ترجمات عبرية

هآرتس: عاش المسيحيون واليهود معًا في حيفا منذ سنوات، والحريديون يهددون التعايش 

هآرتس 4-8-2023، بقلم عيدي حشمونائي: عاش المسيحيون واليهود معًا في حيفا منذ سنوات، والحريديون يهددون التعايش 

عندما وصل الحريديون، الأسبوع الماضي، في جنح الظلام، كان الشبان المسيحيون مستعدين. لقد أمضوا الليلة في ساحة دير ستيلا ماريس الموجود في حيفا في انتظار قدوم الزوار غير المدعوين، بعد أسابيع طويلة من الإزعاجات المتكررة. ولكن الحريديين الذين وصلوا إلى المكان بالباصات – حسب أقوالهم من أجل الصلاة – لم يتراجعوا، حتى عندما تقدم الراهب نحوهم وهو يلوح بصليب كبير. سرعان ما تطورت مواجهات في المكان. استدعيت الشرطة للمرة الثانية في الأسبوع ذاته، وأُغلق الشارع المؤدي للكنيسة.

بدأ الحريديون بالوصول إلى ستيلا ماريس قبل عدة شهور. في البداية، كان هؤلاء حريديين أفراداً، واحداً أو اثنين. كانوا يصلون بالقرب من حائط المبنى ويغادرون. في أيار، تم تجاوز الخط: دخل اثنان من الحريديين إلى الكنيسة، ووقفا بالقرب من مدخل المغارة الموجودة داخل الكنيسة – قدس أقداس المكان. توجه أحد الكهنة إليهما من اجل استيضاح سبب زيارتهما، أجاباه بأنهما قررا الصلاة قريبا من قبر النبي اليسع، والذي حسب ادعائهما موجود هناك. الأسبوع الماضي، وصلت حافلة فيها عشرات المصلين. حسب أقوال شخصيات رفيعة من الكنيسة ونشطاء من الطائفة المسيحية في حيفا فإنه ينتمي على الأقل عدد من الحريديين إلى المدرسة الدينية “عودوا أيها الأبناء” في القدس والتي يترأسها اليعيزر برلند.

مناحم مالكا، من اتباع برسلاف من القدس والمرتبط أيضا بالمدرسة الدينية “عودوا أيها الأبناء”، يعمل على بلورة مجموعات تحج إلى قبور الصديقين. في إطار نشاطه اعتاد مالكا إحضار مجموعات أيضا إلى ستيلا ماريس. “نحن اتباع برسلاف، اعتدنا على زيارة كل قبور الأولياء في البلاد وفي العالم” قال مالكا، “في كل مكان نصل إليه، نعرف كيف نحترم من يسيطرون على المكان”.

أيضا ادعى مالكا أن كل ما يريده الاتباع هو الصلاة بالقرب من قبر اليسع. “حتى انه لا يوجد لدينا مطالبة بالدخول إلى الدير، حسب الشريعة هذا محظور علينا”، وأضاف، “للأسف في الشهور الأخيرة نواجه بعنف فظيع من قبل عشرات الشبان، دون أي إدانة. نأمل في أن يوضع حد لهذا الأمر، ويمكن لكل أبناء الأديان القدوم والصلاة في هذا المكان المقدس”.

قبل حوالي شهر، اعتقل مسيحي بتهمة الاعتداء، بعد أن صور وهو يضرب حريديا جاء إلى الكنيسة. هدف الاعتداء هو يشاي حزان، الذي أُجريت معه مقابلة فيما يتعلق بالحادث في القناة 14 وأوضح أيضا انه جاء ليصلي قرب قبر النبي اليسع. على سؤال هل يدور الحديث عن نوع احتجاج منظم أجاب، “هذا مثلما يأتون إلى قبر احد الأولياء”. في مقابلة أعطاها قبل ثلاث سنوات لموقع “أخبار الهيكل” قال حزان، إنه يحاول أن يحج إلى جبل الهيكل (الأقصى) كل يوم، وان أهدافه “هي احتلال هذا المكان، وبالطبع لا نكتفي بهذا. نحن ذاهبون حتى النهاية، إلى أن يتم بناء الهيكل، وليس اقل من هذا”.

ولكن المحامي رجا جمال، المستشار القانوني للرهبان الكرمليين الحفاة في حيفا وفي البلاد، قال للصحيفة، إنه ليس صحيحا تسمية الحريديين “مصلين” هم يأتون للاستفزاز، ادعى المحامي جمال، “هؤلاء المشاغبون، الذين يدوسون على الحقوق، يأتون عنوة من اجل أن يهينوا ويتخفوا بالناس. مؤخرا، جاء خمسون منهم أثناء القداس الرئيسي يوم السبت، والذي تم بثه في كل أوساط الرهبان الكرمليين في العالم”.

الأب جان جوزيف برجارا، رئيس الدير وممثل الأب رئيس الرهبان الكرمليين الحفاة العالمي، أضاف، “عمل هؤلاء الاستفزازيين هو عمل تعصبي وعنيف. هم يقفون ضد مجتمع ديمقراطي وتعددي، وهنا يطرح السؤال على الجمهور الواسع: أين تقفون؟ يجب أن نجتمع معا وندافع عن الديمقراطية من التعصب العنيف”.

هذا الأسبوع، وبعد مئات السنين التي كانت فيها كنيسة ستيلا مارس حرة تقرر تسييج هذا الموقع. آباء الدير اتخذوا هذا القرار لعدم وجود خيار آخر؛ في الثقافة المسيحية الكرملية يرمز هذا المكان إلى بوابة الأرض المقدسة والتي فيها يجب على المصلين أن يمروا. “لقد تقرر إقامة الجدار من اجل المحافظة على سلامة المؤمنين، المصلين، الضيوف ورهبان الدير” أوضح المحامي جمال وأضاف، “يرمز التسييج إلى سلطتهم وأحقية الكرمليين في المكان”.

“يقول وزير الأمن الوطني، انه يريد نظاما وأنا اسأله أين هو النظام؟”، قال للصحيفة الدكتور يوسف متى، رئيس أساقفة الكنيسة اليونانية الكاثوليكية في حيفا وعكا والناصرة والجليل. “أريد من سلطات الدولة أن تتحمل المسؤولية لأن هذا الاشتعال يعرض للخطر ليس فقط المسيحيين بل كل دولة إسرائيل”.

في الشهور الأخيرة، بدأت يسكا هيرني، وهي باحثة في الطوائف المسيحية في إسرائيل، بتلقي المزيد من الشكاوى من المسيحيين والكنائس التي تعرضت إلى تطاول وتنمر أو من تمييز على خلفية دينية. توجه إليها أيضا أشخاص كانوا شهودا على أحداث من هذا النوع. الأحداث التي قفز عددها بالمقارنة مع سنوات سابقة تضمنت البصاق على مسيحيين، وإلقاء قاذورات على مؤسسات دينية وعمليات تخريب. على ضوء الارتفاع الكبير في عدد الأحداث قررت هيرني فتح خط ساخن، فيه يمكن التبليغ عنها. من بداية شهر تموز وحتى منتصفه كان هناك 17 شكوى – معظمها من منطقة القدس. “تقريبا في كل يوم نتلقى تقارير، وأحولها أيضا للشرطة وكذلك للفاتيكان” قالت هيرني.

هيرني ليست هي الوحيدة التي لاحظت هذا التوجه: أيضا في المجلة الإلكترونية للفاتيكان “لاؤوزيرفاتور رومانو”، كتب في الأسبوع الماضي، انه “في الشهور الأخيرة تزايدت أعمال التخويف، والتهديدات العنيفة تجاه المسيحيين في الأراضي المقدسة، لا سيما في ارض إسرائيل”. في هذه المجلة تطرقوا أيضا إلى “متطرفين يهود” حاولوا “احتلال عدد من الكنائس في مدينة حيفا”.

تقدر هيرني بأنه لاندلاعة العنف هذه والتي تضم الأحداث في ستيلا ماريس يوجد علاقة بالحكومة التي تصنع مناخا حسب أقوالها يسمح بذلك. “منذ تشكيل حكومة اليمين الحالية أصبحت هذه الأحداث اكثر تواترا وعلانية”، أوضحت.

الدكتور اريئيل سيمونسون، رئيس دفيئة بحث الأديان في جامعة حيفا، يشاركها في رأيها، “اعتقد أن هؤلاء الحريديين يعتقدون انه لربما أن هذا هو الوقت المناسب لتنفيذ ما أرادوا تنفيذه في الماضي”، قال وأضاف، “يوجد مناخ سياسي يعطي شعورا بأنه، الآن، هذا ممكن وانهم الآن اكثر تحريضا”.

من وزارة الخارجية وردنا أن، “وزير الخارجية، إيلي كوهين، التقى قبل عدة أسابيع وزير خارجية الفاتيكان، رئيس الاسقف بول جراجر، وخلال اللقاء أدان بشدة كل عنف ضد المسيحيين في القدس. من وزارة الداخلية وردنا، “بشكل عام، المسؤولية عن معالجة حالات العنف عموما ومن بينها تلك التي على أساس ديني هي مسؤولية الشرطة. مع ذلك وعلى ضوء الوضع، فإن قسم الطوائف الدينية في وزارة الداخلية يعمل بصورة مستمرة لصالح التسامح بين الطوائف في إسرائيل، ويواصل نشاطه أيضا في حيفا”.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى