هآرتس: عفو لنتنياهو سيكون عملية تحايل فاسدة وهدية للارهاب

هآرتس 1/12/2025، غيدي فايس: عفو لنتنياهو سيكون عملية تحايل فاسدة وهدية للارهاب
هذه هي اكثر الأيام صعوبة التي عرفها المتهم رقم واحد منذ بدأت محاكمة ملفات الآلاف. الجلسات في الأسابيع الأخيرة التي استكمل فيها التحقيق المضاد في الملف ألف، وبدأ التحقيق فيها المضاد في الملف 4 آلاف، ورطته في شبكة مليئة بالاكاذيب والتناقضات. كل من يقرأ النصوص من المحكمة ويعرف الدلائل في الملفات يدرك الان أنه لا توجد أي قوة يمكنها انقاذ بنيامين نتنياهو من الإدانة، على الأقل في عدد من الجرائم المنسوبة له. وحتى ليس تشكيلة القضاة الرحيمين والشفوقين الذين يناقشون قضيته.
في طلب العفو الذي قدمه نتنياهو لرئيس الدولة اسحق هرتسوغ لا يوجد ذكر لذلك. الوثيقة التي وقع عليها عميت حداد هي كما يبدو طلب العفو الأكثر وقاحة في تاريخ مؤسسة الرئاسة. نتنياهو لا يأخذ على عاتقه أي قدر ضئيل من المسؤولية عن افعاله، ولا يعتذر، وغير مستعد لدفع أي ثمن مقابل بادرة حسن النية المامولة. الطلب يشير الى منظومة انفاذ القانون كمنظومة مجرمة، والمتهم كضحية لها. “التحقيقات الجنائية بشان رئيس الحكومة رافقها سلوك استثنائي، مخالف للقانون، من قبل سلطات انفاذ القانون”، كتب في الطلب.
الشخص الذي فكك بصورة منهجية المجتمع الإسرائيلي الى درجة ايصاله الى حرب أهلية باردة، والذي جلب على الإسرائيليين 7 أكتوبر – لا نريد التحدث عن الاتهامات الموجهة اليه – يوصف كمن انقذ إسرائيل من اعدائها. احد العناوين الثانوية في الطلب هو “الاسهام العام العظيم لرئيس الحكومة لدولة إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي”. حسب رأيه فان الدولة هي التي كان يجب عليها طلب العفو من الرئيس. وليس عبثا يتم ذكر في طلب العفو الذي أعطاه الرئيس الأمريكي جيرالد فورد لسلفه ريتشارد نيكسون، الذي “رفض بصورة واضحة الاعتراف بكل تهمة من جانبه”؛ وليس عبثا انه لم تتم الإشارة فيه الى ان نيكسون استقال من الرئاسة بسبب تورطه في قضية “ووتر غيت”.
لا يوجد لنتنياهو أي نية للتصرف مثله. العفو، كما يشرح، مطلوب من اجل ان يستطيع “تكريس كل وقته وامكانياته وقوته للدفع قدما بدولة إسرائيل في هذه الأوقات الحاسمة”، وان “العفو سيمكن من رأب الصدوع بين اقسام الشعب المختلفة”. مؤسس آلة السم المفترسة، التي سحقت ونغصت حياة المحققين والشهود والقضاة والمراسلين الذين اعتبرتهم تهديد، يعمل الآن على رأب الصدوع التي أحدثها هو نفسه. أيضا هو يخطط لـ “التعامل مع قضايا أخرى مثل منظومة العدالة والاعلام” – أي العودة الى مسرح الجريمة التي نتج عنها آلاف القضايا. العفو سيكون اكبر هدية للشخص الذي شن إرهاب مستمر ضد من اعتبرهم المسؤولين عن محاكمته. ان الرسالة الموجهة للمتهمين أصحاب الامتيازات – قوموا باقتحام مؤسسات الدولة بلا رحمة، والهرب من تهديد العدالة – هذه الرسالة سيدوي صداها لسنوات قادمة.
نتنياهو يعرف انه في مقر الرئيس يجلس شخص انتظر بفارغ الصبر هذا الطلب. في الواقع كل تسلسل الاحداث – بدءا بالضغط الذي استخدمه وزراء الليكود على الرئيس ومرورا بطلب ترامب وتلميح هرتسوغ (“المحاكمة تثقل على المجتمع الإسرائيلي”) وانتهاء بالطلب الرسمي – تنبعث منه رائحة ثقيلة من التنسيق. صحيفة “هآرتس” كشفت مؤخرا ان هرتسوغ عمل على العفو قبل انتخابه لهذا المنصب. الرئيس قام بنفي ذلك، ولكنه للأسف لا يقول الحقيقة. لقد ايد الفكرة بشدة عندما كان زعيم المعارضة، (ثم كرئيس الوكالة اليهودية)، بل وقام بمناقشتها مع سلفه رؤوبين ريفلين. في العام 2019 عندما قال بني غانتس انه لا يستبعد العفو عن نتنياهو اذا اعتزل الحياة العامة، فرح هرتسوغ، وقال لاحد اتباعه: “ممتاز، تصريح مهم جدا”. هو يدعي بشدة بانه لم يكن أي اتفاق بينه وبين رئيس الوزراء بشان دعم ترشحه مقابل العفو. البعض يتذكره عشية الانتخابات الرئاسية وهو يكرر عبارة “اعرف كيف احل الاسرار المعقدة”، وهذه رسالة وصلت الى مؤيدي نتنياهو. شخص يعرف رئيس الوزراء جيدا يقول: “ربما كان يعرف عن موقف هرتسوغ من العفو، وانه كان المرشح الأمثل لمنحه إياه – شخص من المعسكر السياسي المعارض وكان يتنافس معه على رئاسة الوزراء”.
أيضا على فرض انه لم تكن هناك صفقة صريحة بينه وبين نتنياهو، فان سلوك هرتسوغ الغريب في هذه العملية يثير الشك الجدي حول حكمه على القضية. ومثلما كشفت صحيفة “هآرتس” فانه بينما كان التحقيق جار قام بزيارة الشاهدة الرئيسية هداس كلاين وطلب منها وضع الهواتف جانبا، وقدم لها رواية المشتبه فيه في القضية ألف. وقد قالت كلاين عن هذا الموقف: “جاء ليعبث برأسي”. كان من المفروض التحقيق معه، وبالتأكيد كان عليه الابتعاد عن أي انشغال في هذا الامر. كان عليه على الأقل ان يرد على نتنياهو على الفور: “أنا لست العنوان، وبالتاكيد ليس الآن. ارسل محامي دفاعك الى النائب العام من اجل التوصل الى اتفاق إقرار بالذنب، وعندها ستفتح امامك طريق طلب العفو. ولكن في إسرائيل 2025، لم يعد هناك أي شيء يتم اخذه على محمل الجد، والآن الكرة في ملعب الرئيس”.
في حينه تعهد هرتسوغ لرجال قانون كبار، من بينهم رئيس المحكمة العليا السابق اهارون براك، بانه لن يقوم بخطوة استثنائية جدا خلافا لموقف غالي بهراف ميارا، وان العفو سيكون مقرون بنزول نتنياهو عن المنصة. في المقابل، الطريقة التي عمل فيها منذ انطلاق الانقلاب النظامي أوضح بانه مستعد للذهاب بعيدا من اجل نتنياهو وشركائه. الى أي درجة هذا البعد؟ هذا سيتبين في الفترة القريبة القادمة.



