هآرتس: عملية انتحارية صناع القرار تبنوا نظرية: “لتمت نفسي مع الفلسطينيين”

هآرتس 3/8/2025، ايريس ليعال: عملية انتحارية صناع القرار تبنوا نظرية: “لتمت نفسي مع الفلسطينيين”
الظواهر العرضية للكارثة التي لا يمكن استيعابها، والتي تسببت بها اسرائيل في غزة، مقلقة جدا. جسور اسرائيل مع دول العالم الحرب تم احراقها واحدا تلو الآخر، وكل من ادار الحرب أو شارك في القرارات، بدأ يسلم بحقيقة انه لا يمكن ان تطأ قدميه عواصم العالم بدون المخاطرة بنفسه. ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالنت توجد مذكرات اعتقال اصدرتها محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وهولندا حظرت دخول اليها بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. ولكن من المؤكد ان هذه الدائرة ستتسع. يتجول بيننا اشخاص كانوا وما زالوا يشاركون في قرارات ادت الى قتل 60 ألف شخص في غزة، بينهم 18500 طفل. “الواشنطن بوست” نشرت بانه حسب اليونسيف فانه منذ بداية الحرب الاطفال ماتوا بوتيرة مخيفة تبلغ اكثر من طفل واحد في الساعة بالمتوسط. الصحيفة التي نشرت اسماء عشرات الاطفال اضافة: “بعضهم قتلوا اثناء النوم، وآخرون اثناء اللعب، وكثيرون دفنوا قبل ان يتعلموا المشي”.
هذه حرب ابادة لمن يجد صعوبة في التوفيق بين اليهودية وبين التعريف القانوني للابادة الجماعية. كل “تسوية” للمباني، التي يحبون الاحتفال بها هنا، تدفن تحتها مئات الاشخاص، نساء واطفال رضع واولاد وشيوخ. الادعاء بان الحرب هي امر وحشي وخطير ويزهق حياة الناس لا يسري على عدة وقائع قاطعة، مثل ان اسرائيل قررت في آذار الماضي وقف ادخال الطعام الى غزة، وهي تدرك معنى هذا القرار بالضبط. في شهر نيسان وصلت تحذيرات من ان غزة توجد على شفا الجوع، لكن لم يتم فعل أي شيء لمنع ذلك.
اضافة الى ذلك الحكومة عرفت ان “جي.اتش.اف”، الجسم المسؤول عن توزيع المساعدات الانسانية في غزة، لا يوفر المواد الغذائية للاطفال الرضع، وانه اذا لم تدخل هي نفسها وبشكل مستعجل هذه المواد الى القطاع فان الاطفال الرضع سيموتون بسبب الجوع. اسرائيل عرفت عن الوضع الصعب في المستشفيات القليلة التي بقيت بعد تدميرها للمستشفيات الاخرى، وكان يجب عليها ان تعرف بان الطواقم الطبية نفسها جائعة وضعيفة. ايضا في التفسير المخفف لخطواتها فان الامر لا يتعلق بالتجاهل والاهمال الاجرامي والاخطاء التكتيكية. يمكن ان تكون ايضا امور كهذه، لكن الافتراض الذي وجه بنيامين نتنياهو وحكومته هو ان العالم سيبتلع ويهضم بشكل معين تجويع آلاف الاطفال، وانه لن يكون للقتل الجماعي ثمن دبلوماسي باهظ.
بعد مواجهة موجة الغثيان التي تهاجم أي عقلاني يقرأ عن هذه الامور، وفي خضم اشد ازمة دبلوماسية في تاريخ اسرائيل، هناك سؤال يجب مواجهته وهو كيف نحكم على اداء الوزراء ورؤساء جهاز الامن ورئيس الاركان وكبار قادة الجيش والشباك ورئيس الموساد الذي قام بالصلاة مؤخرا على قبر الحاخام ميلوفيفيتش، يصعب لومه. يمكن الافتراض بان كل من شارك في اتخاذ القرارات من اليوم الاول للحرب، واسوأ من ذلك الذين ما زالوا يتخذون القرارات، يدركون انهم متورطون في جرائم حرب والتطهير العرقي والابادة الجماعية. ويبدو أن ارجلهم لن يكون لها موطيء قدم في اوروبا وكندا واستراليا. ويحتمل ان الولايات المتحدة غير مضمونة لهم ايضا، بالتأكيد بعد ترامب.
لم تعد هناك أي اهداف عسكرية اخرى لتحقيقها في غزة. كل هيئة الاركان تعرف ذلك. وقتل النازحين الباقين والمخطوفين، هذا لا يعتبر هدف عسكري. اذا كانت رغبة الانتقام في اعقاب الفشل الذريع في 7 اكتوبر قد اشعلت كل الآخرين، الى جانب الحاجة الى تطهير النفس بواسطة التدمير والتخريب، فما هو المزاج السائد الآن؟ كيف يؤثر ادراكهم للوضع الذي يوجدون فيه على قراراتهم؟ هل هم مؤهلون للبت في مصيرنا؟ هذه الاسئلة يجب ان تقلقنا جميعنا، لأن عمليات الانتحار ليست غريبة على الديانة اليهودية ويجب عدم استبعاد ان متخذي القرارات قد تبنوا نظرية “لتمت نفسي مع الفلسطينيين”، نحن في دور الفلسطينيين في هذه المرة.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook