسلمة وكأمر. من هنا تأتي المشاهد المتكررة لجنود يقفون جانباً في المذابح التي تحدث أمامهم، ويساعدون المشاغبين اليهود في مهاجمة الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم.

لذلك، عندما يرافق نشطاء من اليسار الفلسطينيين، فيهوديتهم لا تساعدهم، والجنود يعتدون عليهم ويطردونهم هم أيضاً بواسطة أمر “منطقة عسكرية مغلقة”. لا يمكنهم إجراء مسيرة أو تجمع أو اعتصام إلا بناء على رخصة من القائد العسكري… القائد العسكري مخول بإعطاء صلاحية لكل جندي أو شرطي من قوات الشرطة باستخدام صلاحيته حسب هذا الأمر (تفريق التجمع)، هذا ما ينص عليه الأمر رقم 101 الصادر في آب 1967 بشأن حظر نشاطات التحريض والدعاية المعادية. لذلك، يعرف الفلسطينيون أنه إذا خرج 20 أو 100 شخص منهم للدفاع عن أحد الرعاة أو عن مزارع، يقوم الجنود “بتفريقهم” على اعتبار أنهم تجمع غير قانوني، بالوسائل التي بحوزتهم مثل الغاز المسيل للدموع والضرب وحتى الرصاص الحي.

لسبب ما لم يكن الجيش هناك في الأسبوع الماضي عندما ذهب بعض اليهود المتعصبين إلى أراضي برقة لرعي قطيع أغنام قبل وقت قصير من دخول السبت. هذا غريب، لأن سيارة عسكرية تقف بشكل ثابت على مفترق الطرق صبح مساء؛ واحدة من الطرق في هذا المفترق تؤدي إلى البؤرة الاستيطانية “رمات ميغرون”، والثانية تؤدي إلى بؤرة “عوز تسيون”، والثالثة تؤدي إلى قرية برقة. لو كان الجنود في المكان لما كان هناك شك في أنهم كانوا سيستخدمون وسائل تفريق “التجمع غير القانوني” ضد سكان برقة وليس ضد المستوطنين الغزاة. هذا ما حدث وهذا ما يحدث في كل قرية يسيطر المستوطنون على أراضيها وينابيعها أو يخربون حقولها.

وهذا ما يحدث أيضاً الآن في قرية قريوت في شمال رام الله. في كل يوم جمعة تأتي مجموعة من الإسرائيليين من مستوطنات المنطقة (“عيلي” و”شيلو” والبؤر الاستيطانية المحيطة) للاستجمام في نبع القرية كوسيلة للسيطرة عليه أيضاً (هم لم يسيطروا بعد على الينابيع الثلاثة الأخرى). الجيش موجود هناك بجانبهم، وحتى إنه يصل إلى المكان قبلهم، لمنع سكان القرية من طرد الغزاة، الذين يكون بينهم أطفال صغار. بعد ذلك، يأتي دور اقتحامات الجيش الليلية لبيوت السكان الذين تجرأوا على معارضة اجتياز الحدود: سلسلة اعتقالات ومحاكمات أمام قضاة عسكريين يهود، بعد بضعة أشهر من الاعتقال وغرامات مالية باهظة، ثمة ضمان بأن يصاب السكان باليأس وألا يحاولوا طرد الغزاة من أراضيهم مرة أخرى. هذا ما حدث في قرى: النبي صالح، والمزرعة القبلية، والمغيّر. هذه أمثلة قليلة على النموذج الذي ترسخ خلال عشرات السنين.

التشريع العسكري يحظر على الفلسطينيين حيازة السلاح واستخدامه. وكما هو مكتوب بشأن تعليمات الأمن رقم 1659 من العام 2009: ” من يحمل أو يحوز أو ينتج سلاحاً بدون رخصة من القائد العسكري أو من قبله أو ليس طبقاً لشهادة الترخيص، فحكمه السجن المؤبد”. المستوطنون الخاضعون (عندما يكون الأمر مريحاً لهم) لقوانين إسرائيل، يحصلون على رخص لحيازة السلاح من قسم ترخيص السلاح في وزارة الأمن القومي. وفي العام 2011 تقرر أنهم يتمتعون بأولوية في الدور من أجل الحصول على رخصة حيازة السلاح.

لقوات الأمن الفلسطينية إذن من إسرائيل بحيازة السلاح، لكن فقط في جيوب مناطق “أ”، وأحياناً في جيوب مناطق “ب” لفترة محددة وبعد تنسيق متعب. أما دون ذلك فممنوع وفقاً لاتفاق أوسلو. وفي كل مكان، حتى في جيوب “أ” و “ب” محظور عليها العمل كسلطة قانون ونظام عندما يعتدي اليهود على الفلسطينيين. محظور على رجال الشرطة الفلسطينية حتى التهديد بالسلاح لمشاغبين يهود اعتدوا على أبناء شعبهم. ومحظور عليهم أيضاً استخدامه (إذا استخدموه، سيعتقلون بصفتهم مخربين). محظور عليهم أيضاً اعتقال أي مشاغب يهودي داخل الجيوب، وبالأحرى خارجها.

محظور على السلطة الفلسطينية أن تقدم للمحاكمة مشاغبين يهوداً، في محكمة فلسطينية، بسبب الاقتحام أو التخريب. “الشرطة الفلسطينية ستكون هي المسؤولة عن معالجة الأحداث التي تتعلق بنظام الجمهور، التي يشارك فيها الفلسطينيون فقط”، كتب في المادة 13 في اتفاق أوسلو المؤقت الذي ترسخ كاتفاق دائم. السلطة الفلسطينية بإلهام من محمود عباس وتعليماته، تواصل احترام هذه المادة بدقة، ولا تقوم بمبادرات وتكتيكات تناسب الوضع الجديد.

في المادة 15 في اتفاق أوسلو المسماة “منع نشاطات معادية”، كتب: “الطرفان سيبذلان كل الجهود المطلوبة لمنع الأعمال الإرهابية والجريمة والعداء الموجهة من قبل طرف للطرف الآخر ضد أشخاص تحت سلطة الطرف الآخر وضد ممتلكاتهم، وسيتخذون كل الوسائل القانونية ضد المجرمين”. كثير من التماثل المزيف في هذه الجملة، لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة ذات سيادة، وهي مثل الشعب الفلسطيني؛ تخضع لنظام الاحتلال العسكري الإسرائيلي – الأمر الذي يثبت مرارا ًوتكراراً بأنه لا ينوي إفشال عنف المستوطنين. ما تبقى من هذه الجملة هو أن السلطة الفلسطينية، التي يحظر عليها الدفاع عن أبناء شعبها من اليهود العنيفين، ملزمة بالعمل ضد أبناء شعبها.

أجهزة الشرطة والأمن الوقائي والمخابرات العامة والاستخبارات العسكرية في السلطة الفلسطينية التي تعتقل فلسطينيين بسبب أقوال قالوها ضد القيادة الفلسطينية، وأن إسرائيل تطلب منهم العودة والعمل في نابلس وجنين – غير حاضرة في عشرات القرى والتجمعات في مناطق “ب” ومناطق “ج”، التي يتعرض سكانها للإرهاب اليومي من قبل المستوطنين الإسرائيليين. ففي هذا الأسبوع، سيكون تجمع للرعاة الفلسطينيين الذي ستضطر 12 عائلة (86 شخصاً) لمغادرة البيوت في غور الأردن بسبب اعتداءات البؤر الاستيطانية التي تحيط به. هذا هو التجمع الرابع الذي يضطر إلى الهرب في الأشهر الأخيرة من المنطقة إلى مناطق “ب” بسبب اندماج المضايقات من قبل المستوطنين وحظر البناء والحركة التي تفرضها الإدارة المدنية وغياب أي قوة لحمايتهم من الاعتداءات.

هذا التناقض الواضح والظلم الذي يعكسه يزعج الكثير من الفلسطينيين الذين يخدمون في الأجهزة الأمنية الفلسطينية. عليهم إقلاق رؤساء الأجهزة والقادة الكبار في حركة فتح والجيش الإسرائيلي. لأنه من غير الواضح إلى متى وبأي ثمن شخصي وسياسي سينجحون في احتواء الغضب المتراكم ضدهم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى