ترجمات عبرية

هآرتس: طريق الاصلاح: الموافقة على مبادرة ترامب، الاعتراف بالنكبة ودمج العرب في الحكومة

هآرتس 6/11/2025، أوري عراد وامير هسكل: طريق الاصلاح: الموافقة على مبادرة ترامب، الاعتراف بالنكبة ودمج العرب في الحكومة

 في مثل هذا الأسبوع قبل ثلاثين سنة قتل اسحق رابين. لم يكن بالإمكان عدم ملاحظة ان جميع الخطابات في مسيرة احياء ذكرى قتله استخدمت كلمة سلام، وأنه في كل مرة ذكرت هذه الكلمة الجمهور رد بالهتافات. يوجد للكلمات قوة كبيرة. هي تعبر عن الوعي وقادرة على تشكيله. في الستينيات والسبعينيات تربينا على كلمة سلام. وقد ظهرت في الخطاب السياسي، التعليم والثقافة. الأغاني التي تربينا عليها – “غدا” لناعومي شيمر، “عندما يحل السلام” لثلاثي جسر اليركون وغيرها – عبرت عن تطلعات كانت موجودة لدى الجميع في إسرائيل. عندما كان يسأل الناس عن حلمهم، كان الجواب شبه الدائم هو السلام. السلام كان يمثل الطموح والوعي العام لم يسمح للسياسيين بتجاهله.

 نشوة القوة في اعقاب النصر الباهر في 1967 اطفأت الرغبة في السلام. ولكن في 1969 ولدت “اغنية للسلام”، التي لم تعبر عن الامل فقط، بل دعت أيضا الى العمل: “لا تقل ان اليوم سيأتي، بل احضروا ذلك اليوم”. بعد ثلاث سنوات دفعت إسرائيل ثمنا باهظا بالدم بسبب تجاهل حكومة غولدا مئير لاشارات السادات.

 لكن الصدمة من حرب يوم الغفران والتطلع الى السلام تمت ترجمتها الى فعل سياسي: في 1978 وقعت حكومة اليمين برئاسة مناحيم بيغن على اتفاق سلام تاريخي مع مصر. باستعداده للتنازل عن كل شبه جزيرة سيناء، اظهر بيغن قدرة على القيادة وشجاعة واعتراف بضرورة السلام من اجل الازدهار وأمن إسرائيل. اسحق رابين وشمعون بيرس واصلا ذلك عندما وقعا على اتفاق أوسلو وعلى اتفاق السلام مع الأردن، الذي هو نتيجة مباشرة للاعتراف بالفلسطينيين.

 قتل رابين كان نقطة حاسمة. فمعه قتل في الميدان الأمل بالسلام. نتنياهو في الواقع اعلن عن سعيه للسلام، لكن عمليا، خلال سنوات حكمه، فوت كل فرصة للتوصل الى اتفاق، وقوى حماس واضعف السلطة الفلسطينية. هذا مكنه من تجنب اجراء المفاوضات من اجل تسوية سياسية وشرعنة السلام. مع مرور الوقت اختفى السلام من الخطاب العام وتحول الى خيال سخيف لاقلية “يسارية”. إسرائيل تعززت عسكريا واقتصاديا، لكنها عانت من الغطرسة.

 هزيمة نتنياهو في 1999 فتحت في الواقع نافذة فرص، لكن فشل اهود باراك والانتفاضة الثانية فقط زادت الازمة. أيضا مبادرة الانفصال لاريئيل شارون واتصالات اهود أولمرت مع محمود عباس فشلت. وعندما عاد نتنياهو الى مكتب رئيس الحكومة انتهت جهود السلام. إسرائيل عمقت الاحتلال ووسعت مشروع الاستيطان ورفضت كليا أي مبادرة سياسية. الفلسطينيون قاموا بدورهم في مسيرة الحماقة وزادوا الإرهاب وتولدت لدينا دائرة من جولات العنف المتكررة.

 الاحتلال هو جذر مشاكل إسرائيل. السيطرة المتواصلة على شعب آخر افسدت المجتمع الإسرائيلي أخلاقيا، واضرت بسيادة القانون وكرست موارد ضخمة لصالح المستوطنات. ان استمرار الاحتلال هو الدافع الرئيسي لاحزاب اليمين المتطرفة لدعم الانقلاب النظامي. هي تدرك انه لا يمكن تجسيد حلم “ارض إسرائيل الكاملة” في ظل النظام الديمقراطي.

 في موازاة ذلك التطرف الديني في المجتمع الفلسطيني، الذي ساهم في تعزيز قوة حماس (بدعم نتنياهو أيضا)، رافقه تطرف ديني في إسرائيل. لقد نشأت هنا صورة مشابهة للتطرف الديني الذي تاثيره المدمر آخذ في الازدياد. وبعد ذلك جاءت مذبحة 7 أكتوبر، التي أدت الى فقدان الثقة بشكل مطلق، وتحرك الرأي العام نحو اليمين ومشاعر الغضب والانتقام. الحرب التي بدات كحرب مبررة تحولت الى حرب انتقام، التي استمرت لسنتين لاسباب سياسية وشخصية.

 هذه المشاعر مفهومة، لكن المشاعر هي بوصلة سيئة للسياسة. بالتحديد الان، بعد الحرب وثمنها الفظيع الذي دفعه الشعبين، فانه من الواضح لنا ان السلام فقط هو الذي يجلب الامن. وللحقيقة، في 7 أكتوبر، إضافة الى تحطم الثقة بالسلام، تحطمت أيضا الرؤية التي تقول يمكن “إدارة” الصراع. مواجهات عسكرية بدون حل سياسي فقط تبشر بالحرب القادمة، التي ثمنها يمكن ان يكون اعلى.

 ان خيبة الامل من وهم إدارة الصراع تضع إسرائيل في موقف يجبرها على اختيار واحد من خيارين: الديكتاتورية والحرب الدائمة أو الديمقراطية الليبرالية والعمل على انهاء الصراع. حسب رأينا الخيار واضح: يجب ترسيخ السلام كهدف وطني سامي، ليس شعار، بل هدف استراتيجي وضرورة وجودية.

 نحن لسنا ساذجين، السلام لن يتحقق في الغد. ولكن لا يمكننا الاستمرار في تجاهل الواقع. بين البحر والنهر يعيش شعبان، كلاهما لديه تطلعات وطنية، ولن يختفي أي واحد منهما. الطريقة الوحيدة لإنقاذ الشعبين من دوامة المعاناة وسفك الدماء هي تسوية تاريخية – مؤلمة ولكنها حيوية. ومن اجل تحقيق ذلك يجب ان يكون السلام محور التفكير والعمل السياسي، وباستثناء ذلك فان إسرائيل ستصبح ديكتاتورية، ونحن سنواصل التمرغ في الدماء.

 من اجل توحيد المجتمع الإسرائيلي خلف السلام كهدف استراتيجي فانه من الضروري وجود قيادة شجاعة تقود الشعب ولا تنجر وراءه. نحن بحاجة الى زعماء يسألون انفسهم كل يوم حول ما فعلوه لتقريب السلام، زعماء مثل بيغن، السادات، رابين وبيرس، الذين خلافا للزعامة الحالية عملوا على تغيير سير التاريخ وتشكيل واقع جديد لشعوبهم.

 امام إسرائيل تقف فرصة على شاكلة مبادرة ترامب للسلام الإقليمي. وزعامة شجاعة يجب عليها تبني هذه المبادرة، والمبادرة الى خطوات تبني الثقة في الطريق الى تحقيق السلام. الخطوة الأولى هي تصريح صادق من إسرائيل عن استعدادها لاجراء المفاوضات بهدف التوصل الى حل النزاع. الخطوة الثانية هي الاعتراف بالنكبة الفلسطينية، ليس من خلال الشعور بالذنب، بل من خلال المسؤولية الأخلاقية. نحن لا نتجاهل مسؤولية الفلسطينيين عن رفض خطة التقسيم وتمسكهم بحلم العودة، لكن يجب الاعتراف بان إقامة الدولة كانت مقرونة بالصدامات والظلم، التي سببناها للشعب الفلسطيني. هذا الاعتراف لن يضعفنا، بل العكس، هو سيعزز قوة اخلاقنا ويعطي إشارة عن استعدادنا للمصالحة، ويعزز القوى المعتدلة في أوساط الفلسطينيين.

 الخطوة الثالثة هي الدمج الكامل للمجتمع العربي في إسرائيل في كل أجهزة الدولة، خاصة السلطة والحكومة. المواطنون العرب هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسرائيلي، وابعادهم والتحريض ضدهم، هو بالنسبة لنا خطأ استراتيجيا، هم يعبرون عن رغبتهم في مواصلة الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ويمكنهم ان يشكلوا جسر للسلام بين الشعبين.

 الهدف النهائي واضح: دولتان لشعبين – دولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جانب إسرائيل، والحرية لكل شعب بتحقيق تقرير مصيره. نحن نعتبر انفسنا صهاينة بالمعنى الأصلي للصهيونية، ونرفض الرؤية الراديكالية التي تعتبر الصهيونية حركة كولونيالية. نحن نعتقد انها حركة تحرر وطني شرعية، وان إقامة دولة يهودية تستند الى مبررات تاريخية واخلاقية راسخة. هكذا أيضا إقامة دولة فلسطينية الى جانبها.

 ستكون صعوبات كثيرة: معارضة، إرهاب، مواجهة الماضي المؤلم. كثيرون سيتشككون في ذلك وسيقولون ان السلام غير حقيقي. ولكن اذا كانت المانيا وفرنسا، رغم العداوة بينهما التي استمرت مئات السنين ووصلت الى الذروة في الحربين العالميتين، نجحتا في إقامة معا الاتحاد الأوروبي، واذا كانت بولندا وألمانيا بعد ان دمر القتل الفظيع عالميهما، نجحتا في إقامة علاقات جيرة وتعاون، فنحن أيضا نستطيع ذلك.

 لقد خدمنا عشرات السنين في سلاح الجو، ومرت علينا حروب وفقدان، نحن نؤمن بانه لا توجد طريق أخرى. السلام هو مصلحة إسرائيلية واضحة. وبغياب السلام فان إسرائيل ستقف امام تهديدات وجودية آخذة في الازدياد، وهناك شك في أن تتجاوزها. إسرائيل اثبتت انها قوية بما فيه الكفاية لتقاتل، لكن حان الوقت لأن تكون قوية بما فيه الكفاية لصنع السلام.

 السلام ليس هدية، والمصالحة ليست ضعف. السلام هو قرار – قرار شجاع اكثر من أي حرب. التنازل عن السلام يعني التنازل عن الامل. اذا واصلنا الاعتقاد بانه لا يوجد من نتحدث معه – فسنبقى لوحدنا، محاطين باسوار الكراهية والخوف. فهل هذه هي الدولة التي نريد توريثها لاولادنا؟.

 

“يجب أن تطلب السلام وتسعى اليه”، هذا هو الامر الأخلاقي، الأمني واليهودي. هذا طلب وجودي للدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى