ترجمات عبرية

هآرتس – عميره هاس- طفرة المغتصب: يوم في حياة شعب محتل وغاصب

هآرتس – بقلم عميره هاس- 30/11/2021

” ربما الحديث لا يدور عن تغييرات جينية، بل عن اسلاك جديدة في الدماغ بسبب التواصل بين تجربة السيطرة على الفلسطينيين والخلايا العصبية “.

هل تولدت فينا، نحن الاسرائيليون، طفرات في تركيبة مادتنا الوراثية بسبب العملية الطويلة التي لا تتوقف من السيطرة على شعب آخر وعلى بلاده؟. اذا كان تلوث البيئة أو الاشعاعات تحدث طفرات فلماذا التعليمات والقوة التي يتم اعطاءها طوال السنين لأبناء الـ 18 المسلحين من اجل الاقتحام والهدم السطو والقتل لا تتسبب بتغييرات جينية، ليس فقط نفسية وسلوكية، فيهم وبعد ذلك في احفادهم؟.

تعالوا نأخذ يوم في حياتنا كشعب محتل ومغتصب، 23 تشرين الثاني 2021. عشرات الجنود وضباط الادارة المدنية، هذا لا يشمل المخططين والمستشارين القانونيين والقادة الذين يوجدون وراء الستار، عملوا على تدمير ومصادرة مبان سكنية وخيام وحظائر اغنام وشارع، وحتى مبنى تم اعداده للدفن. 22 فلسطيني، حسب “بتسيلم”، فقدوا بيوتهم في يوم واحد، في القدس وفي جنوب جبل الخليل وفي منطقة رام الله وفي منطقة نابلس.

هل هؤلاء الضباط والجنود شعروا في نهاية ذاك اليوم بالتفوق؟ هل ربما كاشارة مثلما يحدث بعد يوم عمل في المكتب؟ هل شعروا بالتعب بسبب الاستيقاظ باكرا؟ كيف نشرح أنهم هم وعشرات آلاف الجنود والضباط ورجال القانون امامهم على قناعة بأن ما يقومون بفعله هو على ما يرام؟ كم هو عدد الجنود الذين اطلقوا النار على ركب المتظاهرين على جدار السجن الاكبر في العالم، غزة، يستيقظون وهم يشعرون بالضيق بسبب الاعاقة التي تسببوا بها للسجناء الذين حكم عليهم بالمؤبد؟ هل هي اللامبالاة ازاء الكارثة التي تسببوا بها للآخرين هي نتيجة غسل الادمغة والاكاذيب التي لقمتها اياهم مؤسسات التعليم ووسائل الاعلام الجماهيرية، أم أنها ارث لأن الآباء والاجداد قاموا بفعل نفس الشيء؟. 

هذه الاسئلة خطرت ببالي عندما قرأت تصريح نفيه شبتاي لفين (17 سنة) عن نيته رفض الخدمة في الجيش واستعداده لأن يسجن بسبب ذلك. “مثل جميع الاولاد في اسرائيل تربيت على ارث عسكري عنيف وعنصري”، كتب نفيه. “في الصف الثالث كنا جميعنا قد تعرفنا على قصص “البطولة” لمؤسسي الدولة، وكيف أن الجنود الشجعان قاموا بطرد الاشخاص من بيوتهم كي نستطيع نحن العيش هنا في مكانهم… وعندما لم نكن نتعلم قمنا باللعب، ارتدينا زي الجنود وحملنا بنادق لعب وتظاهرنا بأننا نفس الجنود… وكلما كنا نكبر كان هذا التلقين يكبر معنا. وفي المدرسة الثانوية قالوا لنا بأنه يجب علينا تعلم اللغة العربية، ليس من اجل التحدث بها أو اقامة صداقات، بل من أجل أن نستطيع أن نقول لهم بأن يجمعوا العائلة في الصالون عندما نقوم باقتحام بيوتهم… وعندما يسمع الناس بأننا في الثانوية، كانوا يسألون مباشرة: ماذا ستفعلون في الجيش؟”.

هل نفيه ورافضة الخدمة بسبب الضمير شاحر بيرتس، التي يمكن في هذا الاسبوع أن تقضي عقوبة بالسجن للمرة الرابعة في السجن العسكري، ورافض الضمير عيران افيف الذي حصل على الاعفاء بعد قضاء 114 يوم في السجن العسكري، هم طفرة الطفرة، أم أن التغيير في الجيني قد قفز عنهم؟.

هل ربما أن الحديث لا يدور عن تغييرات جينية، بل عن اسلاك جديدة وخاصة في الدماغ بسبب التواصل بين تجربة السيطرة على الفلسطينيين والخلايا العصبية؟ بين الخلايا العصبية والعملية المسكرة من سرقة الارض واعطاءها لليهود؟ بالتأكيد بفضل عشرات السنين، التي طورنا فيها نموذج عفا عليه الزمن ودقيق للكولونيالية الاستيطانية، التي تؤثر على الخلايا العصبية لدينا. في كل العالم، حتى ذاك الذي تم اختراعه واقامته على أسس تدمير شعوب اصلية على ايدي مشروع الاستيطان والتفوق الاوروبي، تم تغيير اسلاك الدماغ، وهناك اعتراف بالجرائم الفظيعة التي تم ارتكابها. ولكن يجب عدم النسيان بأن هذا الاعتراف متأخر. ففي دول كثيرة انكمشت الشعوب الاصلية وتقلصت واصبحت اقليات مهملة من ناحية ديمغرافية واقتصادية وسياسية بسبب عمليات ابادة الشعوب المتعمدة والثابتة والهجرة الجماعية للمستوطنين. 

وباء التفوق اليهودي يتوقع أن يسقط المزيد من الضحايا، سواء كان دماغ الرافضين لم يدمن على القوة أو أن هؤلاء الشباب هم الاجسام المضادة لوباء التفوق. ومن اجل مستقبل هذه البلاد نحن نأمل بأن يزداد عددهم ويتكاثروا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى