ترجمات عبرية

هآرتس: عملية القدس: بصمات تنظيم مدرّب جيداً

هآرتس 2022-11-25، بقلم: عاموس هرئيل: عملية القدس: بصمات تنظيم مدرّب جيداً

تبدو العملية المزدوجة، التي وقعت صباح أول من أمس في القدس، تنفيذاً من خلية “ارهابية” مدربة نسبياً. شخص كان يجب عليه التخطيط مسبقاً لوضع العبوات في محطات مختلفة للحافلات وجمع معلومات استخبارية مسبقة وتركيب العبوات ووضعها والانسحاب دون القاء القبض عليه، وبعد ذلك تشغيل العبوات من بعيد من خلال توقيت الانفجارات معاً خلال فترة زمنية قصيرة. قُتل في العملية طالب مدرسة دينية عمره 16 سنة، آريه شتسوفيك، وأصيب 22 شخصا.

هذا ليس عمل نفذه “مخرب” منفرد، ومن المشكوك فيه اذا كان هذا عملاً لتنظيم محلي جديد على صيغة “عرين الاسود” من نابلس. توجد هنا في المقابل دلائل عن نمط عمل لتنظيم مخضرم مثل “حماس” و”الجهاد الاسلامي”. ولن تكون مفاجأة كبيرة اذا تبين لاحقاً أنه في القدس عملت خلية من شرقي المدينة (بسبب حرية الحركة ومعرفة ساحة العملية)، ربما بمساعدة وتمويل من الخارج.

تثير العمليات في محطات الحافلات ذكريات قديمة ومؤلمة. في العقود الاخيرة لا يوجد حدث ترك ندباً مأساوية جدا في الروح الإسرائيلية مثل عمليات الحافلات في فترة الانتفاضة الثانية في بداية الألفين. في حينه كانت تلك على الاغلب عمليات “انتحارية” استخدمت فيها عبوات اكبر وقاتلة أكثر. خفتت العمليات “الانتحارية” عند انتهاء تلك الانتفاضة، وعلى الأغلب استبدلت منذ ذلك الحين بمبادرات محلية مرتجلة اكثر. المرة الاخيرة التي شهدت فيها القدس عملية في حافلة كانت في نيسان 2016 عندما قام “مخرب” من “حماس”، كما يبدو، بتفجير نفسه بالخطأ اثناء حمل العبوة على جسده، حيث أُصيب 20 شخصا من ركاب الحافلة.

في العملية المزدوجة في القدس قُتل فتى وأُصيب 22 شخصاً في الموقعين من بينهم ثلاثة إصابتهم بالغة وشديدة. ضابطة في الشرطة قالت إنه كانت هناك معلومات مسبقة عن العملية. كان الهدف المس بأكبر عدد من الاشخاص. القتيل، آريه شتسوفيك، هو طالب مدرسة دينية ابن 16 سنة من القدس، وقد أثارت العملية المزدوجة في القدس الخوف من العودة الى فترة صعبة يفضل سكانها نسيانها.

من اختار اهداف العملية – محطات لحافلات في القدس – يدرك كما يبدو الشحنة التاريخية المرافقة لذلك. الخوف من التصعيد استمرار لموجة “ارهابية” بدأت في آذار الماضي ومنذ ذلك الحين لم تكف عن الخفوت، هذه العملية أكبر، وايضاً ستلقي بظلالها على الخطوات السياسية. تحدث العمليات في فترة انتقالية. الحكومة التاركة، التي خسر الشركاء فيها في الانتخابات، أصبحت قدمها الآن في الخارج والحكومة الجديدة لم يتم تشكيلها بعد.

بنيامين نتنياهو لم يجلس وراء المقود بعد، لكن شركاءه القادمين بدؤوا يصبون الزيت على النار. من هو مرشح لتولي حقيبة الأمن الداخلي، ايتمار بن غفير، وجد صعوبة في التنازل عن عاداته القديمة وسارع الى ساحة العمليات. ولكن هناك اكتشف، للمرة الاولى في حياته، أنه يجب عليه تقديم اجابات وليس اتهامات فقط. الحلول التي اقترحها ظهرت بدرجة معينة مبتذلة قليلاً: اغتيال “مخربين”، وفرض حظر التجول على القرية التي يخرج منها من نفذوا العملية، و”وقف المخيمات الصيفية في السجون”. من يتباهى بأنه العقل الامني في قائمته، عضو الكنيست (العميد احتياط) تسفيكا فوغل، كانت له فكرة براقة اكثر، “ألا توجد لدينا طائرات؟ ألا توجد صواريخ؟ ألا توجد مدافع؟ ألا توجد دبابات؟ يجب استخدامها”، دعا في مقابلة مع راديو “103 اف.ام”.

يعرف نتنياهو أن الظروف معقدة اكثر بقليل، ايضا رؤساء اجهزة الامن يتحفظون حتى الآن على عملية واسعة في شمال الضفة بذريعة أنه تكفي الاعتقالات المتواترة وتحقيقات كثيرة لـ “الشاباك” من اجل مواجهة التهديد الذي نشأ. ولكنه يتعين عليه رمي شيء ما لشركائه، حيث في الخلفية التوتر الدائم في الحرم والنية الظاهرة لبن غفير في مواصلة الذهاب الى الحرم حتى بعد أن يؤدي اليمين وزيراً. ما يُطبخ على نار هادئة وحتى متوسطة منذ ثمانية أشهر يمكنه أن ينزلق إلى مواجهة أكبر إزاء تجمع الظروف الجديدة: ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية، وازدهار خلية “ارهابية” محلية على الارض، وحكومة يمينية واضحة سيتم تشكيلها في القريب في إسرائيل.

حوالى 30 إسرائيلياً وأكثر من 140 فلسطينياً قتلوا في العمليات وفي احداث عنف منذ بداية السنة، في الضفة وداخل الخط الأخضر. حتى الآن شاهدنا عمليات لـ “مخربين” منفردين وخلايا محلية والقليل من التنظيمات المُمأسسة اكثر، مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. من أجل اعتبار هذا انتفاضة مطلوب عامل آخر وهو مشاركة شعبية واسعة في الجانب الفلسطيني، التي حتى الآن هي غير موجودة. عرفت إسرائيل كيفية تجنب ذلك، أيضا لأنه في معظم الحالات حذّرت من فرض عقوبات جماعية في “المناطق”. إدخال القدس الى الصورة، بالأساس اذا اندمجت في عمليات “انتحارية”، يمكن أن يرجح الكفة في المستقبل. العائق الرئيسي امام هذه النتيجة يكمن في قدرة الاحباط العالية التي اظهرها “الشاباك” والجيش حتى الآن.

الحادثة الغريبة في جنين
في هذه الاثناء حدثت في الضفة حادثة غريبة، تبدو مثل سيناريو تم شطبه من الموسم القادم في سلسلة “فوضى”. اثنان من الشباب الدروز من الكرمل دخلا جنين وكانا طرفاً في حادث طرق. نُقل أحد المصابين في طائرة الى إسرائيل، لكن صديقه، تيران فرو (17 سنة)، بقي في وضع بالغ الصعوبة في مستشفى في جنين. حسب أقوال ابناء عائلته، الذين جاؤوا لمرافقته، فقد اقتحمت عصابة فلسطينية مسلحة المستشفى وفصلته بالقوة عن جهاز التنفس رغم احتجاج ابناء عائلته، وأخذت جثته.

في الليل جرت اتصالات حثيثة بين ممثلين من إسرائيل والسلطة والامم المتحدة من اجل اعادة الجثة، التي تم وضعها في سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر في الفجر، ولكن بعد ذلك جاء مسلحون مرة اخرى واختطفوها. والد وعم الفتى اتهما الفلسطينيين بقتله في المستشفى. حتى الآن من غير الواضح للجيش الإسرائيلي اذا كان الفتى ما زال على قيد الحياة عند وقوع الحادث (بن غفير الذي هو أقل دقة في استيضاح الحقائق سبق أن أعلن أن الحديث يدور عن قتيل في عملية).

تثير هذه القضية الغضب في اوساط الطائفة الدرزية في إسرائيل، وهناك طلبات للقيام بعملية. “حماس” هي التي بدأت بالاتجار بجثامين القتلى عندما رفضت إعادة رفات جثة جنديين للجيش الإسرائيلي قتلا في القطاع في عملية “الجرف الصامد”. ولكن ايضا انزلقت إسرائيل الى ذلك منذ زمن عندما خزنت لديها عشرات جثامين الفلسطينيين، الذين نفذوا عمليات أو شاركوا في أحداث، رغم أنه حسب رأي كل الجهات الأمنية فانه لا يوجد من ذلك أي فائدة.

تمثل الحادثة مرة اخرى ضعف السلطة في جنين، التي تسيطر عليها بالفعل مجموعات مسلحة. ولكن اذا لم يكن هنا أي حل سريع للتنكيل بعائلة الفتى فيتوقع أن نرى تصعيداً آخر في شمال الضفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى