ترجمات عبرية

هآرتس: عملية “عربات جدعون” هي فشل كلف خزينة الدولة 25 مليار شيكل

هآرتس/ ذي ماركر – سامي بيرتس – 4/8/2025 عملية “عربات جدعون” هي فشل كلف خزينة الدولة 25 مليار شيكل

في الاشهر الاولى للحرب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كرر في عدد من الجلسات قول: “أنا اريد أن تصبح غزة موضوع ممل بالنسبة للعالم”. من غير الواضح كيف كان ينوي فعل ذلك، وربما كانت هناك لحظة حدث فيها ذلك. ولكن في الاسابيع الاخيرة كل شيء انقلب رأسا على عقب: غزة اصبحت الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة للعالم.

الصور التي تاتي من غزة لم تبق العالم لامبالي: طائرات من دول كثيرة تنزل بالمظلات المساعدات الانسانية لغزة. اسرائيل تشهد تسونامي سياسي، لم تعرفه ولم تتوقعه، لدول كثيرة تعلن عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. اكاديميون اسرائيليون يواجهون بالغاء مشاركتهم في مؤتمرات وفي نشاطات بحث في اوروبا. الاحداث تزداد ضد اسرائيلي في ارجاء العالم. غزة لم تختف. وطوال الوقت الذي تاتي فيه من هناك تقارير عن الجوع، لا تبقي العالم لامبالي، وبالتأكيد لا يشعر بالملل.

حتى ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي ظهر وكانه يتساوق مع كل هستيريا الحكومة الحالية، وحتى وفر لها حلم الريفييرا المدحوض في غزة، اعترف قبل اسبوع بانه “يوجد جوع حقيقي، ولا يمكن تزييف ذلك”. الصور القاسية للمخطوفين الاسرائيليين افيتار دافيد وروم برسلفسكي، التي نشرتها حماس، استهدفت التأكيد على ذلك. 

الاعتراف بالفشل

مصادر سياسية في اسرائيل قالت ان حملة التجويع ادت الى تصلب حماس في مواقفها في المفاوضات. عملية “عربات جدعون” استهدفت الضغط على حماس كي تظهر المرونة. ولكن الازمة الانسانية ادت الى نتيجة معاكسة. لذلك، يتم طرح الان في اسرائيل فكرة جديدة وهي بدلا من صفقة جزئية كما فضل نتنياهو خلال الحرب، يتبلور قرار بالدفع قدما بصفقة شاملة لاطلاق سراح جميع المخطوفين وانهاء الحرب مقابل نزع السلاح في غزة. 

هذه فكرة، التي قبل ثلاثة اسابيع رفضها نتنياهو في لقاءاته مع عائلات المخطوفين وقال ان الصفقة الشاملة هي امر غير محتمل. ما الذي يجعلها الآن محتملة؟ نتنياهو لا يقدم أي تفسير للجمهور. مصدر سياسي يعرف بالضبط طريقة عمل نتنياهو قال “هذه فقط محاولة لكسب الوقت وخلق مظهر كاذب لاتخاذ مبادرة”. 

ما يظهر في التوجه الجديد هو الاعتراف بفشل عملية “عربات جدعون”، التي عملت فيها خمس فرق في غزة وقتل 40 جندي، وتكلفتها قدرت بـ 25 مليار شيكل، وهي نبعت ضمن امور اخرى، من تجنيد واسع للاحتياط.

ايضا نظام قوات الجيش الاسرائيلي الذي تحدد في ميزانية الدولة الاصلية للعام 2025، ارتكز الى ابقاء 50 الف جندي احتياط بالمتوسط، لكن في اعقاب العملية هذا العدد قفز الى حوالي 100 ألف جندي احتياط.

تكلفة الـ 50 الف جندي احتياط تقدر بـ 2 مليار شيكل في الشهر. لذلك فان التكلفة الزائدة لجنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم في اعقاب العملية كانت مضاعفة، وتجاوزت الـ 2 مليار شيكل في الشهر، المبلغ المحدد في عملية غزة، بدون الاخذ في الحسبان تكلفة عملية “شعب كالاسد” في ايران التي كلفت 22 مليار شيكل اضافي.

هذا ليس الضرر الوحيد. التسونامي السياسي الذي جلبته معها حملة حماس يجبي ثمن باهظ آخر وهو المس بالشراكة الاكاديمية والتجارية. وهو يمكن أن يتفاقم ويستمر لفترة طويلة، بالاساس اذا استمر الطريق المسدود بالنسبة لاطلاق سراح المخطوفين وانهاء الحرب وازدادت عمليات الجيش الاسرائيلي العسكرية في غزة.

اثمان خيالية

الاعتبارات الاقتصادية لم تكن قائمة في المرحلة الاولى للحرب، لكن استمرارها الى جانب الافكار التي يحاول وزراء اليمين الدفع بها قدما والتسبب بازمة سياسية شديدة، يقتضي وضع على الطاولة هذه الاعتبارات ايضا.

يتوقع ان الشخص الذي سيضعها على الطاولة هو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بكونه المسؤول عن خزينة الدولة، ولكنه يوجد بالضبط في الطرف الثاني – يؤيد الاحتلال الكامل لغزة، اقامة المستوطنات وطرد السكان الغزيين، الامر الذي فقط سيفاقم الازمة السياسية. 

الحكومة منقسمة حول هذه المعضلة بين صفقة التبادل وانهاء الحرب وبين سيناريو استمرار الحرب الى درجة اقامة حكم عسكري. اذا كان الامر يتعلق بسموتريتش والوزير ستروك فلا توجد معضلة.

في الاسبوع الماضي قال سموتريتش في لقاء لليمين: “الجيش يجب عليه اتخاذ أمر فوري باحتلال كل القطاع دفعة واحدة – مدينة غزة والمخيمات في الوسط، وقتل جميع المخربين وتدمير البنى التحتية الارهابية، فوق وتحت الارض. وفرض حكم عسكري كامل في قطاع غزة، على الفور وبقوة وبدون أي حساب وبدون التوقف للحظة. سيدي رئيس الحكومة، لقد انتهى وقت التردد ويجب التغلب على هذه المعضلة. لم يعد هناك الان هذا وذاك”.

سموتريتش في الحقيقة يحاول الوصول الى نسبة الحسم في معظم الاستطلاعات، لكن قوته في الحكومة كبيرة، وبالتاكيد الآن، لان الحريديين يرفضون الجلوس في الحكومة طالما انهم لا يرتبون للشباب الحريديين قانون الاعفاء من الخدمة.

اقوال سموتريتش تسمع كخطاب انتخابي، ولا يوجد وراءها أي خطة حقيقية لفرض حكم عسكري في غزة. نقاشاته مع موظفي وزارة المالية لا تتناول تخطيط حكم عسكري أو وضع ميزانية لعملية كهذه، لكنها تشمل وضع ميزانية بمئات ملايين الشواقل لنشاطات المساعدات الانسانية في غزة. المبدأ الموجه هو ان اسرائيل لا تشتري الطعام لصالح الغزيين، لكنها توفر الاعمال اللوجستية من اجل تاييد صندوق المساعدة الامريكي.

استمرار الحرب والدفع قدما بحكم عسكري ستجبي من اسرائيل اثمان خيالية. وليس عبثا ان سموتريتش لا يقوم حتى بنقاش مسبق حول ذلك في وزارة المالية. الحكم العسكري هو عملية يمكن ان تستمر لسنوات كثيرة (لا يجب تصديق تفسير ان هذا هو “وضع مؤقت”)، وسيحتاج الى مواد ضخمة من القوة البشرية والميزانيات، وسيجبي اثمان سياسية واقتصادية باهظة، التي جزء منها بدأنا نشعر به الآن. 

الاعتماد على الحلول التكنولوجية المتقدمة لسد العجز في الميزانية لن تكون له أي فائدة اذا تفاقم الانهيار السياسي. نهاية الحرب قد تشكل تهديد للحكومة الحالية، لكن حكم عسكري في غزة يهدد اقتصاد اسرائيل وعلاقاتها السياسية لسنوات قادمة – ليس فقط ذلك. فسينهار مستوى المعيشة لسكان اسرائيل، التي ستصبح دولة منبوذة في العالم. يبدو ان حماس نفسها تدرك ذلك،  ولهذا هي لا تبالي بالتهديد بالحكم العسكري. 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى