ترجمات عبرية

هآرتس: شقة محترقة في اللد تتحوّل “نصباً تذكارياً” للعداء بين اليهود والعرب!

هآرتس 2022-08-16، بقلم: ران شمعوني

خُرّبت بوابة الدخول، وتوجد على العتبة بقايا صمغ وعلامات قطع سكين، وإلى جانبها فتحة كبيرة في الجدار، تم إغلاقها بصورة مرتجلة. كل ذلك يستقبل القادمين إلى الشقة. يشير هذا الرمز إلى ما سيأتي. وراء البوابة ينتظرنا فراغ مستطيل كبير يعلوه السخام. قبل سنة تقريباً كان يوجد هنا صالون ومطبخ، واحترقت الغرفتان الأخيرتان بصورة أكبر. على الأرضية توجد بقايا سوداء للوحل والملابس. الجدران مليئة بالكتابات، العبرية أو العربية، بجانب بعضها أو فوق بعضها. في حرب الكلمات هذه فإن الحرب في ذروتها. توجد في الشقة رقم 1 في شارع بن يهودا 54 في اللد ثلاث غرف مع مشهد أسود.

قبل أيار في السنة الماضية كان يعيش هنا زوجان يهوديان. ولكن في الاضطرابات التي حدثت أثناء عملية “حارس الأسوار”، والتي تفاقمت بشكل خاص في هذا الحي في اللد، حي “رمات أشكول”، تم إحراق الشقة. لم يكن أصحاب البيت فيه عند حدوث ذلك، ولم يتضرروا. هم أيضاً لم يعودوا إلى هنا منذ ذلك الحين، وقد انتقلوا إلى مدينة أخرى. ولكن بقيت الشقة على حالها بالضبط. من ناحية البؤرة التوراتية في المدينة، فإن هذا هو بالضبط ذروة قيمتها: أن تكون صخرة حية للعداء الذي كان في ذلك الوقت، والذي ما زال يغلي في هذا الحي اليهودي – العربي. إلى جانب علاقات الجيرة العادية أيضاً تحول الاعتداء وتخريب الممتلكات ونظرات العداء بين الجيران إلى روتين. ليس صدفة أن أدت أيام عملية “بزوغ الفجر” إلى ارتفاع نسبة التوتر في الحي. خاف الكثير من السكان فيه من التصعيد، وتم تعزيز قوات الشرطة طبقاً لذلك.

لكن النار تشتعل هنا طوال الوقت على لهب خافت بهذا القدر أو ذاك. ذكريات أيام عملية “حارس الأسوار” وكون الحي مصدر عنف لم يتوقف – تم إحراق بيوت وتخريب سيارات ورشقت حجارة وأطلقت النار (أصابت أيضاً) – لم تمح. العلاقات بين العرب واليهود، لا سيما أعضاء الصهيونية الدينية، لم يتم ترميمها، بل ازدادت سوءاً. فقط في الأسبوع الماضي تم تهشيم زجاج سيارة واقتلاع المازوزة عن الباب. مساهمة غير قليلة توفرها هذه الشقة المحروقة وما يحدث فيها. الآن هي محطة ثابتة في الجولات التي يقوم بها أعضاء النواة التوراتية في المدينة لمجموعات مختلفة من الزوار، نوع من النزهة في أعقاب الرواية اليهودية للد.

تحولت الشقة موقعاً للحج محل خلاف منذ الأيام التي أعقبت عملية “حارس الأسوار”. في البداية جاء أعضاء كنيست إلى المكان بمرافقة موظفي البلدية. ولكن سرعان ما تحولت إلى معرض مفتوح أمام الجميع كجزء من نزهة منظمة. “رويداً رويداً أدركنا أن هذا يترك انطباعاً كبيراً جداً وذكرى. تأثرت المجموعات التي جاءت جداً”، قال شاي زياد وهو معلم توراة وأحد سكان الحي، ويعمل مرشداً لهذه الجولات. “اقترح أحد الأصدقاء أن يتم تحويل هذه الشقة متحفاً. هذا أمر مفهوم”.

الشقة مدار الحديث توجد في مبنى تعيش فيه الآن أيضاً عائلات يهودية وعائلات عربية. “في المرحلة الأولى”، قال عيد أبو رقيق الذي يعيش في الطابق الأول قرب الشقة المحروقة: “لم تكن الجولات تزعجنا، حتى عندما تحولت إلى جولات يومية. قلنا لأنفسنا: إنه خلال شهر أو شهرين سينتهي الأمر. ولكن فجأة بدأ هذا الأمر يتوسع. توقفت حافلات هنا واحدة تلو الأخرى”.

بالتدريج وضعوا أشياء إضافية في حملة دعائية أحادية الجانب في بيت الدرج في عمارتهم. “فجأة يقف خمسون شخصاً في بيت الدرج، يرتكزون على يد باب شقتي”، قال سامر أبو سبلان الذي يعيش أيضاً في هذا المكان. “في البداية خمسون شخصاً كان يمكن اعتبارهم عدداً قليلاً. مع مرور الوقت، بعض الجولات شارك فيها 300 شخص (“زعماء في المجتمع الإسرائيلي، الجيش، الشرطة وسياسيون، وافترض أنه في نهاية المطاف فإن معظم الأشخاص الذين يأتون إلى هنا هم من المتدينين القوميين”). وعندما زاد عدد الزوار بدأت الفوضى”.

في الليل بدأ في القدوم شباب من الحي من أجل تفريغ غضبهم على البوابة. أحياناً بالطرق القوي. وذات مرة ألصقوا البوابة بالعتبة حتى تُفتح. وعندما تكون البوابة مفتوحة هم أيضاً يدخلون ويقومون برش الكتابات على الجدران.. كتابات مختلفة. شقيق عيد، أحمد أبو رقيق، يعيش في الطابق العلوي في المبنى. وحسب قوله تحول هو والجيران ضحية مزدوجة. “من الذي يعاني من ذلك ومن الذين يستيقظ؟ نحن. نحن الذين نتعرض للضرر من جهتين، اليهود من البؤرة التوراتية الذين يأتون في جولات، والذين يريدون الانتقام منهم”. عندما أدرك أن هذه الجولات هي قلق دائم، أحياناً في ساعة متأخرة في الليل، بدأ يقوم بتصوير قوافل الزوار وهي تصعد إلى الشقة المحروقة وتنزل منها. وفي بعض الحالات سكب المياه عليهم.

حظي أبو رقيق بلقب المعارض الأبرز لهذه الجولات. وقد تم توقيفه للتحقيق عدة مرات في أعقاب تقديم شكاوى ضده بالتهديد والاعتداء. مرة من المرات التي تم فيها توقيف أحمد، كان هذا بسبب أنه أخذ نظارات أحد المرشدين. “اسمع، أن تزيل النظارة لم أعرف أن هذا اعتداء”، قال. “لكن تم إغلاق الملف وكل شيء على ما يرام”.

زياد هو المرشد الذي يرتدي نظارات طبية. وحسب انطباعه، فإن أبو رقيق “لا يحبنا أبداً. هو يكرهنا كثيراً، لست أنا فقط، بل نحن كمجتمع إسرائيلي يهودي. هذا ما يبدو لي”. وقال عن أبو رقيق: “في جميع المواقف التي مررت بها معه لم أرفع صوتي عليه أبداً. حاولت دائماً التحدث إليه، لكنه عدائي”.

كان هذا الموقف فقط المقدمة. قبل نحو شهرين انتهت مواجهة كهذه بمصابين واعتقالات في الطرفين، ورشق الحجارة على كنيس هرب إليه الزوار في الجولة. زياد وأحمد أبو رقيق لم يكونا هناك، لكن عيد كان موجوداً في اللحظة التي اشتعل فيها كل شيء. وحسب قوله، هو عاد من العمل ووجد ابنه الصغير في بيت الدرج. “قمتُ بأخذه وأردت صعود الدرج. ولكن أشخاصاً كانوا يقفون على الدرج بسبب الجولة. قلت لهم: ابتعدوا. ولكن أحدهم أخرج غازاً مسيلاً للدموع ورشه على وجهي مباشرة”، قال. حدث في المكان اضطراب أدى إلى تدخل الشرطة. توجد روايات كثيرة عن الحادثة ذاتها، وهذا يتعلق بمن هو المتحدث. قال السكان اليهود، الذين كانوا في المكان: إنهم كانوا ضحية للاعتداء الذي شارك فيه كثيرون. وما زال هذا الملف لدى الشرطة.

وجاء من بلدية اللد أن “البلدية لها علاقة بالموضوع. وقد تدخلت بين الطرفين في محاولة لجسر الهوة والتوصل إلى تفاهمات. ولكن الحديث يدور عن عقار خاص، والبلدية ليست لديها قدرة على أن تفرض على أصحاب العقار كيفية التصرف”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى