هآرتس – عاموس هرئيل – قد تفقد الحكومة السيطرة في ازمة النقب
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 13/1/2022
” اعمال الشغب في النقب يمكن أن تتحول الى الخطر الامني الاشد منذ العنف الذي اندلع في المدن المختلطة اثناء عملية حارس الاسوار. واذا لم يتم التوصل الى تسوية للمدى الطويل فان زيارة اعضاء الكنيست من الليكود في المكان يمكن أن تظهر مثل زيارة شارون في الحرم عشية اندلاع الانتفاضة الثانية “.
اعمال الشغب العنيفة التي اندلعت في النقب مؤخرا تعكس اندماج خطير بين ازمة سياسية شديدة وبين تهديد امني داخلي. كالعادة دعاية سامة من اليمين، من عضو الكنيست ايتمار بن غبير وحتى، للاسف الشديد، رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، تصب الزيت على النار. أمس طوال اليوم جرت محاولات للتوصل الى تسوية واطفاء الحريق. ولكن اذا لم تستيقظ الحكومة بسرعة فهي يمكن أن تجد نفسها امام الخطر الامني الاخطر الذي سجل في اسرائيل منذ العنف الذي جرى في المدن المختلطة اثناء عملية “حارس الاسوار”.
الاجواء في اوساط البدو في النقب تسخن بالتدريج منذ بضعة اسابيع، بالاساس على خلفية الخوف من استئناف هدم البيوت. أول أمس العنف قفز درجة، حول قضية التشجير. الكيرن كييمت تستخدم التشجير بمصادقة الدولة من اجل ابعاد السكان البدو عن السيطرة على اراضي دولة وتحويلها الى اراضي زراعية. الارض المتنازع عليها في هذه المرة توجد في منطقة تعيش فيها عائلة الاطرش بين عراد وديمونة.
توجد هنا مواجهة رمزية يرافقها صراع عملي على تحديد المنطقة الجغرافية والسيطرة عليها. مستوى العنف مرتفع نسبيا. أول أمس تم وضع حجارة على سكة الحديد في محاولة لحرف قطار مسافر وتم احراق سيارة مراسل “هآرتس” ناتي ييفت. بسبب خطورة الاحداث وخلفيتها الامنية فان الشباك تدخل بصورة استثنائية في التحقيقات في هذه الاحداث. في جهاز الامن يعتقدون أنه في المواجهة هناك دافع قومي واضح، رغم أن عدد من المتورطين في العنف هم من البدو الخارجين على القانون. افلام فيديو قصيرة تنشر في الشبكات الاجتماعية، بالاساس في تيك توك، تشعل التوتر.
العنف يقترن بالعاصفة السياسية. المواجهات حول التشجير ليست جديدة في النقب، لكن للمرة الاولى يحدث هذا الامر في الوقت الذي يوجد فيه حزب عربي عضو رئيسي في الائتلاف. نحو 40 في المئة من اصوات راعم في الانتخابات الاخيرة جاءت من البدو في النقب، والامر الاخير الذي يريد فعله رئيس الحزب، عضو الكنيست منصور عباس، هو أن يجعل ناخبيه الشعور بأنه تم تركهم. شخص كبير في الحركة الاسلامية قال لي في شهر حزيران الماضي بأن الشر يبدأ من الجنوب. التهديد الاكبر على استقرار الحكومة يوجد في النقب، حول استمرار هدم البيوت في القطاع البدوي، قال هذا الشخص.
عباس نفسه حذر في الاسبوع الماضي من أن قضية التشجير بصورة محددة يمكن أن تضعضع الائتلاف. أول أمس، في “اخبار 12” اقتبس عنه الصحافي عميت سيغل قوله: “راعم سيوقف التصويت مع الحكومة. لقد تلقيت في السابق ضربات شديدة، لكن عندما يطلقون النار مباشرة على صدري أنا لا يمكنني الصمود. النقب هو راعم. أنا اطالب بوقف التشجير والدخول في عملية تسوية”. وعلى العملية التاريخية لعباس، الانضمام للحكومة، توضع الآن علامة استفهام. أمس نشر أنه بوساطة الوزير مئير كوهين، المسؤول عن الاستيطان البدوي في النقب، ستبدأ اليوم مفاوضات حول استمرار سياسة التشجير على أمل التوصل الى خطة متفق عليها قبل موعد استئنافها.
عامل فوضى
الحكومة تواجه في النقب حركة كماشة من خصومها. القائمة المشتركة تطوق عباس وراعم من اليسار وتطالب بحماية البدو، والليكود يطوق رئيس الحكومة نفتالي بينيت من اليمين ويطالب بمواصلة التشجير وابداء الحزم تجاههم. ولكن هناك ثلاثة عوامل اخرى على الاقل تحرك بهذا الوعاء وهي الجناح الشمالي في الحركة الاسلامية الذي يختلف مع عباس، رجل الجناح الجنوبي (زعيم الجناح اليساري الشيخ رائد صلاح يوجد مؤخرا في النقب)؛ وحماس، التي تدعو مباشرة الى العنف؛ وعائلات اجرامية بدوية المعنية بأي عملية تحرف اهتمام الشرطة عن ملاحقتهم.
ليس فقط عضو الكنيست بن غبير (الصهيونية الدينية) ومن يشعلون الحرائق التابعين له هم الذين يلعبون بالنار، بل ايضا حزب المعارضة الرئيسي (الليكود). أول أمس ذهب عضو الكنيست من هذه القائمة الى النقب من اجل حضور احتفال غرس خاص بها، الذي كل هدفه كان الحفاظ على التوتر. بعد ذلك نشرت مراسلات في الواتس اب بين اعضاء الكنيست فيها عبروا عن تحمسهم من الصدى الاعلامي الذي اثاروه. نتنياهو، بصورة غير مفاجئة، لم يكلف نفسه عناء الذهاب الى المنطقة، لكنه يعمل الآن بصورة اكثر شدة كوكيل للفوضى. هذه الامور تبرز في تعامله مع ازمة الكورونا الآخذة في الاشتداد، التشكيك بصحة الفحوصات ومغازلة احد رافضي التطعيم، ولكن ايضا في جهوده لاذكاء التوتر في النقب. اذا تعمقت الازمة في النقب، زيارة اعضاء الكنيست ستظهر مثل زيارة اريئيل شارون في الحرم عشية اندلاع الانتفاضة الثانية.
أمس، على خلفية الصور من اعمال الشغب العنيفة، يبدو أن هناك عدم تنسيق فريد بين بينيت ووزير الخارجية يئير لبيد الذي طلب ايجاد تسوية لوقف التشجير. بينيت، المقيد ببقايا صورته كرجل يمين، متردد أكثر. ولكن على كفة الميزان يوجد الاستقرار النسبي لحكومته، لذلك يبدو أنه ليس له الكثير من الخيارات. رئيس الحكومة سيجد صعوبة في اداء عمله في وضع شرخ علني مع رئيس راعم. لذلك، تبذل الآن جهود لوقف التشجير وتسوية الامر بواسطة اتفاق للمدى الطويل. طالما لم يحدث هذا بصورة قاطعة فاننا امام ازمة تتشكل.