ترجمات عبرية

هآرتس: عبث في قطاع غزة

هآرتس 26/9/2025، اسحق بريك: عبث في قطاع غزة

منذ فترة طويلة والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي يظهر في وسائل الاعلام ويقول (بالأساس عندما توجد لدينا إصابات) ان الجيش الإسرائيلي دمر القدرة العسكرية لحماس وكتائبها والويتها، وان المشكلة الوحيدة التي بقيت هي عمليات حرب العصابات التي تقوم فيها هذه المنظمة: مقاتلوها في الانفاق يخرجون منها لزرع العبوات واطلاق النار من بنادق قنص واستخدام قذائف مضادة للدروع، وبعد ذلك يعودون الى الانفاق لانهم يخافون من مواجهة جنود الجيش الاسرائيلي وجها لوجه.

لا يوجد ما هو اكثر سخافة من ذلك. هذا ببساطة ذر للرماد في عيون الجمهور الذي هدفه الحصول على الشرعية لمواصلة الحرب وخلق صورة إيجابية للجيش الإسرائيلي. في السنتين الأخيرتين، منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم، الجيش الإسرائيلي لم يحارب جيش في غزة، بل منظمة تستخدم حرب العصابات، لانه لا يوجد لحماس جيش ولم يكن لها جيش. كتائبها والويتها، التي يقول عنها المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بأنها دمرت، ومعها دمرت القوة العسكرية لحماس، هي وهم لا توجد فيه أي ذرة حقيقة. هذه “الكتائب” و”الالوية” هي بالاجمال منشآت يجلس فيها قادة حماس في الوضع الروتيني ومنها اداروا النشاطات الجارية. ولكن في اللحظة التي يتعرضون فيها للخطر من جانب إسرائيل فان كل القيادة العليا تدخل الى الانفاق وتدير جنودها بطريقة حرب العصابات.

في الواقع القادة الكبار في حماس قتلوا، لكن جميعهم لهم بدائل، وموتهم لم يؤثر على نشاطات حماس كتنظيم عصابات. أيضا منشآت حماس التي دمرها الجيش الإسرائيلي التي جلس فيها قادتها، تم اخلاءها قبل مهاجمتها من قبل الجيش الإسرائيلي. هكذا فان الجيش يدمر منشآت فارغة. كل الأطر القيادية والمقاتلة في حماس تعمل كعصابات تحت الأرض، وفي سنتي الحرب الجيش الإسرائيلي لم ينجح في ان يضعف بشكل كبير قتالهم ضده. حماس الى عادت الى حجمها الذي كان قبل الحرب.

معظم انفاق حماس بقيت سليمة، وتسمح لرجالها بالحركة بشكل حر على طول وعرض القطاع. إضافة الى ذلك مخازن حماس الموجودة تحت الأرض مليئة بالغذاء والوقود وهي يمكنها مواصلة القتال لفترة طويلة قادمة.

بسبب ذلك فانه فقط مؤخرا قتل جنود تحركوا في محور فيلادلفيا في رفح بعد ان صعدت سيارتهم فوق عبوة ناسفة وانفجرت؛ أربعة جنود قتلوا على الفور وأصيب بعضهم إصابة بليغة. هذا حدث في منطقة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي منذ أربعة اشهر فوق الأرض. وهذا أيضا السبب في ان القوة سافرت في سيارة غير مصفحة. وهنا تبين ان حماس تواصل العمل من تحت الأرض في كل ارجاء القطاع: رفح، خانيونس، مدينة غزة، جباليا وكل المناطق الأخرى. من المضحك سماع قادة في الجيش الإسرائيلي يقولون ان حماس تخاف من ان تقاتل جنود الجيش الإسرائيلي وجها لوجه. في حرب العصابات لا توجد أي مصلحة في القتال وجها لوجه مع جيش منظم، بل لدغه في كل مكان ممكن. هذه التصريحات تدل على الجهل السائد في أوساط قادة وجنود الجيش الإسرائيلي بخصوص طبيعة حرب العصابات.

لكن المشاكل الأساسية للجيش الإسرائيلي هي:

الأولى هي النقص الكبير في المقاتلين. هذا في اعقاب تقليص شديد في جيش البر في العشرين سنة الأخيرة، وكذلك بسبب عشرات آلاف المصابين في أوساط قواتنا في السنتين الأخيرتين، الذين لا يوجد لهم بدائل.

الثانية هي ان الجيش الإسرائيلي لم يستعد لاحتمالية حرب في غزة بسبب تصور خاطيء يقول بان حماس غير معنية بالقتال، بل هي تريد الحفاظ على الهدوء وتطوير القطاع من اجل السكان. لذلك، لم يطوروا في الجيش الإسرائيلي وسائل خاصة لتدمير مئات الكيلومترات من الانفاق التي بنتها حماس بالاموال القطرية بواسطة إسرائيل. أيضا لم يتم تشكيل قوة مهنية لتدمير الانفاق، التي كان يجب ان تكون اكبر بعشرات الاضعاف مما هو الآن للجيش الإسرائيلي.

لهذه الأسباب ولاسباب أخرى كثيرة لم نتقدم بشكل جيد نحو هزيمة حماس وتحرير المخطوفين عن طريق الضغط العسكري. واذا واصل الجيش الإسرائيلي في هذه الظروف احتلال مدينة غزة فانه ينتظرنا المزيد من المصابين ووضعنا سيسوء اكثر. هناك خطر حقيقي وهو ان التآكل الكبير في الجيش الإسرائيلي، في القوة البشرية المقاتلة وصلاحية الوسائل القتالية، سيسرع عملية التفكك الى درجة عدم القدرة على إعطاء رد بالحد الأدنى على طول حدود إسرائيل في الضفة الغربية، وبالتاكيد في قطاع غزة. الآن ما زال يمكن التوصل الى اتفاق مع حماس، ولكن كلما مر الوقت فان حماس والدول العربية المعادية لإسرائيل بدأت تلاحظ ضعف الجيش الإسرائيلي في غزة، ربما بعد فترة معينة هم لن يرغبوا في التوصل الى اتفاق معنا، من خلال الاعتقاد بان الجيش الإسرائيلي يتوقع ان يفقد قدرته وان الزمن يعمل لصالحهم.

من ما زال حتى الآن لا يدرك وضعنا يجب عليه معرفة ان هذه الحكومة تقودنا الى كارثة فظيعة. فقط وقف القتال واتفاق على تحرير المخطوفين وإعادة تاهيل الجيش والدولة وعلاقاتنا مع العالم، يمكنها منع ذلك.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى