ترجمات عبرية

هآرتس: عندما تكون حماية المناظر الطبيعية ذريعة لإبعاد الفلسطينيين عن أرضهم

هآرتس 25/8/2022، بقلم: تسفرير رينات،

تحول الحفاظ على الطبيعة والمشهد الطبيعي إلى ذريعة تستخدم لتبرير سيطرة إسرائيل على الأراضي وطرد الفلسطينيين خلف الخط الأخضر. حتى الاحتفال الذي يبدو ساذجاً لزراعة الأشجار في 15 شباط لا يعتبر سذاجة، وقد تحول مع مرور الوقت إلى وسيلة أخرى للسيطرة.

قبل عشرة أشهر، قدم فلسطينيون بواسطة محامي جمعية “حقل”، وهي تحالف للدفاع عن حقوق الإنسان، التماساً للمحكمة العليا ضد غزو مستمر ينفذه سكان مستوطنة “نوكديم” للأراضي التي هي بملكيتهم منذ أجيال كثيرة، حسب الالتماس. طلبوا في الالتماس أن توضح الدولة للمحكمة سبب عدم العمل على إبعاد الغزو للأراضي المحاذية لمستوطنة “نوكديم”. تبلغ مساحة أراضي الفلسطينيين هذه 140 دونماً، والغزو يشمل نصفها تقريباً.

حسب الالتماس، قبل نحو عشرين سنة تم وضع جدار منع دخول المزارعين إلى أراضيهم. وحاولوا خلال هذه السنين مرات كثيرة الدخول وفلاحة أراضيهم. وعندما كانوا يصلون إلى هناك، كان المستوطنون ينكلون بهم، وكانت قوات الأمن التي كان يتم استدعاؤها إلى المكان، من الوصول إلى أراضيهم. في العام 2013 توجه الفلسطينيون مرة أخرى للإدارة المدنية وطلبوا إصدار أمر عسكري بإغلاق المنطقة التي تضم أراضيهم أمام الإسرائيليين، ثم السماح لهم بالوصول إليها. في نهاية المطاف، وافقت الدولة على إصدار أمر إغلاق وأعلنت بأنها ستسمح بدخول الفلسطينيين.

في السنوات الأخيرة، سمحت الإدارة المدنية للمزارعين الفلسطينيين بالوصول إلى أراضيهم بين حين وآخر وفلاحتها. ولكن قبل ثلاث سنوات، وصل المستوطنون إلى المكان في إطار الاحتفال بـ 15 شباط، وقاموا بزراعة الأشجار هناك. حسب الالتماس، منذ ذلك الحين تم تقييد وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم. استمر المستوطنون في تطوير المكان وأضافوا الكراسي، وفعلياً تحول المكان إلى متنزه عام لرفاهية المستوطنين، في حين لم يبق لأصحاب الأراضي إلا مشاهدتها من بعيد.

رداً على الالتماس، أصدرت الإدارة المدنية في “يهودا والسامرة” [الضفة الغربية] قبل ثلاثة أشهر، في خطوة نادرة جداً، أمرا بإبعاد الغزاة. كانت الإدارة تنوي تنفيذه قبل أسبوعين واقتلاع مئات الأشجار التي زرعها المستوطنون. قبل أسبوعين، وصلت معدات هندسية إلى المكان، وانتظرهم هناك عشرات المستوطنون وطلبوا عدم اقتلاع الأشجار. في نهاية المطاف، لم تقم المعدات الهندسية باقتلاع الأشجار وقدمت “نوكديم” التماساً للمحكمة العليا طلبت فيه إصدار أمر مشروط لوقف أعمال إزالة الغزو. وثمة طلب آخر، وهو أن توضح الإدارة المدنية سبب عدم إلغائها أمر إبعاد الغزاة.

في الأسبوع الماضي، أصدرت المحكمة قرارا أمر بتعليق أعمال الإدارة في المكان. حسب التماس “نوكديم”، فإن الفلسطينيين لا يعتبرون مالكين للأرض بصورة قانونية. لذلك، لم يقدموا حتى الآن أي طلب لتسجيلها بأسمائهم. المعنى: لا يوجد مبرر للعمل باسمهم من أجل إبعاد الغزاة.

هناك أيضاً ادعاء بيئي، كما يبدو، في التماس “نوكديم”: الحاجة إلى حماية الأشجار. هذه الأشجار كان غرسها، حسب موقف الإدارة، جزءاً من نشاطات غير قانونية. وحسب المستوطنين، لا يوجد للإدارة مصادقة على اقتلاع مئات الأشجار؛ لأن هذه مصادقة لا يعطيها إلا ضابط أركان الزراعة (الذي هو من موظفي الإدارة المدنية). إضافة إلى ذلك، تم الادعاء في الالتماس بأنه في تنفيذ عملية إخلاء الغزاة، فإن القانون يسمح باستخدام القوة بدرجة معقولة فقط، في حين أن اقتلاع الأشجار، التي يعتبر بعضها محمياً، هو حسب أقوال المستوطنين “عمل عنيف قاس”. المستوطنون لا يفسرون في التماسهم من هي الجهة التي حصلوا منها على المصادقة لغرس الأشجار وتطوير المنطقة، بدون تخطيط منظم حصل على مصادقة لجنة التخطيط أو أي مصادقة من الإدارة المدنية.

إضافة إلى ذلك، تم الادعاء في الالتماس بأن إعطاء تصاريح للفلسطينيين لفلاحة أراضيهم يعني وجود خطر أمني قرب بيوتهم. في المقابل، قال درور اتكس، من جمعية “كيرم نبوت”، الذي يتابع نشاطات المستوطنين، بأن في هذه المنطقة نشاطات من أجل السيطرة على أراضي الفلسطينيين الزراعية، وكل ذلك بعد أن صادرت إسرائيل آلاف الدونمات منهم لصالح المستوطنات. وحسب قوله، بدأ الأمر قبل 25 سنة عندما أقامت “الكيرن كييمت” متنزهاً على أرض زراعية بقيت في مركز “نوكديم”.

تحويل المنطقة المحاذية لـ “نوكديم” إلى متنزه للمستوطنين، هو جزء من ظاهرة أوسع. المستوطنون يحبون ينابيع المياه. وبعد إبعاد الفلسطينيين عنها، يحولونها إلى مواقع للاستجمام والسباحة. أقام المستوطنون قرب “نوكديم” موقعاً للمياه، وأربع برك. الإدارة المدنية لا تعمل على وقف هذه الظاهرة. وعن حجمها يمكن أن نعرف من كراسات النزهات التي تتناول المواقع الجديدة. الطبيعة والمناطق المفتوحة تفرغ من الفلسطينيين الذين كانوا يفلحونها ويعيشون فيها، وقد حل مكانهم المستوطنون الذين يعتبرون أنفسهم حماة الطبيعة والمشهد الطبيعي. هم لا يظهرون أي علامات على أنهم قد شبعوا من السيطرة على المشهد، ومن الرغبة في تشكيله حسب احتياجاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى