ترجمات عبرية

هآرتس – «سابقة قضائية» خطيرة لها ما بعدها

هآرتس ١٤-٣-٢٠٢٢م – بقلم: شاؤول أريئيلي

في الاسبوع الماضي (28/2) كتب قاضي المحكمة العليا اليكس شتاين في قرار حكم المحكمة التي رفضت التماس فلسطيني ضد تمديد امر وضع يد عسكري على مبنى في الخليل، بأن “وجوداً يهودياً مدنياً يشكل جزءاً من نظرية الدفاع الشاملة للجيش الاسرائيلي”. اذا تحولت هذه الاقوال الى سابقة قضائية تاريخية فهي ستحرك دواليب الزمن اربعين سنة الى الوراء وستخلق واقعا فيه المبرر الامني سيوفر مظلة واسعة جدا لنهب اراضي الفلسطينيين لصالح توسيع المستوطنات. هذا ابتعاد خطير عن القانون الدولي الذي حتى يلغي سابقة المحكمة العليا بشأن الون موريه من العام 1979، التي صاغت سلوك الدولة بخصوص اقامة المستوطنات عن طريق وضع اليد على اراض خاصة في الضفة الغربية.
رفضت المحكمة العليا الالتماس ضد تمديد امر وضع اليد العسكري الذي يمكن الجيش من مواصلة السيطرة على مبان في الخليل، التي بنيت في معظمها على اراض فلسطينية خاصة، بعد أن تم استثناء جزء من الارض في 2018 من امر وضع اليد العسكري، الذي تم اصداره في الثمانينيات لغرض اقامة موقع عسكري (“فصيل المرافق”)، من اجل اقامة حي يهودي جديد (حي حزقياهو الذي يضم 31 وحدة سكنية) بذريعة أن وجود اليهود هو جزء من نظرية الدفاع الشاملة للجيش الاسرائيلي (هاجر شيزاف، “هآرتس”، 1/3).
ردا على ادعاء الملتمسين بأن استثناء الامر في 2018 لصالح استيطان يهودي في المنطقة يدل على أن الاحتياجات العسكرية هي مبرر عبثي. شتاين كتب ايضا في قرار الحكم بأن “وجود مواطني الدولة التي تمتلك اراضي مأهولة يساهم بشكل كبير في الوضع الامني في هذه المنطقة ويسهل على الجيش أداء مهماته”. القاضي اعادنا في هذا الجزء الى قرارات حكم من السبعينيات تعتبر أساسية في النقاش القانوني حول المستوطنات. منها قرار حكم بيت ايل في 1978 وقرار حكم الون موريه في 1979. في هذين الملفين تمت مناقشة اقامة مستوطنات على اراض فلسطينية خاصة على اساس اوامر وضع اليد العسكرية.
في قرار حكم بيت ايل كتب القاضي الفريد فيتكون بأنه “لا توجد حاجة لتكون خبيراً في شؤون الجيش والامن كي تفهم بأن عناصر تخريبية تعمل بسهولة اكبر في الارض المأهولة فقط بسكان غير مبالين أو متعاطفين مع العدو، من الارض التي يوجد فيها اشخاص يمكن أن يتعقبوهم ويبلغوا السلطات عن أي حركة مشبوهة. لديهم لن يجد الارهابيون أي ملجأ أو مساعدة أو معدات. الاقوال بسيطة ولا توجد حاجة للتفسير”. هل في قرار الحكم هذا تجنيد ودفع المدنيين للقيام بعمل عسكري مثل المراقبة والتعقب والابلاغ؟ هل ضمن المجندين يوجد نساء واولاد واطفال؟ هل هذا “التجنيد” لا يحولهم بالنسبة للفلسطينيين ومعظم العالم الى اهداف شرعية في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال رغم أنهم مواطنون ابرياء؟ هل واجب الابلاغ هو انتقائي ولا يشمل الابلاغ عن عصابات الارهاب اليهودية التي تجد عند المستوطنين “ملجأ ومساعدة ومعدات”؟.
في قرار حكم الون موريه قلبت المحكمة العليا سياستها في موضوع مصادرة الاراضي وأمرت باخلاء مستوطنة واعادة الارض الى اصحابها. الادعاء بأن المستوطنة تخدم احتياجات امنية فشل عندما تبين أن وزير الدفاع في حينه عيزر وايزمن ورئيس الاركان في حينه حاييم بارليف يعارضانه وأن مكان المستوطنة اختير من قبل المستوطنين وليس من قبل الجيش. منذ ذلك اليوم في 1979 توقف ضباط الجيش عن التوقيع على بيانات تصادق على اقامة مستوطنات أو توفر احتياجات امنية. وفعلياً هذا الادعاء لم يعد يطرح. ايضا المستوطنون انفسهم تجنبوا الادعاء بالهدف العسكري الامني للمستوطنات وفضلوا الادعاء بالحق الالهي: “نحن استوطنا لأننا أمرنا بوراثة الارض التي اعطاها الله تعالى لآبائنا… الاستيطان نفسه لا ينبع من ادعاءات أمنية ومن احتياجات مادية، بل من قوة الهدف وقوة عودة اسرائيل الى ارضه”، هذا ما صرح به مناحيم فليكس، وهو من رؤساء غوش ايمونيم، باسم المستوطنين. قاضي المحكمة العليا موشيه لنداو رفض هذا الادعاء ايضاً وقال: “في هذا الالتماس يوجد جواب قاطع على الادعاء الذي هدفه تفسير الحق التاريخي الموعود لشعب اسرائيل في سفر الاسفار، كأمر يمس بحقوق الملكية حسب قوانين الملكية الخاصة”.
في النهاية، في 1982، اوضح القاضي اهارون براك ما هي الاحتياجات العسكرية التي تسمح باصدار أمر وضع اليد على اراض خاصة عندما قال: “القائد العسكري غير مخول بموازنة المصالح الوطنية والاقتصادية والاجتماعية في دولته طالما أنه لا يوجد لها تأثير على مصلحته الامنية في المنطقة أو على مصلحة السكان المحليين. وحتى احتياجات الجيش هي احتياجاته العسكرية وليس احتياجات الامن الوطني بالمعنى الواسع” (قرار المحكمة العليا رقم 393/82، جمعية اسكان المعلمين ضد قائد قوات الجيش الاسرائيلي). اذا كان الامر هكذا فكيف يستجيب الحي  المخطط له في حي حزقياهو في الخليل لاحتياجات الجيش؟ هو في الواقع يستجيب لاحتياجات الـ 800 مستوطن ولكن ليس لاحتياجات الـ 250 ألف فلسطيني الذين يعيشون في الخليل.
اضافة الى ذلك، كيف يتساوق قول شتاين بأن وجود المستوطنين “يساهم بشكل كبير في الوضع الامني… ويسهل على الجيش أداء مهماته” مع الواقع على الارض؟. أولا، بسبب وجود الاسرائيليين في الخليل فان الجيش الاسرائيلي يتواجد داخل المدينة ولا يتواجد فقط خارجها، مثلما يعمل في مدن الضفة الاخرى طبقا لاتفاق اوسلو. الجيش اضطر الى وضع جندي تقريبا على كل مستوطن في المدينة، حتى لو كان في بعض الاحيان يقوم بعض المستوطنين باستخدام العنف ضد جنود الجيش. ثانياً، الوجود الاسرائيلي في الخليل هو الذي يخلق الاحتكاك اليومي مع الفلسطينيين الذين وجدوا انفسهم في نهاية الامر مطرودين خارج بيوتهم ومجال حياتهم وكسب الرزق. كيف يتساوق هذا الواقع مع “مصلحة السكان المحليين”؟. ثالثاً، متابعة احداث عنف المستوطنين في السنتين الاخيرتين سواء ضد الفلسطينيين أو ضد قوات الامن تظهر أن الاستيطان اليهودي في الخليل يقف على رأس المناطق المليئة بالعنف من انواع مختلفة في الضفة الغربية.
الاهم من كل ذلك هو سؤال الى ماذا استند القاضي شتاين في اقواله. هل تم تقديم بيان من ضابط كبير في الجيش يدعي أن هناك حاجة امنية لاقامة حي حزقياهو؟ في نهاية المطاف الجيش يخصص 90 في المئة من قواته في الضفة الغربية لحماية الاسرائيليين الذين يعيشون فيها. قوات كثيرة تقوم بحراستهم وحراسة طرق الوصول الى المستوطنات، حتى عندما يدور الحديث عن بؤر استيطانية غير قانونية. اكثر من ذلك، الفحص الذي قمت باجرائه مع ثلاثة جنرالات سابقين في قيادة المنطقة الوسطى يدل على أن وحدة الطوارئ التي تتشكل من سكان المستوطنة يجب عليها العمل فقط داخل حدود المستوطنة في الوضع الروتيني وفي حالة الطوارئ. الحماية المكانية هي من مسؤولية الجيش الاسرائيلي الحصرية. ومن اجل إزالة الشك فان المستوطنات في الضفة ليس لها أي دور في منظومة الدفاع للجيش الإسرائيلي في الحرب. السياسة المتبعة من قبل الجيش هي إخلاء المواطنين الذين يوجدون في كل نطاق قتال محتمل. هكذا هي الحال في الحدود الشمالية وفي هضبة الجولان وفي غلاف غزة.
يناقض قرار حكم شتاين توصيات تقارير عن البؤر الاستيطانية، مثل تقرير المحامية تاليا ساسون في 2005 وتقرير قاضي المحكمة العليا المتقاعد ادموند ليفي في 2012، اللذين رفضا كلياً إقامة مستوطنات على أراض خاصة فلسطينية. سيكون من المحزن اذا تحول قرار الحكم هذا الى معلم في طريق تطور قرارات حكم المحكمة العليا فيما يتعلق بالضفة الغربية، واذا تحول الى سابقة تشرعن من جديد وضع اليد على اراض بملكية خاصة فلسطينية لغرض بناء مستوطنات جديدة باسم الأمن وخلافا للقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى