هآرتس: عندما يتوسلون في الشباك ويقولون لا تتجسسوا، فان الامر يتعلق بفشل الدولة

هآرتس 21/7/2025، يوسي ميلمان: عندما يتوسلون في الشباك ويقولون لا تتجسسوا، فان الامر يتعلق بفشل الدولة
منذ حوالي سنتين والشباك يجد صعوبة في منع ظاهرة وجود مئات الاسرائيليين الذين يوافقون على الاتصال مع منظمات مخابرات ايرانية، من بينهم ايضا اشخاص وافقوا على التعاون معها وخيانة الدولة. الى جانب نجاح الشباك في احباط واعتقال المشتبه فيهم فانه فشل في مهمة ردع اسرائيليين عن التجسس. يبدو ان هذا هو سبب قرار الشباك وجهاز الاعلام الوطني في مكتب رئيس الحكومة الخروج الى حملة دعاية وطنية استثنائية وغير مسبوقة، بعنوان “اموال سهلة وثمن باهظ”.
في احد الافلام التي تم عرضها يظهر شباب وهم يستمتعون ويشربون البيرة في مقهى. وعندها يظهر شاب صارم ويسأل: “من اجل خمسة الاف شيكل هل هذا يعادل بالنسبة لك تدمير حياتك؟ ان تقديم معلومات للعدو هو جريمة امنية خطيرة، التي عقوبتها السجن المؤبد. لا تساعد العدو الايراني. اذا تلقيتم طلب جديد عبر الشبكة ابلغوا شرطة اسرائيل”.
الحملة انطلقت بعد يوم من تقديم لائحة اتهام اخرى ضد جندي بسبب مخالفات اتصال مع عميل اجنبي وتقديم معلومات للعدو. الجندي اقام مع علم مسبق علاقات مع جهات ايرانية اثناء الحرب ونقل اليها مقابل مبلغ من المال معلومات عن اعتراض الصواريخ، وعن بطاريات “القبة الحديدية” وعن سقوط صواريخ ايرانية.
حسب معطيات الشباك ووزارة العدل فانه فقط في السنة الماضي كشفت اكثر من 25 قضية لاسرائيليين وافقوا على التجسس لصالح ايران، وتم تقديم اكثر من 35 لائحة اتهام خطيرة. عمليا، منذ 7 اكتوبر 2023 عدد حالات التجسس تضاعف. الحديث يدور عن ألف اسرائيلي، الذين اتصلت بهم جهات تجسس ايرانية، على الاغلب عبر الشبكات الاجتماعية. حتى الآن تمت ادانة فقط شخص واحد وهو موتي ممان (72 سنة) من عسقلان، وهو رجل اعمال فاشل وحكم عليه 10 سنوات سجن. الباقون ينتظرون المحاكمة. عدد منهم تجاهلوا طلبات ايران أو رفضوها، آخرون استجابوا ولكنهم لم يتمكنوا من العمل لان محققي الشباك وصلوا اليهم وحذروهم من أن يتجرأوا على مواصلة العلاقة. ولكن عدد غير قليل اغرتهم الاموال السهلة التي عرضت عليهم ونفذوا المهمات التي طلبت منهم.
هذه هي الطريقة. يعرضون عليهم بضع مئات من الشواقل مقابل مهمة سهلة وبسيطة مثل رسم صورة غرافيك ويمسك بلافتة ضد بنيامين نتنياهو والحكومة، أو يقوم باحراق سيارة وتصوير هذه الاعمال وارسالها للمشغلين أو الفيلم. هذه بداية عملية تسمى باللغة المهنية “توريط”. في اعقابها تاتي مهمات معقدة اكثر مثل تصوير مواقع عسكرية، الحصول على عناوين ومعلومات عن رؤساء حكومة، وزراء دفاع، قادة كبار في الجيش وعلماء ذرة، ومحاولة اغتيالهم.
هذا المرض انتشر مثل الوباء في المجتمع الاسرائيلي بكل طبقاته ومستوياته، شباب وكبار سن، مدنيين وعسكريين، جنود نظاميين وجنود احتياط، متدينين وعلمانيين، اشكناز وسفارديم، مهاجرين جدد، نساء ورجال، عرب اسرائيليين. القاسم المشترك بين الجميع هو الطمع.
منذ اقامة الدولة عمل في اسرائيل جواسيس وخونة اخترقوا حرمة امن الدولة وتسببوا باضرار جسيمة، مثل ليفي ليفي من الشباك، زئيف افني من وزارة الخارجية والموساد، اسرائيل بار من وزارة الدفاع، ماركوس كلينبرغ من المعهد البيولوجي في نس تسيونا، شبتاي كلمانوفيتش الذي حاول التقرب من رئيسة الحكومة غولدا مئير وبن زغيير من الموساد. هذه قائمة جزئية. كانت هناك حالات خطيرة تم التعتيم عليها. معظمهم كانوا، باستثناء زغيير، يتصرفون بدوافع سياسية وايديولوجية في خدمة الاتحاد السوفييتي واجهزة المخابرات التابعة لتوابعه في اوروبا الشرقية.
هذه المرة الدافع هو واحد فقط: الطمع. في الواقع معظم الجواسيس الذين تم القاء القبض عليهم حتى الآن لم تكن لهم امكانية للوصول الى اسرار جهاز الامن، لذلك كان ضررهم ضئيل نسبيا. ولكن في الشباك الذي احد مهماته الرئيسية هي احباط التجسس، لا يعزيهم هذا الامر. في الشباك يقلقون. في البداية اعتقدوا ان المتعاونين مع العدو هم من هامش المجتمع، لكن في الفترة الاخيرة المزيد من الاسرائيليين الذين يمكن تسميتهم “معياريين” ومن قلب التيار العام، يجرون اتصالات مع الايرانيين، حتى اثناء الحرب مع ايران.
عندما تحتاج سلطة حكومية الى حملة توعية بشان امر مفهوم ضمنا فان هذه اشارة على الفشل. هذه اشارة على ان الردع لا يعمل، وان هناك من هم مستعدون بسهولة لمخالفة القانون. في حقيقة الامر عندما يتعين على الشباك التوسل والقول “لا تتجسسوا ولا تخونوا” فان الامر يتعلق بفشل الدولة، التي مجتمعها يتفكك، تقريبا في كل المجالات. هذا مجتمع تقريبا كل طابو فيه تم كسره لانه يوجد لدى الجمهور شعور “لا يوجد قانون أو قاض” و”حارة كل من يده له”، والفرد يدرك ان عليه ان يهتم باحتياجاته لان الحكومة والسلطات لن تهتم به.
ظاهرة الذين يتجسسون لصالح ايران هي اشارة على الضياع، اشارة على ان القيم والقواعد الاساسية جدا للمجتمع، مثل التضامن والتكافل والتناسق، تتفكك. ان المجتمع الذي اعضاءه غرباء عن بعضهم ولم يعد لديهم الشعور بشراكة المصير، فمشكوك فيه أن تتمكن حملة الشباك من وقف هذه الظاهرة.